بعبارة هدر و التصرّف بدون وجه حق في مال 35 مليون نسمة استهلّ أمس وكيل الجمهوريّة لدى محكمة وهران مرافعته في أحد الفضائح اللاّمتناهية التي هزّت الشّركات الاقتصاديّة الوطنيّة...فضيحة "تي.بي.آل" شركة تحويل المواد الطّويلة إحدى فروع مجمّع "المساهمات ترانسلوب" المتابع فيها من المفروض 11 إطارا لم يمتثل منهم أمس سوى 10 إطارات يتقدّمهم الرّئيس المدير العام (ب.ح) الذي أحيل على التّقاعد ديسمبر الماضي و استفاد من عقد جديد مدّته 4 سنوات من طرف الأمين العام للمجمّع الذي كان آنذاك متقاعدا، بالإضافة إلى رئيس لجنة تقييم العروض، رئيس المصلحة التجاريّة و إطارات آخرين الذين التمس في حقّهم وكيل الجمهوريّة لدى محكمة جمال الدين بوهران 5 سنوات حبسا نافذا للرّئيس المدير العام و 4 سنوات حبسا نافذا لباقي الإطارات وهذا بعد تورّطهم في جنحة محاولة إعطاء امتيازات بدون مبرّر مشروع مع سوء استغلال الوظيفة و عدم مراعاة مبدأ المساواة. فضيحة استيراد 50 ألف طن من الحديد من إسبانيا تعود شرارتها لتاريخ 18 ماي الماضي، أين فجر أحد إطارات "تي. بي. آل" الفضيحة التي تولت فيها الضبطية القضائية لمديرية الاستعلامات التابعة لوزارة الدفاع الوطني التحقيق وهو التحقيق الذي أسفر عن المحاباة في تفضيل شركة "ميغازا" الإسبانية التي أدرج ملفّها ساعتين بعد فتح الأظرف و تمّ تقديمها أمام لجنة تقييم العروض مع العلم أنّها لم تشارك بعروضها في المناقصة الثّانية التي نظّمت في الفاتح أبريل و شاركت فيها 6 شركات من مجموع 12 شركة تمّ إخطارها فور الإعلان عن الصّفقة، كما أنّه ثبت من خلال الملف، أنّ أعضاء لجنة تقييم العرّوض قاموا بإشعار الرّئيس المدير العام عن غياب "ميغازا" التي اعتادوا التّعامل معها والتي كانت ستسوّق الحديد لشركة "تي. بي. آل" بمبلغ 540 أورو للطن الواحد . وذلك من خلال العملية التي قررها الوزير الأول أحمد أويحيى لغرض كسر أسعار حديد البناء الذي شهد أزمة جد حادة سنة 2009 الماضية والتي تسببت في عرقلة مختلف برامج رئيس الجهورية ضمن مخططات السكن العمراني وكذلك الأشغال العمومية، وعليه فقد تم تخصيص غلاف مالي قدّر بألف مليار سنتيم لشركة"تي. بي. آل" لغرض استيراد الحديد مع ضبط سوقه بالجزائر وتوفيره بأسعار تنافسية معقولة. فحسب التحريات التي أفضت عنها مديرية الاستعلامات، فالمتعامل الإسباني "ميغازا" الذي أدرج ملفّه و لم يكن أصلا ضمن الشركات التي دخلت المناقصة، حيث تم إدراج ملفها وعرضه بعد جلسة فتح الأظرفة. فبعد انفجار الفضيحة انسحبت الشركة الإسبانية "ميغازا" ورفضت التعامل مع مجمع "تي. بي. آل" بعدما كانت الممون الأساسي له، لتقوم فيما بعد شركة "تروفيلور" أحد فروعه بدخول المناقصة في شهر جويلية الماضي لشراء 2000 طن من المادة الأولية لحديد البناء ولم يتقدم المتعامل الإسباني بعرضه، في حين رست المناقصة على شركة أخرى قدمت عرضا ب 450 أورو للطن الواحد من الحديد، وهو العرض الذي اعتبر زهيدا مقارنة بالمتعامل المنسحب "ميغازا" الذي كان يسوّق نفس المنتوج لفروع "تي. بي. آل" بسعر 540 أورو للطن الواحد، كما نشير في ذات الصدد أنه فور اكتشاف الفضيحة قدم إطارات متبوعون بملفات تقاعدهم سبق وأن استفادوا من 350 مليون سنتيم كتعويضات بعد التقاعد، وهذا ما يتنافى وتعليمات الوزير الأول أحمد أويحيى الرامية إلى عدم توظيف المتقاعدين، ومع ذلك فقد أبرم المدير العام لمجمع "تي. بي. آل" والمتابع بذات الجنح والمتورط في قضية مجمع "أورولي" عقدا مدته سنة مع هؤلاء المتقاعدين وبنفس الامتيازات فيما يخص الراتب الشهري وكذلك مزايا المنصب. عند مثول الإطارات 10 المتّهمين أمس احتفظوا بالتّصريحات الأولى التي أدلوا بها أمام قاضي التّحقيق نافين التّهم الموجّهة إليهم جملة و تفصيلا، و راحوا يمسحون الموس في السّلطة العليا التي طلبت منهم تنظيم سوق حديد البناء لغرض كسر الأسعار الدّاخليّة التي فرضها المستوردين الخواص الذين احتكروا السّوق . من جهته ركّز دفاع الإطارات المتّهمين، أنّ قانون مكافحة الفساد لا ينطبق عليهم بحكم أنّهم لم تكن لهم نيّة في الاتّهامات الخطيرة الموجّهة إليهم، كما أنّ قانون الصّفقات العموميّة لم يدخل حيّز التّنفيذ إلاّ في تاريخ 7 أكتوبر الماضي ، هذا ما جعل وكيل الجمهوريّة يتدخّل عند استماع المتّهمين للطّريقة التي مرّروا بها الصّفقة للمتعامل "ميغارا" فكيف لها أن تكون هناك لجنة تقييم العروض ، لجنة فتح الأظرفة و قانون الصّفقات العموميّة لم يدخل حيّز التّطبيق.