ليست رواية خرافية أو قصة من نسج الخيال، بل واقعة حدثت بجميع تفاصيلها المرعبة، عندماتسلل الإرهابي"عز الدين بويرة" البالغ من العمر 37 سنة، أمين عام المالية في إحدى ليالي شهر رمضان إلى القرية قاصدا روح أحد التجار، و الذي يقع محله على مشارف القرية من جهة زموري، فبلغه مدعيا حاجته لبعض المستلزمات لشرائها، إلا أنه تخلص من شخصيته المزيفة، وكشف الحقيقية، حيث سارع لتوجيه سلاحه في وجه البائع، لكن لحسن حظ هذا الأخير تفطن مواطن للأمر وانقض على الإرهابي بعد أن توجس شرا من الغريب الذي اكتشف بعد لحظات أنه إرهابي وجاء لمهمة قذرة كتلك التي قام بها رفيقه قبل أيام عندما اغتالوا أحد المقاومين و المدعو"فتيس سعيد" ، وإطلاق عيرة نارية في الهواء، اول ما قام به المواطن البطل هو الاستيلاء على السلاح، ومن ثم حصل على مساعدة الموجودين الذين القوا القبض عليه وتسليمه لمصالح الامن. وحسب السكان، فان الارهابي الموقوف لم يجد امامه الا الصراخ طالبا النجدة قائلا"الله اكبر، الله اكبر، يا امين، يا امين" وبين الجملتين كان ينادي باسم امه، وما اثار انتباه السكان هو القراءة الخاطئة لسورة الفاتحة مؤكدين انهم بالكاد فهموا مراده، اما امين الذي كان ينادي باسمه و الذي وجد انه الاسم الوحيد المسجل على هاتفه الخلوي، فهو احد العناصر الارهابية التي التحقت بسابقتها مؤخرا، واسمه الحقيقي"خليفي امين" الذي سلك طريق اخويه"محمد ورضا". قال لنا بطلنا الذي رافقنا طيلة اداء عملنا بالقرية، انه لا يرجو مكافاة جزاء على القاءه القبض على الارهابي، وانما اسرى لنا بتوقعاته بعد العملية الفريدة من نوعها التي قام بها بمساعدة أبناء القرية معتقدا ان القرية التي اثبت اكثر من مرة انها تشكو من غطرسة الارهاب وجبروته، تحتاج الى الامن او ثكنة عسكرية متنقلة، او حتى مفرزة للحرس البلدي تكون عونا ل35 مسلحا الذين اصبحوا صيدا سهلا للارهابيين المدججين بالاسلحة والذين يموتون فردا فردا. وصلنا القرية الفلاحية في حدود الساعة الواحدة زوالا ، فوجدنا شبابها في قمة غلايانهم ازاء ما اسموه التهميش الممارس ضدهم فلم يتركوا وسيلة للتعبير عن سخطهم الا واستعمولها وترجموا رفضهم لاستمرار الوضع على ماهو عليه بغلق الطريق الرابط بين زموري وبلديتهم سي مصطفى ، وهددوا بتصعيد اللهجة في حالة عدم تسوية مشاكلهم في القريب العاجل خاصة الامنية منها بعدما اضحوا في مرمى الجماعات المسلحة التي اقسمت على معاقبة السكان الذين غامروا بانفسهم وعادوا الارهابيين علانية . توغلنا اكثر في القرية الفلاحية بوظهر بعدما حصلنا على مساعدة احد السكان الذي سهل علينا مهمة التجول في ارجائها دون مواجهة اية مشاكل ، وتمكننا من تجاوز الحاجز الذي اقاموه لمنع المارة من العبور دون ان تتسلل مشاعر الخوف اليننا لانها تبددت بفعل الضجة التي صنعها السكان والذين ابوا الا ان يقصوا لنا ماساتهم مع الارهابيين طيلة 07 سنوات كاملة كانت ملئى بالماسي و الاحزان ازمتها اكثر الانعدام شبه الكلي للمرافق الضرورية اذ لم نتصور ان يعيش جزائريون في مثل تلك الاوضاع ، ولم نصدق ان السكان احتملو طوال هذه المدة الخوف و الرعب اليومي دون ان يتمكنوا حتى من الالتحاق بعملهم ومزاولة نشاطاتهم في ظل التهديد المستمر . ومع ذلك اكد السكان الذين حاولو رفع انشغالهم من خلالنا استمرار معاداتهم للارهابيين مهما كلفهم الامر لتخليص المنطقة من كابوسها وانعاش حياتهم التي اضحت راكدة وفقدت بريقها القديم . واصروا على استمرار مقاومتهم لهم مطالبين بتسليحهم كاخر حل من شانه الحد من التهديدات الارهابية . لن نكونا مبالغين اذا وصفنا القرية بالمنسية تماما والبعيدة تماما عما يقع في العالم الخارجي ، ولم يخطا احد السكان الذي المه ان يتجنبه سكان المناطق المجاورة لانه ابن القرية الفلاحية بوظهر قائلا بلغة الساخر "الاجدر بالسلطات ان تشييد سياجا يحيط بكامل المنطقة ويضعوا لافتة مكتوب عليها الحيوانات الضالة علها تستريح من مطالبنا المتكررة والتي لم يتحقق منها الا النزر القليل . استغربنا كثيرا ونحن نستمع الى مواطني القرية الفلاحية الذين كشفوا لنا ان مسجد القرية ملك للجماعات الارهابية التي استولت عليه بحيث تستقر فيه حارمة المصلين من الالتحاق به حتى اضحوا لايرتادونه الا ظهرا في حين يفضلون تادية صلواتهم الاخرى في المنزل اما صلاة العشاء فكانت من سابع المستحيلات ان يؤدوها جماعة وقضوا اياما عصيبة في ليالي شهر رمضان اذ استهدفوا الكثير من الضحايا الذين لم يقترفوا اي ذنب سوى خروجهم من منازلهم في وقت متاخر في محاولة لقضاء سهرات رمضان رفقة احبائهم واصدقائهم ، الا ان ايادي الغدر امتدت اليهم وسلبتهم حياتهم في عز شبابهم . واضحى المسجد الوحيد الذي يبدو في ظاهره انه مهجور غير امن وحولته الجماعات الارهابية المسلحة الى مكان تلتقي به وتدير اجتماعاتها لتنفيذ اعتداءاتها ، اما السكان فاكتفوا بالظهر فقط باعتبار انها الفترة الوحيدة التي تعودوا فيها عدم تنقل الارهابيين الى المنطقة . وقال لنا السكان الذين اسردوا واقعهم المر ان القرية مقسومة الى عدة مناطق منها الامنة ويسمونها مكة ومنها الخطيرة والتني يقولون عنها الفلوجة والاثنتين لا يمكن الوثوق بامنهما لان الخوارج الجدد الذين لا يعرفون حتى قراءة القران الكريم حسبهم لا يتركون لهم اياما يرتاحون فيها من العمليات الاجرامية لانهم تعودوا على الاستيقاظ للسؤال عن احوال جيرانهم ، وكيفية نجاتهم في الامسية الفارطة ، اما شيوخ القرية فقد ملوا من المعاناة اليومية قائلين اننا اشخاص ميتون نترقب ان نتلقى رصاصة من الجماعات الارهابية في اي لحظة ولم نعد نلتحق باراضينا الفلاحية بسبب المخاوف منهم . دخلنا منزل احدى العائلات ببوظهر بعدما علمنا ان معيلها غار شعير سعيد قد اختطفته الجماعات الارهابية المسلحة منذ 2006 ، ومنذ ذلك الحين لم تتلقى العائلة المغلوب على امرها اي مدخول بعدما طالبتهم الجهات الوصية باثبات مقتله ، وقال احد افراد عائلته ان والده المجاهد الذي اصبح مقاوما يدافع عن ابناء قريته قد اختطف من قبل عناصر اجرامية اظطرت الى الدخول معه في اشتباك للتمكن منه وفعلت بعدما اصابته بجروح اثبتتها قطرات الدماء التي تم العثور عليها . ومنذ ذلك الحين لم تستطع العائلة التي لا تزال تعاني الامريين مع ظروف الحياة الصعبة للحصول على قوتها تدعو المسؤولين الالتفاف اليها لتسوية وضعيتها ، خاصة بعدما تم القاء القبض على الارهابي " بويرة عز الدين" الذي اعترف بان الارهابيين اغتالوا المعني فور اختطافه ، والتي تعتبر الشهادة الثانية بعد تلك التي ادلاها الارهابي "خالد بشير" الذي سلم نفسه بمنطقة ام البواقي مؤخرا وكان قد التحق بالعمل المسلح في العام الذي اختطف فيه المجاهد . وعبرت العائلة عن سخطها من عدم الاخذ بعين الاعتبار وضعيتها التي اضحت اكثر من ماساوية باعتبارهم حرموا من حقهم لاكثر من عامين كاملين وساءت حالتهم المعيشية في ظل عدم استفادتهم من تعويضات ضحايا الارهاب . كانوا مجرد ثلاثة ارهابيين هم "خليفي محمد " "قوري عبد المالك" وكذا "خليفي يوسف " ،تمكنت مصالح الامن من اكتشافهم في عام 1997 تم ايداعهم السجن بتيزي وزو ، لكنهم وبمجرد خروجهم من السجن التحقوا بالعمل المسلح مجددا بعدما تحولوا الى قادة فيه وجندوا اكثر من 25 ارهابيا لاحولوا المنطقة في ظرف 07 سنوات الى فلوجة الجزائر لدرجة ان اجهزة الامن حولت تركيزها الى المنطقة التي تبين انها معقل لكتيبة الارقم . اما "خليفي يوسف" امير الكتيبة فانه تم القضاء عليه العام الماضي اذ لم يتبقى الا عدد قليل منهم اشار السكان انهم ام يعودوا يتعرفون على اخبار ارهابييهم الا من خلال الصحف الوطنية كانت المدرسة الوحيدة ماساة حقيقية ونموذج صادق عن التهميش و اللامبالاة التي يعاني منها السكان وكانت اكثر ماارق السكان اذ لايكفيها انها كابوس الاطفال الذين يعزفون عنها خشية ان يلتقوا الارهابيين الا انها اقرب الى الاسطبل منه الى مدرسة تتلقى فيها الاجيال الصاعدة اولى اساسيات الحياة ، ولم يشفع لها اي شيئ لتحظى ببعض الاهتمام من السلطات المعنية .