تعرّض فيلم الشاب حسني "آخر أغنية" الّذي يعرض حياة عندليب أغنيّة الراي العاطفية بالمغرب العربي، للقرصنة خلال الأسبوع المُنصرم، ونزلت نسخ أصلية منه لأسواق "السيدي" بطريقة غامضة، حيث اندفع آلاف المعجبين ومحبي المرحوم لاقتناء نسخة من الفيلم التي بيعت بمبلغ 100 دج بالسوق السوداء، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول الجهات التي تعمدّت إصدار الفيلم، الذي أثار جدلا واسعا بعد عملية تركيبه، بين أرملة المرحوم "ملوكة شقرون" وبين منتجيه، وذلك قبل أوان إصداره. المتتبع لأطوار الفيلم، يدرك أنّ الانتقادات التي وجهتها أرملة الشاب حسني للمخرج "مسعود العايب" وزوجته السيناريست "فاطمة وزان" لم تكن مُؤسسة، على دواعي "جني الأموال" وتقاسم الأرباح، لأنّه وبإجماع كلّ من أُتيحت لهم فرصة مشاهدته، فإنّ المسؤولية الكاملة تلقى على عاتق مخرجه، الذي لم يبادر إلى التمعن في دراسة السيرة الذاتية لابن حي قمبيطة، حيث أغفل الأخير عديد المحطات من حياته، ولم يراع الإطار التاريخي لحياته (1968-1994)، بدء بإغفال الأخير للجو العام "المحتشم" الذي كان يطبع ملاهي الكورنيش خلال أواخر الثمانينات، وجاء تصوير لقطات يؤدي فيها فريد، الذي لعب دور حسني، داخل ملهى معروف بعين الترك، وبديكور حديث وملابس موضة حديثة، هذا إلى جانب، تقديم المخرج أغنية "غدّار" للشاب حسني التي أداها، في الواقع، بعد نشوب خلافات حادة بينه وبين زوجته، إلاّ أنّ ما عُرض من مشاهد خلال تأدية الأغنية ذاتها بالفيلم، طغت عليه "الرومانسية"... ولم يُول المخرج اهتماماً بتسلسل الأحداث الّتي ميّزت حياة المرحوم، وجاء تركيب الإنتاج خاليا من مشاهد التشويق والإثارة، ما يعني أنّ السيناريو لم يركز على عامل الربط في التسلسل الدرامي، حتّى طريقة الاغتيال التي أنهت فصول الفيلم "المهزلة"، جاءت خالية من عناصر جذب انتباه المُشاهد، لأنّها لم تتعد الثواني. وفي ذات السياق، فإنّ كل الوجوه التي ظهرت إلى جانب متقمص الدور الرئيسي، لم تعايش مرحلة المرحوم، وكان الأجدر بالمخرج، الاعتماد على أصدقاء المرحوم، على غرار عازفيْ "السانتي" علي وحسين شْريط، كاتب الكلمات "كربالي"، صديقيه "كوي كوي" و"زينو"... وغيرهم كثيرون.