قيادات سياسية ودينية فلسطينية تطلق صفارات الإنذار الأخيرة نبهت قيادات سياسية ودينية فلسطينية إلى أن إسرائيل بدأت فعليا في بناء "الهيكل المزعوم"، فقد أقدمت على هدم مبان حكومية إسلامية من الحقبة الأيوبية في ساحة البراق التي تبعد خمسين مترا عن المسجد الأقصى لإقامة مخطط تهويدي متعدد الاستعمالات بارتفاع أربعة طوابق أطلق عليه اسم "بيت شتراوس" بمساحة 1716 متر مربع رصدت له ميزانية أولية بقيمة عشرين مليون دولار. ووجهت القيادات نداء وصرخة استغاثة إلى القادة العرب والأمة الإسلامية والعربية، مؤكدة أن إسرائيل تواصل مشاريعها التهويدية منذ احتلت القدس عام 1967، وتقوم في هذه المرحلة بتهيئة الظروف لفرض الأمر الواقع تمهيدا لبناء "الهيكل المزعوم". وكشفت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث في مؤتمر صحفي عقد الأحد في القدسالمحتلة عن خرائط ومخططات وتفاصيل المشروع التهويدي، وعرضت فيلما وثائقيا لهدم وتدمير المباني الإسلامية وطمس المعالم التاريخية والحضارة العربية، ومواصلة الحفريات في تل باب المغاربة وتكثيفها بمنطقة القصور الأموية لإقامة حدائق توراتية ومطاهر للهيكل المزعوم، في حين تشهد سلوان معركة شرسة من حفريات لإقامة متحف للتراث اليهودي سيربط بشبكة الأنفاق وما يسمى "مدينة داود". واستعرض مدير مؤسسة الأقصى أمير الخطيب الخرائط التفصيلية لمشروع "بيت شتراوس" الذي سيربط بشبكة الأنفاق تحت الأقصى والبلدة القديمة. وعرض مراحل هدم حي تل المغاربة من العام 1967 لإنجاز هذه المشاريع وفرض أمر واقع في المكان، كما قام بعرض موثق لعمليات الهدم المتواصلة للأبنية الإسلامية والتاريخية غرب ساحة البراق وتخوم الأقصى في سبيل التعجيل في وضع البنى التحتية وحجر الأساس للمشروع المذكور. ويضم مشروع "بيت شتراوس" الذي يشرف عليه مباشرة مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية كنيسا يهوديا ومدرسة تلمودية وقاعات للإثراء التهويدي حول ما يعدونه "إرث المبكى" وقاعات استقبال تضم مكتبة لعرض أفلام فيديو تزويرية تسمى "الرحلة لأورشليم". كما يضم مكاتب للحاخامات وغرفة عمليات ضمن مركز شرطي وأمني لقوات الاحتلال وغرف تشغيل وصيانة ونحو مائة من الحمامات للرجال والنساء على حساب جدران أعمدة تاريخية تعود للفترة الإسلامية ومطاهر لليهود التي تعد مقدمة لبناء الهيكل بالمكان. وأكد خطيب المسجد الأقصى عكرمة صبري أن الفعاليات المقدسية والفلسطينية ستصعد من نضالها من خلالها أنشطة تعبوية وجماهيرية تتوج الخميس القادم بخيمة اعتصام بعنوان "القدس والأقصى" سعيا لتحريك ضمائر الأمة وتجنيدها لمعركة المسجد الأقصى، "الذي لا يجب التعامل معه على أنه مبنى أثري فقط، فهو جزء لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية وتراثها وحضارتها، ويجب اعتبار المساس به مساسا بكل مسلم بالعالم". وطالب صبري ب"الخروج من دائرة الصمت حيال عملية التطهير العرقي التي تتعرض له القدسالمحتلة من خلال الهدم والتشريد والإبعاد والتضييق على المواطن المقدسي ومساومته على وجوده ولقمة عيشه، وذلك بالتوازي مع مشاريع التهويد التي باتت بباحات المسجد الأقصى وتستهدف صلبه"، ودعا "لتوظيف الربيع العربي واستغلاله للتحرك نصرة للأقصى وبغية تحرير القدس وإعادتها إلى الحاضنة العربية والإسلامية". بدوره حذر رئيس الحركة الإسلامية بالداخل الفلسطيني الشيخ رائد صلاح من المساس بالمسجد الأقصى، ونبه إلى "جنون الاحتلال الإسرائيلي الذي تمادى بمشاريعه ومخططاته باستهداف المواطن المقدسي ليتسنى له الاستفراد بالأقصى الذي يمر بمرحلة عصيبة ومفصلية، لتأتي عمليات تدنيس المقدسات والاقتحامات للأقصى وساحاته من قبل المستوطنين والسياح الأجانب لترسخ بأذهان المجتمع الدولي كذبا وبهتانا بأن ساحات المسجد ما هي إلا ساحات عامة". وأكد صلاح أن مشروع ما يسمى "بيت شتراوس" يندرج ضمن مخططات "لفرض طوق استيطاني وتهويدي حول الأقصى المحاط بمائة كنيس ومدرسة تلمويدية، وبالتالي المشروع الحالي ما هو إلا حجر الأساس لمبنى الهيكل المزعوم". واعتبر ذلك " بمثابة شن حرب على الأقصى، خصوصا أنه تحرك في هذه المرحلة مشاريع قوانين بالكنيست الإسرائيلي لتقسيم الأقصى بين المسلمين واليهود، وتأتي بالتزامن مع التصريحات العلنية لقيادات الحركة الصهيونية ووزراء بالحكومة الذين كشفوا عن دعمهم لبناء الهيكل المزعوم مكان الأقصى". وطالب صلاح قيادات الأمة باليقظة حيال جرائم الاحتلال "التي باتت تستهدف صلب الأقصى خاصة مشروع "بيت شتراوس الذي سيكون وكأنه امتداد لساحات المسجد الداخلية، وعليه، حفاظا على كرامة الأمة الإسلامية والعربية ومن أجل استعادة حقها التاريخي والعقائدي بفلسطين"، ودعا إلى وضع مخطط إسلامي عربي فلسطيني للتعجيل بزوال الاحتلال عن القدس والأقصى. وانضم رئيس لجنة المتابعة العليا بالداخل الفلسطيني محمد زيدان إلى مطلب الشيخ صلاح، قائلا إن مواصلة أعمال الهدم للمباني الإسلامية بساحة البراق وتخومها وتل باب المغاربة يؤكد أن الأقصى في خطر شديد، "وعليه فهذا التصعيد الاحتلالي الاستيطاني والتهويدي ستكون له تداعيات خطيرة ستجر منطقة الشرق الأوسط إلى صراع دموي لم تعهده من قبل". وناشد زيدان الأزهر ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية الأخذ بزمام المبادرة لوقف الاعتداءات التي يتعرض لها الأقصى وباتت تهدد وجوده، ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لثنيها عن مخططاتها التهويدية والاستيطانية بالأقصى ومحيطه، كما دعا مصر والأردن وفلسطين "لتضافر الجهود لتحريك دعاوى بالمحافل الدولية ضد إسرائيل حيال ما تقوم به من جرائم بالأقصى والقدس".