تشتهر ولاية تبسة وعلى غرار ولايات الشرق كخنشلة، أم البواقي وباتنة بالاستعمال المكثف للبارود في الأعراس وحفلات الزفاف والختان، وهذا رغبة في صنع أجواء تضاهي تلك التي تعود عليها آباؤنا وأجدادنا في "أعراس زمان "وإضفاء صبغة مميزة على الأفراح. السلاح أو كما يطلق عليه أصحاب المنطقة"الفوشي" إرتبط إسمه منذ الأزل بعادات أجدادنا التي كانت تقدس معاني الرجولة والشجاعة والشرف وتضع لها ألف حساب، حيث كانت تنيب كل هذه الصفات إلى كل من كان يحمل بارودة ما يدفع "ناس زمان"إلى الإصرار على امتلاكها، وهذا بهدف الحفاظ على العرض والشرف وكذلك للصيد والدفاع عن النفس،ولإحياء الحفلات والاعراس، وغالبا ما يكون الخيالة أكثر مستعمليها في مثل هذه المناسبات الذين لايحلو لهم العرس إلا بالتسابق على أنغام أغاني النساء وزغاريدهن مستعرضين كيفية استعمالهم ل"الفوشي"مرتدين أزياء جميلة متمثلة في "الڤنور، الملحفة"،الزمالة الصفراء التي يشدها الفارس بالخيط ويثبتها على رأسه،"القاط والجليلة" وهما عبارة عن قميص وسترة مطرزة بالمجبود،السروال العروبي والمست أو الجزمة الجلدية، أما عن الخيل فيكسونها حلة جميلة تتمثل في السرج المطرز بالمجبود،اللجام والجلال،لتبدأ بعدها عروض الفروسية الساحرة،ولازالت مثل هذه التقاليد تتصدر اهتمامات المواطن التبسي لحد الساعة،إثر إحيائهم حفلات الزفاف، إذ تصحب فرق الخيالة مواكب السيارات التي يتناوب فيها ركابها مع الخيالة عمليات إطلاق البارود. أثرياء المنطقة يتخذون "الفوشي "وسيلة للتباهي فيما بينهم، إن ظهور جيل جديد من الشباب والأثرياء جعل من السلاح وسيلة للتفاخر والتباهي بينهم لا أكثر ولا أقل، وأصبح الكثيرون منهم يستعملونه بمناسبة وبغير مناسبة، حيث لا يخلو عرس ولافرح من طلقات البارود التي أضحت تصنع يوميات المواطنين مع حلول فصل الصيف، وأصبح إطلاق البارود وسيلة للتباهي والمجاملة من طرف مالكي الأسلحة لأقربائهم وأصدقائهم والتي تنحصر مجملها في البندقية من فئة 12و16ذات الماسورة الواحدة أو المزدوجة، إضافة إلى المسدسات التي يملكها أعوان أسلاك الأمن، حيث يعمد أصحاب الأعراس في الغالب إلى دعوة هؤلاء شأنهم شأن، أصحاب السيارات الفاخرة، وحسب ما جرت العادة فإن أكثر الأوقات التي تطلق فيها النيران تكون عند انطلاق موكب السيارات من منزل العريس وصولا إلى منزل العروس من أجل زفها إلى بيت زوجها ومن ثمة العودة،وكذلك بعد العودة حيث تعم فوضى عارمة بسبب البارود الذي يشعرك بأنك في حرب. حوادث سببها الإطلاق العشوائي للنار بالرغم من النكهة التي تضفيها طلقات البارود على الأعراس والحفلات والدور الذي تلعبه في خلق أجواء جميلة، إلا أن هذا لا ينفي مخلفاتها وآثارها السلبية على المواطنين سيما العائلات المعنية بالأفراح، فغالبا ما نسمع بعد موكب عروس حافل بالسيارات الضخمة وطلقات البارود المكثفة وفاة شخص أو إصابة آخر بطلقة نارية خاطئة عادة مايكون المتسبب فيها شباب متهورين أو حتى أطفال ناهيك عن حوادث المرور التي قد تحدث بسبب تسابق السيارات فيما بينها، وهذا بسبب عدم التعقل والتريث والتحلي بالحكمة في مثل هذه المواقف،زيادة على حالات الجرح والقتل الخطأ، نجد الكثير من حالات الهلع والخوف والرعب وحتى الانهيارات العصبية التي تحدثها لاسيما بين أوساط الأطفال الصغار لدرجة أننا وجدنا بعضا منهم يعزفون عن الخروج من المنزل في حال سماع مزامير السيارات.