استطاعت الدكتورة آسيا موساي من خلال قيامها على رأس رابطة كتاب الاختلاف أن تسهم في إثراء مجال النشر والإصدارات وتحقيق انجازات إبداعية مشهود بقيمتها على المستوى الوطني والعربي. وللاطلاع على المزيد حول نشاطات آسيا موساي والرابطة ارتأينا إجراء هذا الحوار الذي كشفت من خاله آسيا موساي عن الكثير من مشاريع الرابطة. اتجهت الرابطة لإصدار عدد من الأعمال الروائية الجزائرية لدى دور نشر عربية من بينها رواية '' خطوة في الجسد '' للروائي حسن علام الفائز بجائزة مالك حداد، ما الدافع الى ذلك؟ - تأسيس رابطة كتاب الاختلاف كان من اجل نشر الكتاب الإبداعي الجزائري ليتوسع اهتمامنا فيما بعد إلى التعريف بالكتاب المترجم والكتاب الفكري والكتابة في مجال العلوم الإنسانية بشكل عام، وبعد مدة من الممارسة اكتشفنا أن الصوت الجزائري لا يتعدى الحدود، بل حتى داخل الوطن، وان اهتمامنا بالكتاب محدود جدا وبالتالي عندما نسافر خارجا نجد أن القارئ العربي لا يعرف شيئا عن الأدب الجزائري، ولا يعرف سوى بعض الأسماء الجزائرية المكرسة. لهذا السبب فكرنا في طريقة عملية تسمح بانتشار الرواية الجزائرية والشعر والنقد والفكر الجزائري خارج حدود الوطن. ولأننا ندرك صعوبة تصدير الكتب الجزائرية إلى الوطن العربي، فكرنا أن نقوم بعملية نشر مشترك مع ناشر عربي يسمح لنا بهذا الانتشار، وقد لقيت التجربة استحسان الكثيرين وتحمس الكتاب العرب للانضمام لهذه التجربة فمنذ ثلاث سنوات ونحن نقوم بهذا العمل وبدأنا نجني ثمار المشروع من خلال المتابعات الصحفية العربية لما ينشر في الجزائر عبر أهم الصفحات الثقافية العربية، التي أصبحت تتابع باستمرار ما ننتجه وأصبح الاسم الجزائري معروفا أكثر. ما هي آخر العناوين التي طبعتها الرابطة؟ - نقوم حاليا بالتحضير للصالون الدولي للكتاب، وهي الفترة التي نركز فيها على إصدار اكبر عدد من الكتب حتى نتمكن من استغلال هذه الفرصة التي تتاح لنا كل سنة. هناك حوالي ثلاثين عنوانا ربما أهمها: كتاب للمفكر اللبناني ''علي حرب'' عنوانه ''تواطؤ الأضداد'' وكتاب للباحث الجزائري إبراهيم صحراوي ''حول السرد العربي القديم'' والبحث الفلسفي لبومدين بوزيد تحت عنوان ''النص والفهم''... كما أننا قررنا إعادة طبع كتاب ''الممنوع'' لمليكة مقدم. ورواية ''الانطباع الأخير'' لمالك حداد ، لان هذه الأعمال نفدت فأعدنا إدماجها ضمن مشروع نشر مشترك لتصدر في طبعة عربية، أيضا رواية الدكتورة السورية ''هيفاء بيطار'' والتي أصبحنا نشرف على طبع كل أعمالها الروائية حيث قررنا إعادة روايتها ''نساء بأقفال'' ورواية اللبنانية ''رنا عبد الرحمان'' والتي تلامس الرواية المصرية ''الخطأ الرومانسي'' التي صودرت في مصر وهوجمت من قبل الأصوليين. وقد أشرفت الرابطة على طبعها ونشرها في الجزائر لأننا نؤمن بأن الإبداع لا يجب أن يتعرض للرقابة وقد حمل العمل عنوان ''أبناء الخطإ الرومانسي'' وهناك عناوين أخرى.. هل حدث أن أعادت الرابطة طبع أعمال نفدت من الأسواق، أم أنه بمجرد نفاد الكمية يتوقف دور الرابطة؟ - للأسف اغلب العناوين لا نعيد طباعتها لأننا نفضل عناوين أخرى. والمشكل ليس مشكلا ماديا وإنما هو مجرد ترتيب أولويات، لكن هناك استثناء فرواية ''مليكة مقدم '' التي طبعت في إطار سنة الجزائر في فرنسا عام 2003 ونفًّت بسرعة أعدنا طباعتها. في مهرجان العجيلي الثاني للرواية العربية تلخصت مداخلتك حول موضوع البحث عن الهوية فهل لمست '' آسيا موساي'' من خلال العناوين التي أشرفت الرابطة على طباعتها أن الرواية الجزائرية بصدد البحث عن هويتها؟ - في ذلك المهرجان قدمت مداخلة حول الرواية الجديدة أو الجيل الجديد من الروائيين الجزائريين وهو جيل غير معروف أمثال: بشير مفتي، ياسمينة صالح، الخير شوار، كمال بركاني.. وغيرهم كثر.. وبالتالي حاولت أن أقدم ما يميز رواية هؤلاء عن راوية من سبقوهم فوجدت أن هم الهوية موجود ومطروح ومثال على ذلك رواية ''كمال بركاني'' الذي يطرح قضية الهوية من خلال طرح التساؤل كيف أن ذلك الأوراسي المتشبع بالثقافة الشعبية وفي نفس الوقت يكتب بلغة راقية مطلع على التراث العربي بشكل جيد فيكتب بنفس مستوى المشرقيين بل وبنفس الخلفيات الثقافية، ورواية ''خطوة في الجسد'' أيضا تطرح قضية الرواية وبالتالي لاحظت أن هذا الموضوع مكرس في مختلف أعمال الروائيين الشباب فطرحته على أساس أنه موضوع يستحق الدراسة. في ذات المداخلة تحدثت عن الكتابات النسائية وتحررها من قيد الزمان والمكان، فأين يتجلى ذلك؟ - اعتقد من خلال قراءاتي أن ما تكتبه المرأة يختلف عما يكتبه الرجل. ولا أتحدث من ناحية القيمة الأدبية أو من ناحية المستوى. لكن المعروف في الوطن العربي أن المرأة تكتب عن قضيتها كامرأة. أما في الجزائر فهذا الأمر غير موجود، ليست لدينا جرأة في تناول المواضيع ''فياسمينة صالح'' مثلا تناولت موضوع الثورة الجزائرية بجرأة، لكن موضوع القضايا الحميمة غير موجود فالكاتبة الجزائرية لا تكتب عن قضاياها الحميمة وليس لديها الجرأة لذلك. يتحدث الكثيرون عن ميلاد رواية جديدة، ما قولك في هذا؟ - نقول دائما إن الإعلام يلعب دوره في تكريس أسماء معينة في الجزائر رغم وجود أسماء رائعة مركونة إلى الظل. لكن الإعلام لا يتحدث دائما عن هذه الأسماء، وبالتالي لم يستطع هؤلاء أن يؤثروا أو أن يفرضوا أنفسهم كأسماء قوية على مستوى المقروئية في الجزائر، وبالتالي فإن الإعلام الجزائري لا يلامس الأعمال الروائية الجزائرية ولا يتابعها وإن وعي الروائي بهذا الأمر سبب أساسي في إحباطه وابتعاده عن الكتابة. بحيث نجد أن هناك عددا كبيرا من الروائيين يكتبون مرة واحدة ثم ينقطعون تماما وهو ما حدث الموهبة حسين علام الذي نال جائزة مالك حداد سنة .2005 اتهمت رابطة كتاب الاختلاف لأنها تترفع عن الكتاب الجزائريين باختيارها لأعضاء لجنة التحكيم عرب، واهتمامها بنشر الأعمال الفائزة ببيروت، كيف ترد آسيا موساي على هذا الاتهام؟ - ليست لدينا عقدة من هذا الموضوع ولوكنا نشعر بهذه العقدة لما كانت الجائزة موجهة للكتاب الجزائريين، أؤكد أن هدفنا أن نخلق جيلا من الروائيين. هدفنا أن يكون لدينا تراكيب روائية جزائرية محترمة والباقي تفاصيل لا نتوقف عندها. نحن نحترم قامة إبداعية مثل الدكتورة يمنى العيد ونحاول أن نجعلها على احتكاك واطلاع دائم بالكتابة الجزائرية من خلال بقائها كعضوه دائمة في اللجنة، في حين نعمل على أن نضم كل سنة ناقدا عربيا جديدا، وهي طريقة تجعلنا نعرف أكثر بما يكتب لدينا في إطار إستراتيجية الترويج للأدب الجزائري. وصراحة أفضل أن أتهم هذا الاتهام، على أن أتهم في مصداقية الجائزة. وأقولها صراحة من يرى أن لجنة القراءة لابد أن تكون جزائرية عليه أن ينشئ جائزة بلجنة قراءة جزائرية وانتهى الموضوع. وأود الإشارة فيما يخص موضوع الطبع في لبنان أنه في سنة 2001 و2003 طبعت الأعمال الفائزة في الجزائر وانتظرنا أكثر من سنة ليتحقق ذلك، وبالتالي أظن أن الأمر أصبح واضحا لماذا نطبع في بيروت حيث يلتزم الناشر اللبناني بالوقت ويطبع الأعمال في وقت قياسي. فبيروت عاصمة الاحتراف في طباعة الكتاب دون منازع. ما هي المقاييس الأدبية التي تعتمدها لجنة القراءة في اختيار الأعمال التي تدخل حيز المسابقة؟ - المقياس الأساسي هو أن يكون العمل رواية، فأحيانا ترد إلينا مجموعات قصصية في حين أن الجائزة موجهة للرواية المكتوبة باللغة العربية على أن يكون كاتبها جزائريا. لا نستبعد الأعمال الروائية مهما كان مستواها ونحرص على إرسال كل الأعمال إلى الخارج لتدرس بشكل دقيق وتحدد النتائج فيما بعد. وللإشارة فإن المقاييس تحددها لجنة القراءة لا الرابطة. هناك حساسية كبيرة بين الكتاب ولجان التحكيم سببها غموض الشروط، فهل استطاعت جائزة مالك حداد أن تتخلص من ذلك الغموض؟ - المتطلع على تقارير اللجنة يدرك تماما أننا نختار دائما نقادا يتميزون بأفكار واضحة ونظريات جلية، الدكتورة يمنى العيد مثلا أو الدكتور نبيل سليمان هما ناقدان معروفان بمعاييرهما العلمية الواضحة التي لا تترك مجالا للشك أو الطعن في النتائج. هل ترى آسيا موساي أن مثل هذه الجوائز قد تسهم في صنع كتّاب في المستوى؟ - أكيد فعادة تعتبر جائزة تكريم للكتاب لكن الأهم من هذا هي تحفيز القراء وتوجيههم إلى الأعمال المتميزة فصدور عدد كبير من الروايات قد يجعل القارئ تائها وضائعا بين العناوين، وهنا تبرز أهمية الجوائز التي تعرف القارئ على أحسن الأعمال، ونحن نأمل أن تكون جائزة مالك حداد في مستوى التعريف بالأعمال الجزائرية الجيدة.