لم تحدد موريتانيا بعد أي خيار ستعتمده في التعامل مع قضية رئيس الاستخبارات الليبي السابق عبد الله السنوسي المعتقل لديها، فهي تواجه طلبات بتسليمه من ليبيا وفرنسا والمحكمة الجنائية الدولية، وهناك تساؤلات عن شروط وتوقيت التسليم إذا تقرر بالفعل تسليمه. ويوصف السنوسي بأنه "صندوق أسود" لنظام العقيد الراحل معمر القذافي، وتلاحقه اتهامات بالضلوع في قتل مئات الليبيين والأجانب. ولا يكتنف الغموض طريقة تعامل الحكومة الموريتانية مع ملف السنوسي فقط، بل إن دوافع اعتقاله بعد "نجاته" من شباك الأمن المغربي، تبدو مثيرة للانتباه، خاصة أن جهات عديدة ظلت تتهم النظام الموريتاني بدعم نظام القذافي حتى اللحظة الأخيرة. وفي ظل الصمت الرسمي تتضارب التحليلات والتفسيرات بين من يُصدق الرواية الرسمية الموريتانية، وبين من يؤكد أن الأمن المغربي تعمّد ترك السنوسي يمر بصمت نحو الجار الموريتاني بهدف إحراجه، أو كان ذلك بتنسيق مع الفرنسيين القادرين على ضمان تسلمه من النظام الموريتاني الحليف لهم، والذي لا يرتبط في المقابل بعلاقات "قوية" مع السلطات الليبية الحالية. وقد عبرت فرنسا عن قرحتها العارمة من دون تحفظ، وكأ في الأمر ان، أو ربما محاولة دفن أسرار كانت تربط نظام ساركوزي بالقذافي، حيث نقلت الصحافة مؤخرا وجود علاقات قوية بي الرجلين قابلها ساركوزي بالفي. وباعتقال رئيس المخابرات الليبية السابق عبد الله السنوسي الذي اعتقلته السلطات الموريتانية، ذهبت فرنسا وبكل برودة دم تحاول جاهدة الحصول عليه عن طريق المطالبة بتسلمه، لأنه أدين غيابيا بالسجن مدى الحياة عام 1999 لدوره في اعتداء على طائرة فرنسية عام 1989. وزعمت فرنسا أحقيتها بالسنوسي، في موقف غريب، في بيان تحت غطاء أنه "نتيجةُ جهود مشتركة فرنسية موريتانية، تابعتها السلطات الليبية، سيسمح خلال الساعات المقبلة لفرنسا برفع طلب اعتقال بهدف تسلمه من القضاء الموريتاني". وذكرت الرئاسة الفرنسية أن "مذكرة توقيف دولية صدرت بحق عبد الله السنوسي بعدما أدانته محكمة فرنسية غيابيا بالسجن مدى الحياة يوم 19 سبتمبر 1999 لدوره في اعتداء العاشر من سبتمبر 1989 على طائرة تابعة لشركة يوتا أسفر عن مقتل 170 راكبا بينهم 54 فرنسيا". وسبق أن صدر حكمٌ بالسجن المؤبد بحق السنوسي من قبل محكمة في باريس في مارس 1999 بعد إدانته بالتورط في تفجير طائرة "دي سي 10" التابعة لشركة يوتا عام 1989. وقالت السلطات الأمنية الموريتانية في بيان لها، إنها اعتقلت مدير المخابرات الليبية السابق لدى وصوله مطار نواكشوط قادما من الدارالبيضاء، وهو يحمل جواز سفر ماليا مزورا. ونقل بأن السنوسي وصل على رحلة الخطوط المغربية مساء الخميس الفارط إلى مطار نواكشوط، واعتقلته سلطات الأمن عند وصوله مكاتب الشرطة، مشيرا إلى أنباء غير مؤكدة عن وجود نجله معه. وطبقا لمعلومات أمنية، فإن السنوسي نقل إلى مكان سري تابع لإدارة أمن الدولة للتحقيق معه. والسنوسي (62 عاما) شغل لوقت طويل منصب رئيس الاستخبارات العسكرية في ليبيا، وصدرت بحقه مذكرة توقيف من قبل المحكمة الجنائية الدولية يوم 27 جوان الماضي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية منذ بدء الثورة الليبية منتصف فبراير 2011 وخصوصا في طرابلس وبنغازي ومصراتة.