عائلتها لم تتقبل قرار المحكمة القاضي بسجن القاتل 6 أشهر "حنونة، وطيبة السلوك ولا يمكن أن تؤذي أحدا لكثرة هدوئها، ولم أعرف كيف فقدت أعز ما أملك في الوجود وأصبحت جوهرتي تلقب بالمرحومة، ولم أستوعب الأمر من شدة الصدمة التي فوجئت بها أنا وأبوها، وأختها الصغرى التي لا تزال تبحث عنها ولا تعرف أنها ذهبت ولم تعد"، هي كلمات خرجت من قلب "سليمة"، أم مفجوعة، ما زال قلبها ينزف دما على فقدان أعز بناتها "لينة" إلى الأبد. هي حالة عائلة سالم التي تعيشها منذ أكثر من شهر بعد وفاة "لينة" ذات الخمس سنوات، فقد فوجئت العائلة بفقدانها في يوم كانت من أسعد الأطفال في العالم، كما أكدته والدتها، "فالمرحومة "لينة" تعشق التنزه نهاية كل أسبوع وتشعر حينها بسعادة وفرحة كبيرة لا تسعها الأرض الرحبة، لأنها تعوض حجزها في الروضة طيلة الأسبوع، وبما أن أباها كان يعدها دائما بالخروج للتنزه، لم يرد رفض طلب فلذة كبده في أخذها للغابة"، كما روت سليمة، أم لينة، ذلك بألم وتحسر وصعوبة وهي تتذكر ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم، 24 أفريل الماضي. وتوصل سليمة موضحة "خرجنا كعادتنا نتنزه متوجهين إلى غابة "باينام" زوال يوم الخميس الأسود، لم أكن أتصور أنني سأعود دون ابنتي العزيزة "لينة"، إنها الفتاة الكبرى في العائلة وتليها "ناريمان" التي كانت نائمة بالسيارة عندما قصدت العائلة الغابة"، لم ترد الأم إيقاظها من نومها فتركتها في السيارة التي كانت في الحظيرة ولا تبعد كثيرا عن المكان الذي جلسوا فيه، وبعد نصف ساعة من وصول العائلة إلى الغابة، ذهبت "لينا" مع أبيها يدا بيد إلى السيارة لإيقاظ ناريمان من نومها بطلب وإلحاح منها لتلعب معها"، "في ذلك الوقت، حمل الأب ابنته الصغرى لتتبعه "لينا"، وبينما كانت "لينا" على حافة الطريق جاءت سيارة بسرعة جد مفرطة باتجاههم، حاولت اجتنابها لكن السرعة التي كانت تسير بها السيارة لم تسمح لها بالهروب فدهستها ورمت بها على بعد 12 مترا إلى الأمام ولم يتوقف السائق إلا بعد مسير 19 مترا من مكان دهس الفتاة"، تضيف الأم بحزن كبير. في هذه الأثناء وهي تحاول استذكار ما وقع بالتفصيل قدر الإمكان، تقول أن والد "لينا" سقط من شدة الفزع وقساوة المشهد المرعب، وذهبت هي، التي رأت المنظر المؤلم، باتجاه ابنتها بسرعة وهي تصرخ، فوجدوا "لينا" ملقاة على الأرض غارقة في دمائها، فنهض الأب بسرعة ليحملها إلى المستشفى لإنقاذها من الموت إلا أنها لفظت أنفاسها الأخيرة من شدة الضربة التي تعرضت لها على مستوى الرأس، حيث أخبرتهم الطبيبة بعد 15 دقيقة من دخولها المستشفى أن لينا في ذمة الله، وتضيف الأم المكلومة "لم أصدق حينها وإلى غاية اليوم ما حدث لفلذة كبدي لكنني أؤمن بقضاء الله وقدره ودائما هي حية في قلبي وحياتي". وبعد مرور أيام قليلة، قررت عائلة المرحومة "لينا" متابعة قاتل صغيرتهم قضائيا، وقاموا بكل الإجراءات القانونية، ليمثلوا أمام وكيل الجمهورية ويأمر بوضع القاتل رهن الحبس المؤقت، وأثناء المحاكمة حكم عليه بستة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية تقدر ب 100 ألف دينار مع سحب رخصة سياقته لمدة 6 أشهر، ما جعل عائلة لينا تندهش من هذا الحكم الصادر ضد إنسان قاتل ومتهور غير آبه بشروط استعمال الطريق العمومي وحقوق المارة به، خاصة وأن "الشرطة وجدت بحوزته قنينات خمر وقد تجاوز السرعة التي حددها أثناء المحاكمة ب 40 كلم في الساعة"، تضيف أم لينا. وفي ختام حديث السيدة سليمة، تمنت أن تعيد المحكمة النظر في القضية لأنها لا يمكن أن تتخيل -حسب تعبيرها- رؤية قاتل ابنتها حرا طليقا، وعقدت العزم على أن تظهر الحق لترتاح من عذاب الضمير الذي يلاحقها.