فجر الخبير الاقتصادي فريديريك جيني، مكلف بقضايا المنافسة والمطابقة على مستوى الاتحاد الأوروبي وقاض في محكمة الإستئناف الاوروبية، قنبلة من العيار الثقيل عندما قال إن ملف انضمام الجزائر الى المنظمة العالمية للتجارة OMC تجرد من صبغته الاقتصادية وأصبح ذا عمق سياسي بحت، مشيرا الى أن غياب الارادة السياسية لدى أصحاب القرار في الجزائر لإعلان "نعم" أو"لا" للاندماج في OMC هي أول وأهم أسباب حالة الترنح ومراوحة الملف الجزائري مكانه، رغم أن بداية المفاوضات مع المنظمة بدأت قبل حوالي 20 سنة. وأوضح فريديريك جيني، أمس، خلال ملتقى حول "اندماج الجزائر في النظام الاقتصادي العالمي" نظم بمقر الوكالة الجزائرية لترقية التجارة الخارجية "ألجاكس"، أن دولا مثل تونس والمغرب بالرغم من تأخرهما مقارنة بالجزائر في دخول مسار المفاوضات، إلا أنهما تمكنتا من الاندماج وبشكل نهائي في المنظمة سنة 1994 و1995 على التوالي، لأنه وببساطة لمسنا إرادة سياسية من السلطات العليا في كلا البلدين لدخول المنظمة، لكن في الجزائر يبقى الملف يراوح مكانه، ليس لأن شروط OMC معقدة وتعجيزية مثلما تحاول دوائر إيهام الرأي العام بذلك، بل لأن الإرادة السياسية غائبة وكل ما تلى ذلك من حديث عن عوائق وعقبات تحول دون الانضمام، مثل تسعيرة الغاز والمواد المنتجة من طرف المواد الاولية المدعمة من طرف الدولة وضوابط قطاع النسيج والجلود ومشاكل تصدير المنتجات الفلاحية، هي مشاكل تقنية وثانوية، لأن أمر معالجتها في حال توافر الإرادة السياسية سهل وبسيط. وقد استدل فريديريك جيني في مداخلته حول معايير المطابقة والتقييس المعتمدة في أسواق المجموعة الاوروبية بالصين، التي أصبحت عضوا فاعلا ومؤثرا في المنظمة العالمية للتجارة التي أعلنت صراحة عن مسعاها ورغبتها في الانضمام الى OMC وباشرت فعلا في تنفيذ مخطط يقضي بخصخصة القطاع العمومي مرحليا، موازاة وإعلانها عن برنامج وطني شامل لتأهيل النسيج الصناعي في البلاد وفقا للمعايير والمقاييس المعتمدة، وفعلا حققت أشواطا معتبرة في المجال سهل من مسعى انخراطها بأقل التكاليف، لكن في الجزائر يبدو أن صراعا خفيا محتدما بين أطراف مرحبة بمسعى الانضمام وأخرى رافضة له وأطراف ثالثة ما تزال متحفظة ومتخوفة. برامج التأهيل المؤسساتي تسير بخطى.. السلحفاة من جهته، قال عبد الحميد بالحدة مدير عملياتي في برنامج FCICO إن برامج التأهيل المؤسساتي في الجزائر تسير بخطى السلحفاة، مؤكدا أن الجزائر حاليا لا تمتلك قرار تجارتها الخارجية على صعيد الصادرات، لإن نسبة قليلة فقط من المنتوجات الموجهة للأسواق الخارجية يتم قبولها، وهي التي تستوفي شروط التقييس وتستجيب للمعايير المعمول بها في أوروبا، مشددا على ضرورة أن تركز الدولة جهودها بالشراكة مع الهيئات الأجنبية من أجل رفع وتيرة سير برامج التأهيل والمرافقة، لأنها السبيل الوحيد لتحسين الأداء الاقتصادي على صعيد التجارة الخارجية. أما عمار هويدف، وهو ممثل عن مفوضية الاتحاد الأوروبي في الجزائر، فقد أكد أن الاتحاد الاوروبي حريص على تنفيذ كل المشاريع المدرجة في أجندة العمل الموقع عليها بين الطرفين من أجل دفع وتيرة الشراكة التقنية والتأهيل المؤسساتي، بما يخدم محيط المؤسسة الاقتصادية، خصوصا قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي ما تزال برامج تأهيلها تعاني تأخرا كبيرا.