وعبر بعض أعضاء النقابة وبعض المحاربين القدامى الذين لازالوا على قيد الحياة، خلال نقاشات المحاضرة عن حنينهم إلى الأيام التي قضوها في الجزائر، مسترجعين ذكرياتهم في الجزائر من خلال صور تصف عمليات زرع الألغام، ويومياتهم في الجزائر. وتأتي هذه المحاضرة، أياما بعد الإعلان عن المجلس البرلماني الفرنسي الجزائري، والذي عبر فيه مسؤولون جزائريون عن عزمهم على توطيد أواصر الصداقة مع فرنسا، وطي صفحة الحرب التحريرية. وتعتبر مثل هذه التظاهرات طعنة في ظهر مسار التعاون بين البلدين، والذي قامت الجزائر بربطه بمراجعة الفرنسيين لنظرتهم للحقبة الاستعمارية. وفي الوقت الذي تطالب فيه الجزائر بتقديم اعتذار رسمي عن الاستعمار، والاعتراف بالجرائم المرتكبة في هذه الفترة، تصر عدة أطراف فرنسية على استخدام نفس اللغة التي استعملت ضد الجزائريين أثناء الثورة التحريرية، واعتبار الجنود الفرنسيين الذين قاموا بجرائم فظيعة في حق الجزائريين "مدافعين على شرف فرنسا"، ضمن ما يسمونه "واجب الذاكرة". صارت تتكرر في كل مرة فرنسا تهين مسؤولين جزائريين يتداول المسؤولون الفرنسيون في كل مرة على تعمد الإهانة للشعب الجزائري و لمسؤوليه ولتاريخه كلما وجدوا فرصة لذلك، فلازالت مسألة الاعتراف بجرائم الاستعمار محسومة بالنسبة للطرف الفرنسي، الذي وصلت الجرأة بمسؤوليه إلى أن يعتبروا أن الذي حدث كان حربا وقع فيها ضحايا من كلا الطرفين، في ما يشبه رسالة موجهة للجزائريين بأن ينسوا قضية الاعتراف والمطالبة بالتعويض، والأمور لم تتوقف عند هذا الحد لأن المسؤولين الفرنسيين أكثر إصرارا على طي صفحة الماضي وفرض وجهة نظرهم فيما يخص التاريخ، و لكن اللوم هنا لا يقع على فرنسا، خاصة وأن الكل يعرف فرنسا التي لم تغير شيئا من طريقة تفكيرها في كل شيء يتعلق بالجزائر لكن المحير هو هذه السلبية التي يجابه بها الجزائريون فرض الأمر الواقع المنتهج من طرف فرنسا، لدرجة أن صرنا نسمع أن الاستعمار الفرنسي في الجزائر كانت له فوائد كبيرة، ولم يستطع أحد أن يتحرك أو يوقف هذه الافتراءات التي أقل ما يقال عنها أنها بذيئة ودنيئة من طرف دولة لازالت تسري في دماء مسؤوليها عقلية الاستعمار والاحتلال، ولا أدل من ذلك إهانة وزير الخارجية الفرنسي "برنارد كوشنير" لرئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري ورفض استقباله في باريس، وليست هي السابقة الأولى "لكوشنير" في تعامله مع المسؤولين الجزائريين، حيث كان قد قام في العام الماضي بإهانة الجزائر حين رفض امتطاء سيارة خصصتها رئاسة الجمهورية له لتقله من المطار إلى مقر السفارة الفرنسية وأصر على سيارة السفارة الفرنسية، وكان أيضا الوزير نفسه قد أهان وزير المجاهدين محمد شريف عباس حين رفض أن يذكر إسم الوزير على سمعه حين سأله أحد الصحفيين عن تصريحات الوزير. والملاحظ أنه منذ وصول الرئيس الفرنسي الحالي "نيكولا ساركوزي" إلى سدة الحكم في فرنسا والإهانات تتوالى تباعا على الشعب الجزائري وتاريخه ومسؤوليه، والمشكلة الآن في سر الصمت المطبق الذي صار ميزة مسؤولينا رغم أن إهانة أي مسؤول جزائري مهما كان بسيطا هي إهانة للجزائر دولة وشعبا، والأكثر من هذا توجد الأسرة الثورية في سبات يشبه الرضا بما يحدث، وكأن وظيفتها هي شرح التاريخ والمطالبة بالحقوق دون محاولة رد الاعتبار لوطن لازال لم يتخلص بعد من آثار استعمار هو أبشع استعمار في العصر الحديث.