اتهم سكان "واد جاكان" الفوضوي بالرغاية السلطات المحلية بالمحسوبية والازدراء، ودقوا ناقوس الخطر جراء تدهور الوضع البيئي لهذا الحي الذي يعاني الأمرّين منذ أزيد من ثلاثين سنة، مطالبين التدخل العاجل للقاضي الأول للبلاد لإنقاذهم قبل فوات الأوان. دقّ سكان البيوت الفوضوية المنتشرة بحي الشهيد أحمد عوفي ببلدية الرغاية، والمعروف ب"واد جاكان" ناقوس الخطر جراء الوضع الكارثي الذي يعيشون فيه منذ أزيد من 30 سنة في ظل انتشار المزابل الفوضوية وتلوث الواد وانعدام شبكة الماء الشروب مما أدى إلى انتشار الأمراض والأوبئة في أوساط السكان إلى جانب الفقر المدقع. يضم الحي المذكور أكثر من 300 بيت فوضوي شيّدت جدرانه بالإسمنت وتتمثل أسقفه من القصدير، أو القصب والقماش. ويعيش القاطنون به في ظروف جد صعبة بسبب موقعه، حيث شيدت هذه المنازل على جانبي الواد الذي يعرف باسم "جاكان " الذي يشهد انتشار الأوساخ في كل مكان في ظل غياب الحاويات المخصصة لهذا الشأن ببعض الأحياء مما يدفعهم إلى رمي قمامة المواد الاستهلاكية على ضفاف الواد. والأمر لا يقف عند هذا الحد؛ بل يمتد لأكثر من ذلك إذ يلجأ باعة السوق البلدي الذي يقع بمحاذاة الحي إلى رمي النفايات في ذلك الواد، أو حرق الأوساخ متسببين في انبعاث دخان كثيف غير مبالين بما يسببونه من أمراض وإزعاج لسكان الحي. وما زاد الطين بلة سعي الشركات الناشطة بالمنطقة الصناعية بالرغاية إلى تفريغ فضلاتها من مواد كيماوية بالواد مما يشكّل خطرا حقيقيا يترصد صحة سكان الحي الفوضوي، ويبعث على القلق بسبب ما ينجم عن هذه المواد من أضرار كارثية. مشاكل لا تعد ولا تحصى "الأمة العربية" تقرّبت من سكان الحي ووقفت على المعاناة التي يعيشها هؤلاء بشكل يومي، وقد علمنا أن عدد المنازل لم يكن يتعدى السبعة بيوت متواضعة خلال سنوات السبعينيات من القرن الماضي، ونقلت العائلات بعدها من أراض زراعية كانت عبارة عن "أحواش" أقامت فيها منذ تاريخ الاستقلال بحجة بناء شركات صناعية حينها، لتنتقل تلك العائلات إلى واد "جاكان" وبعدها تزايد عدد النازحين إلى المنطقة المذكورة يوما بعد يوم، لكن السلطات المحلية وفي إطار محاربة البيوت الفوضوية هدمت تلك المنازل سنة 1984، حسب ما قاله السكان الأصليون بالحي، لكن الوافدين على المنطقة، خاصة خلال سنوات العشرية السوداء، استغلوا المساحة المتوفرة على ضفاف الواد من أجل بناء بيوت تقيهم من العراء، وبمرور الوقت أصبح عددهم يتضاعف، ومع زيادة السكان تفاقمت المشاكل وأضحت لا تعد ولا تحصى، في ظل انعدام الماء الشروب المادة الحيوية التي تقوم عليها متطلبات الحياة اليومية من شرب وطبخ وغسيل وغيرها من المهام التي تظل مرهونة في هذا الحي ب"متى توفر لدى رب العائلة أو أبنائه الصغار الوقت لجلب الماء إلى بيوتهم من المساجد القريبة أو ممن يعطف عليهم من سكان الأحياء المجاورة !!"، خاصة منهم المقيمين في الجهة العليا من الحي، ولمّا اشتكى السكان لدى مصالح البلدية قامت هذه الأخيرة بإيصال أنبوب للماء وضعته بجوار الواد، حيث تنتشر الروائح الكريهة والنفايات من أجل أن يتزود هؤلاء السكان بالماء. أما فيما يخص القمامة التي تنتشر عبر كافة أرجاء الحي، فحدّث ولا حرج، خاصة بعدما تأكد السكان بأن الشركات الصناعية تلجأ إلى تفريغ مواد كيماوية مشعّة في الواد المحيط بهم. ورغم خطورة الوضع فقد توجّه المتضررون للبلدية بنداءات عديدة قوبلت