أكد الروائي والمترجم محمد ساري للوطني أن مشكلة الأدب اليوم ليست مشكلة طباعة و إنما مشكلة قراءة ما يكتب. فالعناوين موجودة لكن القارئ لهذه الكتب غائب و حتى إعلاميا العناوين موجودة و القارئ مفقود. فالقارئ هو من يعطي الحياة للكتاب والساحة الأدبية باللغة العربية تفتقد إلى أعمال تعنى بشريحة الشباب في سن المراهقة و إن وجد ناشرون يهتمون بالنشر بالعربية فهم يجهلون اهتمامات القارئ الحقيقية على عكس ما هو رائج بلغة موليير التي توفر الكثير من الإعمال الأدبية الخاصة بهذه الفئة و هذه الفترة العمرية الهامة و لهذا فالقارئ باللغة العربية لا يتجه إلى الكتب الأدبية بقدر اتجاهه إلى الكتب الدينية و الكتب الدراسية مؤكدا على أن الإعلام أيضا له دور في التوعية. محمد ساري الذي جاء إلى فضاء صدى الأقلام بالمسرح الوطني ليقدم مجموعته القصصية استغرق كل الوقت في الحديث عن الأدب المكتوب بلغة موليير و الانتقال من الكتابة باللغة الأم إلى لغة أخرى حيث استشهد بعدة نماذج عالمية كانت تكتب بلغتها الأم ثم تحولت للكتابة لغة أخرى وقال انه انتقل إلى الكتابة من اللغة العربية إلى الفرنسية لان القارئ موجود و تحدث الكاتب عن سرته الذاتية و عن ولوجه عالم الكتابة التي تنامت معه كقدر لا فرار منه إلا إليه و تحدث عن رحلة البحث عن الكتاب في زمن لم يكن يعرف الكهرباء و لا التكنولوجيا مؤكدا على قدسية الكتاب الذي كان آنذاك يأتي من الخارج ويتم التداول على قراءته. مجموعة ''الغرق'' هي مجموعة قصص مستوحاة من الواقع كتبها ساري بلغة بسيطة جدا و مفهومة بالغة الفرنسية وضعها في متناول كل الشرائح و كل المستويات تحمل في طياتها تأملات في الأنماط المعيشية و الحالات الممكنة كما أنها تعبر بكل طلاقة عن مشاكل يعيشها المواطن البسيط في مجتمع تنتشر فيه قيم الشر كالعنف والشجار في الأسواق والرشوة و قد اختار الكاتب عناوين محددة لقصصه رغبة منه في عدم إعطاء الفرصة للقارئ للإفلات من موضوع القصة حيث حملت بعض قصه عناوين مثل ''إغراء من القبر'' و''السوق'' و''الوهم الكبير'' و''حفنة رمل'' و''الغرق'' التي خصت بان تكون عنوان المجموعة ، مضيفا أنه عاد إلى تلك المقالات منذ سنة فرأى أن الأفكار الموجودة في بعضها تصلح أن تكون مادة لكتابة قصص، وعلى هذا، قام بانتقاء عدد منها وأعاد كتابتها في شكل قصة. و ''الغرق'' هي قصة تدور حول موضوع رحلة البحث عن العمل ما وراء البحار و استمدها من الواقع فقد حصلت فعلا لصديقين عام 1970 حيث فكرا في الذهاب إلى أوروبا من اجل العمل و بالفعل انتقلا عبر مكاتب اليد العاملة لكنهما اصطدما بالأزمة البترولية وتم إغلاق تلك المكاتب مما جعلهما يفشلان فعادا إلى الجزائر كما قدم صورا أخرى لتكون شواهد مثل غرق الباخرة المبحرة من اجل الصيد فغرق القارب وبعض ركابه فيما نجى البعض بعد وصولهما إلى الشاطئ سباحة.