حيل كثيرة يستعملها بعض الأفارقة المحتالين في سبيل الإطاحة بضحاياهم والاستيلاء على أموالهم أو ممتلكاتهم. فبعد أن يتمكنوا من كسب ثقة الضحية من خلال اتصالات ولقاءات توهم الضحية بحسن نيتهم في المساهمة في إنقاذهم أو طلب المساعدة، أو حتى بحثهم عمن يبتغون التبرع له بما يملكون، كل هذه مكائد جديدة تجلب ضعاف النفوس من الضحايا الذين تنطلي عليهم مثل هذه الحيل الجديدة، التي أضحت بطلاتها نساء إفريقيات غايتهن الربح السريع على حساب البلد المضيف. حيل جديدة في أشكالهاو قديمة في مضمونها وأهدافها، إمرأة في الغالب، شخص أو حتى جماعة من الأفارقة الباحثين عن الثروة السهلة وبشتى السبل، مستغلين للأنباء الصادرة عن بلدانهم المعروفة بترديها الأمني والاجتماعي، يسعون وبقصص مختلفة تحاول تلك النساء فبركتها بكل ما أوتين من كيد، مفادها أنها بحاجة للمساعدة، فأموالهم مجمدة مؤقتا ولك النصيب الأوفر من هذه الثروة إن ساهمت في مساعدتهن، هذه المساعدة التي يرجون تلبيتها، وذلك باستظهارهن مجموعات من الدلائل والوثائق، وذلك بعد أن يكسبن ثقتك من خلال إرسال وثائق مختومة بأختام لهيئات رسمية تبدو لك حقيقية في الغالب، نتيجة احترافية في التزوير وتخطيط محكم، فرأس مالهن أفكار منبعها السعي للاحتيال والنصب على أموال الغير بشتى السبل والطرائق. هذه الظاهرة التي ازدهرت في السنوات الأخيرة بشكل مثير نتيجة موجات الهجرة الجماعية التي قادت العديد من الأفارقة والإفريقيات نحو الجزائر وشمال القارة السمراء، بغية الوصول إلى "الفردوس" الأوروبي، ولو على حساب "المغفلين" المحليين ممن قد تنطلي عليهم مختلف الحيل والألاعيب التي حملوها معهم في هجرتهم السرية، ولا يهم، فالجناة من الجنسين ذكور وإناث، هذا ما أثبتته مختلف القضايا التي دخلت المحاكم الجزائرية والتي كان الضحايا فيها جزائريين طمعوا في دولارات وعدوا بها من محتالين أفارقة، مجرمين متمرسين في اصطناع قصص من نسج الخيال، كل هذا قد يكون بمساعدة محتالين محليين يساهموا في تحديد الضحايا المستهدفين، بشرط اقتسام محصلات النصب والاحتيال فيما بعد بينهم، كل حسب دوره ومجهوده. من بين القضايا التي تطرقت لها مصالح الأمن الجزائرية، قضية تم معالجتها من طرف عناصر الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بالعاشور خلال الأشهر الماضية. وقائع القضية بدأت عندما عثر الضحية على رسالة مجهولة المصدر بصندوق الرسائل المثبت على الباب الرئيسي لمسكنه، محررة من طرف امرأة إفريقية تدّعي أنها زوجة عسكري برتبة لواء تعرّض للتصفية الجسدية بإحدى الدول الإفريقية لأسباب سياسية. قبل وفاته، كان يملك ثروة طائلة ولا تستطيع تحديد المبلغ لأسباب أمنية، كما أنها تلقت تهديدات لاسترجاع ممتلكاته. حبا لأولادها الخمسة، صرحت لسلطات بلادها أنها تجهل مصير الأموال التي جناها الزوج، ومن ثم تجريدها من كافة الممتلكات واستثمار الزوج لتصبح كلاجئة بإنجلترا، ولحماية أولادها ترغب في استثمار أموالها في بلد إسلامي، أين اختارت الجزائر لكون الرجل الجزائري المسلم يعتبر شخصا مستقيما وذا ثقة، ولهذه الأسباب صرحت للمعني بهذا السر بدون أن تعرفه، وأن ثروتها بإحدى المدن الإفريقية وأن المبلغ جد هام، لذا ترغب في وضعه تحت حمايته، وحتى يكون المبلغ موضوعا تحت تصرف أبنائها قصد الاستثمار والاستقرار ولضمان مستقبلهم، وتضيف المعنية بأن هذه الرسالة سرية وإذا لم يرغب في تنفيذ مطلبها، ترجوه أن يبقى موضوع رسالتها سريا. وإذا كان معنيا بهذا، فإنها تطلب منه مراسلتها وتقديم معلوماته على النحو التالي: الاسم واللقب كاملا، رقم الهاتف، رقم الفاكس، البريد الإلكتروني الخاص به، وأخيرا تبلغ له تحياتها الخاصة بفائق التقدير والاحترام مع هويتها. قصة لا تقل غرابة وإثارة عما تم التحقيق فيه من طرف الفرقة الإقليمية للدرك الوطني ببربيسة ولاية تيبازة خلال الأشهر الماضية، المتعلقة برسالة بريدية باللغة الفرنسية، تزعم محررتها أنها زوجة شخصية إفريقية، اغتيل وترك ثروة مالية لم تفصح عنها، وهي متواجدة بإنجلترا بعدما هربت من هذه الدولة الإفريقية وهي تبحث عن أناس ذوي ثقة من أجل استثمار الأموال مع أولادها بالجزائر، وكانت الرسالة ممضية وغير مؤرخة مكتوب عليها رقم الهاتف ورقم الفاكس وعنوان البريد