عادت الانفجارات مرة أخرى إلى مصر، لتضرب هذه المرة واحدا من أهم مصادر الدخل للبلاد، حيث استهدف انفجار أول أمس السياح الأجانب وأماكن تجمعاتهم في حديقة مقابلة لمسجد الإمام الحسين وسط القاهرة، أسفر عن مقتل سائحة مصرية وجرح نحو 20 آخرين، أربعة منهم في حالة خطيرة، معظمهم أجانب. وقد جاء هذا الانفجار في وقت تشهد فيه مصر أوضاعا ليست على ما يرام، فالأزمة الاقتصادية في قمتها والعمال والنقابات دخلوا مرحلة الاعتصامات، والحياة السياسية تشهد هي الأخرى أزمة نتيجة قمع المعارضة والتيارات الإسلامية. يرى محللون سياسيون أن من يقف وراء هذا الانفجار واختياره لهذا الظرف بالذات، قد خطط له بشكل محكم، ما يعني أن تنظيما كبيرا يقف خلفه، وهذا الهجوم لم يكن بالمرة عملا فرديا، لأن الهدف اختير بعناية فائقة لإحداث أكبر حجم من الخسائر المادية والبشرية معا. والجهة التي استهدفت السياح الأجانب بهذا التفجير، تعمدت استهداف العصب الاقتصادي في البلاد، وهو واحد من أهم مصادر الدخل في مصر، حيث يدخل سنويا حوالي 14 مليون سائح إلى البلاد، وهذا يعني إنفاق هؤلاء السياح حوالي 8.2 مليار دولار، الأمر الذي يدل على أن من يقف وراء هذه التفجيرات أراد ضرب الحكومة المصرية في أكثر المناطق حساسية. يذكر أن هذا الهجوم الأخير لم يكن الأول، كما أنه لن يكون الأخير، فقد تعرّضت المنتجعات السياحية المصرية في شرم الشيخ، والهدف كان دائما هو ضرب السياحة المصرية وكذا طابا في سيناء، حيث كان معظم القتلى في انفجار طابا من الإسرائيليين، الأمر الذي يثير الشك والريبة، لا سيما بعد أن أعلن حينها الرئيس المصري مبارك في تعليقه بأنه يرفض الابتزاز من أجل الحصول على مصلحة ما ودفع الحكومة المصرية إلى انتهاج سياسة تخدم الجهة التي تقف وراء الانفجار، خاصة بعد فتح معبر رفح والسماح للجرحى الفلسطينيين بالدخول إلى مصر قصد العلاج ومحاولات التوفيق التي تقوم بها مصر بين حماس وفتح، فهي كلها مؤشرات تدل على أن الموساد وراء كل هذه الانفجارات للضغط على مصر لتغيير سياستها ومواقفها. ويرى محللون سياسيون، أن هذه الانفجارات لا علاقة لها بالمنظمات الإسلامية كما تدعي إسرائيل، من خلال اتهامها لبعض الجهات الإسلامية في ضلوعها في مثل هذه الانفجارات والأعمال الإرهابية التي تزامنت مع الأزمة التي تشهدها مصر، وفشل الأمن المصري في العثور على الضالعين فيها، ويؤكدون أن مدبرها يهدف إلى إشعار مصر بعجزها في مكافحة هذه الجماعات، وصاحب هذه النظرية هو إسرائيل التي تعمل جاهدة للضغط على الحكومة المصرية قصد المزيد من التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، وبالتالي إحكام القبضة على المنطقة. ووفقا لهذا التحليل، فإنه وحسب محللين سياسيين، فإن أصابع الاتهام تتجه إلى جهاز المخابرات الاسرائيلي المعروف ب "الموساد"، رغم أن التحقيقات المصرية لم تكشف بعد عن الجهات التي تقف وراء هذه التفجيرات وأن العمليات الإرهابية التي استهدفت ولازالت تستهدف أهم مورد دخل للشعب المصري، وهي السياحة، لا علاقة له بمنظمات إسلامية كما تدعيه إسرائيل، ومن ورائها أمريكا، بل هذا الإرهاب الأخير الذي هز مصر يتصل مباشرة بإسرائيل لأجل فرض أجندتها على المنطقة.