يعيش سكان عمارة العالية بمدينة بواسماعيل بتيبازة خطر الموت تحت انقاض العمارة القديمة والمهترئة التي يعود تاريخ تشييدها إلى العهد الاستعماري والتي باتت قاب قوسين أو أدنى من الانهيار على رؤوس قاطنيها بالنظر للتصدعات البليغة التي انتابت الجدران والأسقف وهشاشة البنية التحتية، لكن دون أن تلتفت إليهم السلطات المحلية ولو بأدنى التفاتة رغم نداءات الاستغاثة التي وجهوها إلى المسؤولين المحليين في أكثر من مناسبة لانتشالهم من الواقع المعيشي المزري وترحيلهم إلى سكنات لائقة وآمنة. تظهر العمارة الباهتة اللون، التي يعود تاريخ تشييدها إلى العهد الكولونيالي في حالة جد متقدمة من الاهتراء والتدهور جراء مرور ما يقرب القرن من الزمن عن تاريخ بنائها، بسبب ما مر عليها من عوامل طبيعية، ولعل أبرزها زلزال شلف سنة 1980 والذي كان بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير حيث تسبب الزلزال كما يتجلى للعيان بوضوح في إحداث تصدعات وتشققات بليغة مست جدران الشقق ناهيك عن هشاشة البنية التحتية بسب تآكل القضبان الحديدية وتفتت الإسمنت وتشقق الاسقف مما يبعث في السكان الهلع والرعب يوميا من أن تنهار على رؤوسهم فترديهم قتلى. وفي هذا السياق يقول أحد قاطني الحي وهومتحدث باسم سكان عمارة العالية أن المصالح التقنية قد صنفتها منذ سنوات ضمن الخانة الحمراء حيث أوصت بإخلائها على الفور، محذرة السكان من المكوث بها نظرا للحالة الكارثية التي الت اليها لكن مع الأسف يظيف ذات المتحدث فإن ذات السلطات لبواسماعيل اعتبرت بكل بساطة قضية العمارة أمرا عاديا غير مكترثة بحالتهم المأساوية، فلا يهمها إن عاش هؤولاء أو ماتوا لأن الأمر سيان بالنسبة إليها وأردفت إحدى القاطنات التي أبدت استياءها وتذمرها من سياسة الإقصاء والتهميش التي انتهجها المسؤولون المحليون ضدهم بقولها" لووجدت مكانا آخر الجأ إليه لهاجرت العمارة فورا لكن وا أسفاه فما باليد من حيلة وقد كتب علينا رغما عنا أن نواصل حياة الغبن والمذلة بشقق لا تصلح لحياة البشر." وفي ذات السياق عبر الكثيرون عن مرارة حسرتهم من تخاذل المنتخبين المحليين في الوفاء بالوعود التي أطلقوها وقطعوها عليهم أيام الحملة الانتخابية والتي بقيت مجرد اكاذيب-على حد تعبيرهم- ووعود وهمية لم تجد طريقها إلى واقع التجسيد ليبقى هؤولاء البسطاء والمحقورين كما يصح تسميتهم يواجهون الأخطار والمآسي تحيط بهم الأوساخ والنفايات من كل جانب وتتربص بهم أمراض وأسقام خطيرة سيما وأن المحيط الخارجي للعمارة بات كارثيا جراء تدفق المياه القذرة عبر الجدران وامتزاج السوائل السامة بيومياتهم ما أضحى ينبىء حقيقة بحدوث كارثة بيئية وصحية خطيرة تهدد حياة السكان في ظل الانتشار الفظيع للباعوض حتى في عز أيام الشتاء وانبعاث الروائح الكريهة النتنة من برك المياه القذرة الآسنة بالأقبية والتي تؤرق حت الراجلين الذين يعبرون بمحاذاة المكان ما اضطر بربات البيوت إلى سد جميع منافذ التهوية حتى لا تتسرب تلك الروائح الكريهة إلى داخل الغرف، ويخشى السكان ما يخشونه من توسع دائرة الأمراض التنفسية بين أوساط الأطفال حيث أكد القاطنون أن العشرات منهم أصيبوا بأمراض الحساسية والربو نظرا للرطوبة العالية بالشقق وتعفن المحيط البيئي، كما أبدى هؤولاء تخوفهم من إصابتهم بالأمراض المتنقلة عبر المياه نتيجة اهتراء شبكة مياه الشرب واختلاطها مع أنابيب الصرف الصحي. هذا الوضع المعيشي الصعب والمأساوي، دفع بجميع العائلات إلى الاتصال الدائم بالسلطات المحلية قصد ترحيلهم إلى سكنات لائقة ومحترمة تزيل عنهم على الأقل هاجس الموت تحت الركام والذي بات هاجسا رهيبا يترصدهم كل لحظة. وحسب المراسلات التي تضمنت عشرات الشكاوي والوثائق التي تسلمت" الأمة العربية" نسخا منها، يشرح فيها السكان معاناتهم مع ضيق الشقق التي لاتتوفر الا على غرفتين تاوي في أغلب الأحيان أكثر من 8 أفراد حيث يظطر الذكور إلى النوم مع الإناث ناهيك عن الحالة الكارثية التي آلت اليها العمارة والتي توشك أن تنهار على رؤوسهم في أية لحظة،مطالبين إياها في كل مرة بضرورة إيجاد حل لازمتهم الخانقة بترحيلهم وانتشالهم من الجحيم الذي يكابدونه لعقود وعقود من الزمن وذلك قبل أن فوات الأوان وحدوث ما لا يحمد عقباه غير أن ذات الجهود مع الأسف يقول السكان لم تفض إلى أية نتيجة بل بالعكس فلم تعد عليهم السلطات المحلية إلا بالتنكر والتجاهل لوضعيتهم ولعل أكبر دليل على ذلك إقصاء أسمائهم من قائمة حصة 170 مسكن التي تم نشرها منذ أسابيع مستغربين ومتسائلين في الوقت ذاته :"كيف تمنح شقق لشباب عازب فيما نقصى نحن المتضررون الذين نستحقها والتي من المفروض أن نكون من الأوائل المستفدين منها".ما يلقي كل المسؤولية على دائرة بواسماعيل لانتشالهم من الواقع المرير الذي يكابدونه وذلك في اقرب الآجال الممكنة باعتبار أن القضية المطروحة اضحت تعني اليوم حياة اوموت بشر ليس إلا. .