تواجه حاليا حرفة النحاس الفن الذي تشتهر به العديد من المدن الجزائرية خطر الزوال بسبب غياب آفاق تستهدف إعادة تثمينها، حسب ما أجمع عليه بعض حرفيي النحاس. وأشار حرفيون في النحاس إلى أن هذا الفن المتوارث عن الأجداد قد عرف عزوفا من مهنييه الذين خضعوا للأمر الواقع بعد عديد المحاولات الفاشلة لمواجهة العوائق المفروضة، خاصة غلاء المادة الأولية وندرتها. كما أن أوراق النحاس المعروضة بالأسواق المحلية من النوع الرديء وتباع بأسعار باهظة. وحسب ما أشار إليه الحرفي يوسف، أحد مهنيي النحاس القدامى الذي يرى بأن هذه الأسواق التي لا تخضع للمراقبة، لا تفسح المجال أمام أي حرفي ولا تحفزه على العمل. وبالنسبة لهذا الحرفي الذي بلغ عقده الستين، وعلى غرار زملائه الذين تأسفوا لعدم رد الاعتبار لهذه المهنة، فقد مضى الوقت الكافي لكي يتخذ المسؤولون المحليون الإجراءات الضرورية لحماية هذه الحرفة المدرة للربح والموفرة لمناصب الشغل. ويقضي معظم حرفيي النحاس بمدينة الصخر العتيق الذين دخلوا مرحلة التقاعد، مكرهين بسبب العوائق التي تشمل القواعد الرئيسية لهذه الحرفة، يقضون أوقاتهم في تنظيف القطع القديمة المصنوعة من النحاس داخل محلاتهم الصغيرة. كما عبر حرفيو النحاس الذين تم التحدث إليهم بورشاتهم الصغيرة التي لم تشتغل منذ أعوام، عن انشغالاتهم المتعلقة بهذه الحرفة، مشيرين إلى أنه: "ليس من المجدي الخوض في مخاطر هذه الحرفة التي لم تعد تحظى بالاعتبار الذي يليق بها". كما أن الشباب لا يولون أي اهتمام لهذه الحرفة التي أصبحت بالنسبة إليهم غير مربحة ولا تلبي احتياجاتهم، حسب ما أوضحه من جهتهم مسؤولون بغرفة الصناعة التقليدية والحرف، الذين أشاروا إلى العوائق الكثيرة التي تعرقل تنمية هذا الفن. ويبرز غلاء أسعار المادة الأولية وانعدام المساعدات التي من شأنها الإسهام في تجاوز الصعوبات، من بين العوائق الرئيسية التي تعرقل أي مشروع لاستحداث ورشة لصنع منتجات نحاسية، حسب ما أوضحه مسؤولون بغرفة الصناعة التقليدية والحرف الذين أكدوا على تلقي عدد قليل فقط من طلبات الحصول على بطاقة حرفي مختص في صناعة النحاس. كما اعتبر العديد من ممارسي هذه المهنة بأن فن النحاس يشكل أولوية مستعجلة لضمان بقاء هذا التراث الذي يرمز إلى هوية الجزائريين.