الإلكتروني، على إثرها قام الضحية بالاتصال بالرقم الموجود بالرسالة، أين أجابته بأنها زوجة شخصية تم اغتياله لأسباب سياسية، وهربت إلى إنجلترا خوفا من سلطات دولتها، وطلبت منه المساعدة في الدخول والإقامة بالجزائر، وذلك بغية استثمار الأموال التي تركها زوجها والموجودة بشركة التأمين بدولة البنين، في نفس اليوم تلقى الضحية مكالمة هاتفية ويدعي أنه محامي لعائلة هذه المرأة ويتكلم باللغة الفرنسية، أخبره بأنه سوف يعلمه بتفاصيل دخول زوجة المغتال إلى الجزائر. وبعد حوالي 20 يوما، اتصل به المحامي مرة ثانية وطلب منه استقبال أبناء المغتال، حيث يبلغ سن الأول 28 سنة والثاني 25 سنة. وفي نفس اليوم، اتصلت به السيدة وطلبت منه الاعتناء بهما لمدة 03 أيام، تلقت الضحية اتصالا هاتفيا من السيدة المذكورة أعلاه وأعلمتها بأن هذا اليوم سوف يصل أبناؤها إلى الجزائر، وضربت لها موعدا بمطار هواري بومدين. على إثرها، تنقلت الضحية إلى المكان المتفق عليه، أين التقت بهما في المطار الدولي هواري بومدين، وجلبتهما إلى مسكنها بقرية بربيسة. وهم متواجدين بمسكن الضحية، طلبا منها تسليمهما مبلغا ماليا يقدر ب 46 مليون سنتيم جزائري من أجل استخراج الطرد الموجود بقنصلية إحدى الدول بالجزائر والذي يوجد به مبلغ مالي قدره 03 ملايين أورو، عندما تفطنت الضحية لعملية النصب والاحتيال التي سيقوم بها الأجنبيان، على إثرها تقدمت إلى فرقة الدرك الوطني ببربيسة لرفع شكوى ضدهما. مثل هذه الوقائع وغيرها، تؤكد أن هؤلاء الأفارقيات اللائي يمارسن النصب والاحتيال وقع ضحيتهم العشرات من المواطنين الجزائريين خلال السنة الماضية والجارية، ولكن تفطن العديد من المواطنين قبل أن يفقدوا مبالغهم المالية، سمح لمصالح الأمن والدرك الوطني بالعديد من ولايات الوطن من إلقاء القبض عليهن وتقديمهن للعدالة. ويجدر بنا التأكيد بأن الجزائر ليست المستهدَف الوحيد، فالأفارقة المحتالون ينشطون عبر عدة بلدان وبعديد من طرق النصب والاحتيال الأخرى في الإيقاع بضحاياهم، معتمدين تحديدا في كل ذلك على عنصر الإغراء المادي دون إهمال جانب كسب ثقة الضحية. قد تكون الهجرة للضفة الشمالية من المتوسط طموحا يسعى إليه العديد من الأفارقة الذين قد تكون تقطعت بهم سبل العيش في بلدانهم، التي أنهكتها الحروب والأطماع الأجنبية فيها. لكن ما برز بشكل جلي كتبعات لهذه الظاهرة، هو ظهور أعراض سلبية كثيرة غير الاحتيال الذي جاءت به هؤلاء النسوة اللائي جلبتهن موجات الهجرة السرية المتلاحقة والمتعاقبة، منها الدعارة التي أضحت سمة ملازمة للمهاجرين غير الشرعيين، حيث انخرطوا في شبكات مترابطة مست عديد ولايات الوطن، ناهيك عن الأماكن التي استوطنوها في مغنية والحدود المجاورة للمغرب، الوجهة الثانية للمهاجرين، حيث تضطر العديد من الإفريقيات إلى الوقوع ضحايا في شبكات الدعارة، مستغلين الأحياء الفوضوية والتجمّعات السكنيّة القصديريّة التي تحوّلت إلى ملجأ ومأوى آمن لممارسة الرّذيلة. فعلى سبيل المثال فقط، ففي المناطق التي ينتشر بها هؤلاء المهاجرون غير الشرعيين في المناطق الغربية للوطن، تم منذ بداية السنة الجارية تفكيك حوالي 14 شبكة مختصّة في نشر الفساد والدعارة والفسق التي كانت تنشط جلّها بالمنطقة الشرقيّة بوهران، مستغلين توفر التجمّعات القصديريّة التي يؤجرها أصحابها لهؤلاء مقابل مبالغ مالية معتبرة لممارسة نشاطهم الإجرامي، حيث لا يتوانى العديد من الجزائريين في التوجه إليهم، ناهيك عن تحوّل هذه التجمعات السكانية للمهاجرين غير الشرعيين والملئية بالإفريقيات، إلى ملجأ ومخبأ لجماعات الأشرار والمنحرفين وغيرهم من الشّواذ ومراكز للدعارة والمتاجرة بالمخدّرات والتزوير. إن ما يجدر الإشارة إليه، هو أن هدف هؤلاء الأفارقة على وجه العموم والإفريقيات على وجه التحديد، هو كسب الما والوصول إلى الثروة بأيسر السبل ولا داعي للاستمرار عبر طريق الموت نحو أوروبا، إن عثر عليها بالجزائر ودول المغرب العربي بطرق غير مشروعة وتضر بسكان هذه البلدان. كما يجب التنبيه إلى أن هؤلاء الأفارقة والإفريقيات هم في ريعان الشباب، حيث تتراوح أعمارهم بين 17 إلى 30 سنة في الغالب، هذا ما يؤكد على خطرهم الحقيقي وإمكانية تعرضهم للتغرير من أي جماعات منظمة في إطار بحثهم عن "الفردوس".