بالرفض واللامبالاة، رغم أن رئيس المجلس البلدي الحالي دشن حملته الانتخابية أثناء ترشحه من هذا الحي الذي طالب مساندة أهله في اختياره حتى يقف إلى جانبهم مدعيا -حسبما قال بعض المواطنين- أنه "لن يضع بابا لمكتبه، وإنما يكتفي بوضع "إزار" حتى لا يفصله عن مواطني بلديته ومطالبهم أي شيء"، لكن الحال الذي هو عليه حاليا ينم عن العكس تماما، فلم تعد السلطات المحلية تلتفت البتة لنداءاتهم المتكررة، إضافة إلى ذلك هناك مشكل اهتراء الطرقات وانتشار الأوحال والبرك في فصل الشتاء بينما تتصاعد الأتربة خلال الصيف. الأوبئة والأمراض رفيق دائم ليومياتهم يعاني معظم سكان الحي الفوضوي لواد جاكان بالرغاية من أمراض تنوعت بين التنفسية والحساسية الحادة إلى جانب أمراض أخرى نتيجة لما يحيط بهم من جو ملوث ملء بالروائح الكريهة والحشرات السامة وجريان المياه القذرة بين مسالك الحي نتيجة انعدام قنوات الصرف الصحي لدى أغلبية السكان إلاّ البعض ممن قام ببناء مجاري تصب في الواد بطريقة عشوائية، إلى جانب هيجان القوارض طيلة فصول السنة الأربعة، ليل نهار. هذه العوامل مجتمعة زادت من المعاناة الصحية لهؤلاء المواطنين وضاعفت من تدهوها يوما بعد الآخر، حتى أنهم يستقبلون بضعف الخدمات الصحية المقدمة من طرف العيادة المتعددة الخدمات والمتوفرة ببلدية الرغاية بسبب الاكتظاظ مما يدفعهم في كثير من الأوقات لمستشفى الرويبة. نداءات تتكرر لم تلق آذان صاغية رغم النداءات العديدة والمراسلات الكثيرة التي بعث بها سكان واد جاكان الفوضوي لمصالح البلدية والدائرة، وحتى الولاية من أجل التدخل لتسوية وضعيتهم السكنية، حيث وُعِد هؤلاء مرات كثيرة بالسكن، أو تهيئة الحي من أجل ضمان سلامة أبنائهم على الأقل والاهتمام بمشاكلهم، إلاّ أن تلك النداءات لم تلق آذانا صاغية، ولم تقابل بالاهتمام من أية جهة كانت، وهو الأمر الذي ولّد سخطا كبيرا لدى المعنيين. وحسب أحد السكان فإن "سياسة اللاّمبالاة" التي قابلتهم بها السلطات المحلية بلغت خلال أزمة زلزال 21 ماي 2003 حد الاستخفاف بهم، حيث تقدمت مصالح البلدية لسكان الحي ب7 خيمات حتى ينصبوها بمحاذاة الواد و يحتموا فيها دون الانتباه لعدد العائلات التي تقطن الحي، وقد تجاوزت هذه العائلات 300 عائلة حتى أن هذه الخيم لم تتسع للأطفال والنساء. محسوبية غير مبررة اتهم سكان حي الشهيد أحمد عوفي المعروف بواد جاكان السلطات المحلية بتعمد سياسة المحسوبية، والرشوة في توزيع السكنات ودليلهم في ذلك أن عددا من العائلات جاءت إلى حيهم وبنت بيوتا فوضوية في مدة قصيرة وبعضهم لم يتجاوز شهورا قليلة لتستفيد من سكنات اجتماعية بالأحياء التي شيدت مؤخرا بالقرب منهم، وهذا الأمر دفع بالكثير ممن التقتهم "الأمة العربية" في جولة استطلاعية قادتها إلى الرغاية يستشيطون غضبا ويهددون بتصعيد الأمر حتى يصل نبأهم لرئيس الجمهورية حتى ينصفهم. من جهتها، بلدية الرغاية نفت على لسان نائب رئيس البلدية المكلف بالإدارة والمالية، السيد علي عزيز، بعدما تعذّر لقاء رئيس البلدية ولو عبر الهاتف، مسؤولية التكفل بسكان هذا الحي الفوضوي تاركة الأمر لبرنامج رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بينما اكتفت مصالح البلدية بتنصيب مركز مراقبة بالحي المذكور على حد قوله. وإلى أن تسوّى الوضعية المزرية التي يعيش فيها سكان حي واد جاكان الفوضوي، يبقى الحال على ما هو عليه في انتظار الفرج.