كشفت دراسة جديدة خاصة بالأوقاف، أن الممثليات الدبلوماسية الجزائرية "السّفارات، القنصليات" في الخارج بالرغم من تلقيها لتعليمات من وزارة الخارجية للبحث والتحري عن الأملاك الوقفية في العديد من البلدان، إلا أن هذه الأخيرة لم تعمل بجدية على هذا الملف، مما جعل النتائج المرجوة لم تظهر لحد الساعة، ما يترجمه استنزاف العديد من الأملاك الوقفية واندثارها دون حسيب ولا رقيب في بلدان عربية، وأوروبية تعادل قيمتها الملايير. أظهرت الدراسة الجديدة التي تعني بالأوقاف في الجزائر والتي حملت عنوان "أثر سياسات الإصلاح الاقتصادي على نظام الوقف، دراسة حالة الجزائر"، من إعداد الدكتور فارس مسدور من جامعة البليدة والأستاذ كمال منصوري من جامعة محمد خيضر ببسكرة، أن عملية البحث عن الأملاك الوقفية واسترجاعها من المهام الصعبة التي اضطلعت بها الإدارة الوقفية في الجزائر، فقد طال النهب والتعدي الأملاك الوقفية، وذلك بسبب الفراغ القانوني في مجال حماية الأوقاف وتنظيمها، خاصة في السنوات التي سبقت صدور القانون 90/10. كما تشير ذات الدراسة إلى أن الأوقاف الجزائرية تم إهمالها في الخارج، وهي تحتاج إلى عمل وبحث مكثف وكفاءة أكبر في الأداء، خاصة تلك الموجودة في المملكة العربية السعودية، سوريا، فلسطين "حارة المغاربة" وغيرها من الدول، مما يؤكد ضخامة المشكلة الوقفية في الجزائر، هو غياب مكتب مختص في قضايا الأوقاف الجزائرية بالخارج رغم الأهمية البالغة لها. وفي مواجهة ذلك، تضيف الدراسة "نصت الاتفاقية المبرمة مع البنك الإسلامي للتنمية، على أن تؤخذ هذه القضايا بالاهتمام من طرف البنك، وذلك أنها ستكون محل بحث وتنقيب ممول من طرفه". وتكشف الدراسة أن وزارة المالية في وقت سابق سنوات الثمانينيات أرسلت وفدا ضم أعضاء من مديرية أملاك الدولة كلف بالبحث والتحري والتحقيق في موضوع الأملاك الوقفية بالمملكة العربية السعودية في عدة مرات، وذلك في الفترات التالية: مهمة بتاريخ 26 نوفمبر 1981، مهمة بتاريخ 19 ماي إلى 03 جوان 1982، مهمة بتاريخ 26 جوان 1989، علما أن اللجان الوزارية سنة 1996 أثارت موضوع هذه الأوقاف، حيث أكد ممثل وزارة الخارجية أنه أعطيت تعليمات لممثلياتنا الدبلوماسية للقيام بهذه العملية، لكن النتائج لم تظهر إلى يومنا هذا، مما يؤكد عدم أخذ الأمر بالجدية اللازمة. كما كشفت ذات الدراسة التي تم إعدادها عام 2008 وتضمنت 150 صفحة، والتي أعدها الباحثان فارس مسدور وكمال منصوري بحكم تجربتهما وخبرتهما في مجال الأوقاف، أن الاستعمار الفرنسي بعد خروجه من الجزائر أخذ معه عددا معتبرا من الوثائق الوقفية التي تمثل سندات هامة توضح ملكية الأملاك الوقفية التي يمكنها تدعيم عملية البحث عنها داخل الجزائر وخارجها واسترجاع ما أمكن منها، وهذا ما تأكد من خلال امتلاك مركز الأرشيف "أكس أنبروفنس"، حيث اتضح أن هذه المؤسسة المتواجدة بفرنسا تمتلك وثائق هامة تتعلق بالأملاك الوقفية مثل: أرشيف أملاك الدولة، مسح الأراضي، وزارة الحرب ووزارة المالية. واسترجاع هذه الوثائق لم يتم معالجته إلى يومنا هذا، ما يجعل عملية البحث عن الأملاك الوقفية واسترجاعها صعبا للغاية.