تحفظت الجزائر على طلب فرنسى- أميركى لإشراك استخباراتهما فى قاعدة المعلومات الجزائرية لشبكات الإرهاب فى الساحل الإفريقى واصفة الإجراء بالتطور المثير فى علاقة الجزائر بملف مكافحة الإرهاب. كشفت بعض المصادر الإعلامية أن المسؤولين الأمريكيين المتخصصين بمكافحة الإرهاب ان أكثر من 90% من المعلومات المتجددة التى تحتاجها أجهزة المخابرات الغربية فى مكافحة الإرهاب فى الساحل الإفريقى، وحتى فى بعض دول أوروبا، متوافرة لدى أجهزة الأمن الجزائرية . وأضافت أن الاستخبارات الجزائرية تمتلك قاعدة البيانات الأهم فى المنطقة بحكم وجود أهم قيادات التيار السلفى الجهادى فى منطقة غرب المتوسط وشمال إفريقيا فى الجزائر، إضافة "لمئات الإرهابيين الموقوفين " الذين تمثل المعلومات التى بحوزتهم كنزا بالنسبة لمخابرات الدول الغربية. وأعربت دول غربية عديدة عن حاجتها للتعاون مع الجزائر لمنع وقوع اعتداءات إرهابية على أراضيها، لأن بعض المعلومات التى تملكها تصنف على أنها (شديدة الأهمية) . وأشارت إلى أن فرنسا تشترك فى هذه القناعة وترى بالتالى أن مشاركة هذه المعلومات مهم لأمنها الوطنى ومن ثم تطالب بأن تكون هذه المعلومات متاحة ويؤكد مسؤول استخباراتى فرنسى: (كل المعلومات التى تجمعها أجهزة الأمن بصفة دورية ودون تأخير) . من جهتها تعتبر الجزائر حسب ذات المصادر أن المطلب فيه عدوان على السيادة الوطنية الجزائرية، فيما يذهب محللون إلى أن هذه المعلومات تشكل ورقة المساومة الأكثر أهمية فى العلاقة بين النظام الجزائرى والغرب، ومن ثم فإنه لن يقبل أبدا تقديم كل ما لديه عبر آلية منظمة، بل سيستمر فى المقايضة على هذه المعلومات للحصول على مكاسب سياسية (كلما اقتضت الضرورة) . وأوعزت هذه المصادر إلى الرؤية الاستراتيجية للموقف الجزائري الذي تحكم سلوك النظام فى ملف التعاون فى مكافحة الإرهاب، فبمجرد أن أعلنت أميركا عزمها إنشاء قيادة فى شمال إفريقيا لمكافحة الإرهاب بدأت الجزائر فى مساعيها لتأسيس تحالف دول الساحل والصحراء لإبقاء أميركا بعيدا عن الوجود المباشر. وإرساء (الشراكة العابرة للصحراء لمكافحة الإرهاب) التى ولدت فعليا فى فيفري2007 بمشاركة رؤساء أركان: المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا والنيجر ومالى وتشاد والسينغال ونيجيريا وبإشراف جنرال كان آنذاك مساعدا لقائد القوات الأميركية فى أوروبا مولدة القوة الجديدة التى اعتبرها كثيرون التجسيد الفعلي لمقولة إن حماية أميركا من الأخطار الإرهابية لا تبدأ من أراضيها بل من (منابع الإرهاب) في آسيا وإفريقيا .. وطيلة 18 شهرا فشلت أميركا فى إقناع البلدان المغاربية الخمسة وبلدان أخرى مُطلة على الصحراء الكبرى باستضافة مقر القيادة على أراضيها. وبسبب هذه الممانعة التى يبدو أن الجزائر كان لها دور ملحوظ فيها انطلقت أفريكوم مطلع أكتوبر 2008 بموازنة تقدر بحوالى 18 مليار دولار على مدى 5 أعوام، فى مؤشر واضح على إصرار أميركا على الوجود المباشر فى إفريقيا حتى لو كانت القيادة التى تنسق هذا الوجود فى شتوتجارت الألمانية .