الجيش الأمريكي ينسحب لأول مرة من المدن العراقية انسحبت أمس قوات الاحتلال الأمريكي من المدن العراقية، لتستقر في قواعد عسكرية خارج البلاد، حيث تعد هذه العملية الأولى من نوعها بعد مرور ست سنوات على الغزو الأمريكي للعراق الذي شرد وقتل الكثير من العراقيين، فضلا عن زج العديد منهم في زنازين دون توجيه أي تهم لهم . ويأتي الانسحاب الأمريكي من المدن العراقية على أن يتولى نحو 750 ألف عنصر من قوات الحكومة العراقية، وسط هزيمة تاريخية ألحقتها المقاومة العراقية بآلة الحرب الأمريكية، بغض النظر عن الهزيمة على المستوى السياسي بالحكومة الأمريكية، حيث أعلنت القوات الأمريكية عن سقوط العديد من الجنود الأمريكيين قتلى، عشية انسحاب الجيش من المدن بموجب الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد و واشنطن. ويرى المحللون السياسيون أن الانسحاب الأمريكي من المدن العراقية ستكون له تداعيات استراتيجية وتكتيكية واسعة النطاق على المستوى الدولي والإقليمي وكذا داخل العراق. فمن الناحية التكتيكية المقاومة التي حققت النصر على الجانب الأمريكي، وألحقت بآلته الحربية هزيمة تاريخية، حتى أنها لم تترك له فرصة الانسحاب تمر بهدوء ، إذ ضاعفت عملياتها ضد الجيش الأمريكي وألحقت به خسائر كبيرة، الأمر الذي جعل الجنود الأمريكيين يعيشون في حالة نفسية ومادية سيئة للغاية، لا سيما وأن هناك حجما هائلا من المعدات والجنود والعتاد العسكري ينبغي على الجيش الأمريكي تأمين سحبه من العراق ومن الصعب طبعا خروجها في ظل تربص المقاومة بها في كل مكان، بالإضافة إلى ذلك فإن عملية السحب ربما تتسبب في فجوة بين القوات المنسحبة أولا والقوات الباقية مما يعطي فرصة للمقاومة لإنزال قدر هائل من الخسائر، من خلال استغلال تلك الفجوة بالطرف الأمريكي، ويتحول الانسحاب إلى فضيحة عسكرية أمريكية . فيما يخص سيناريوهات ما بعد الانسحاب، يرى المتتبعون للملف العراقي أنه من نتائج هذا الانسحاب الدور الإيراني في العراق والذي يكمن في استغلال فرصة خروج الجيش الأمريكي لنسج علاقات مع وجود قوى تابعة لها في القطاع الشيعي والكردي ، مما يعني حصول إيران على مكاسب ضخمة، بالإضافة إلى الدور التركي في المنطقة و الذي يكمن في حماية التركمان من كردستان العراق . كما يرى المحللون أن هناك احتمالات تحول العراق إلى فوضى شاملة بحيث تتحول إلى مناطق مفرزة لعشرات الجماعات التابعة للقاعدة أو غير القاعدة أو للبعث أو للمليشيات الكردية والشيعية بحيث تتمزق العراق إلى دويلات ويستحيل إقامة دولة من أي نوع ، الأمر الذي سيحوِّلها إلى مرتع لكل جماعات وعناصر الإرهاب من كل الأطياف .