يعتبر الكتاب الموسوم "المسار الصعب و المثير لمجاهد" لمؤلفة محند امقران ايت مهدي ملازم أول في جيش التحرير الوطني بالولاية الثالثة (3) التاريخية شهادة حقيقية عن الأحداث المؤلمة التي ميزت تاريخ تلك الولاية المكافحة. يسعى كتاب سي مقران الذي وافته المنية في جوان 2011 و قامت بإصدار مؤلفه بعد الموت دار نشر "رافار" و المدعم بوثائق جديدة لم يسبق نشرها تسمح بتسليط الضوء لأول مرة و بوضوح عن بعض فصول حرب التحرير الوطني بمنطقة القبائل إلى الإجابة عن تساؤلات كانت على الدوام مصدر جدل حول بعض أحداث الثورة في تلك المنطقة. كما أحجم المؤلف عن الخوض في أي تفسير للأحداث التاريخية وآثر سرد ما راه بام العين و نقل شهادات أولئك الذين كانوا في اتصال مباشر بهذا الحدث أو ذاك وتأكيد نظرته للحقائق بمجموعة وثائق حقيقية لتلك الحقبة. ان سي مقران من الفارين من الجيش الفرنسي حيث التحق بالجبال و واجه الجيش الاستعماري في الولاية الثالثة برفقة بن مصابيح ملازم أول آخر للجيش الفرنسي من معسكر.و عن ظروف فراره من الجيش الفرنسي لم يبخل الكاتب في إعطاء التفاصيل و نفس الأمر لما تعلق الأمر بسرده لأحداث "معركة الشرق" التي كان احد المشاركين فيها. أما بخصوص مؤامرة "لا بلوييت" التي كانت من الأسباب القوية في انهيار الولاية الثالثة اكتفى المؤلف بنقل ما لاحظه بنفسه سيما و أن ذلك الحدث المؤسف قد جرى في الوقت ذاته الذي التحق فيه بجبال اكفادو التي كانت تاوي مركز قيادة العقيد عميروش. و عن هذا الفصل أشار الصحفي الذي شارك في انجاز هذا المؤلف في مقدمة الكتاب إلى أن "سي مقران رفض الخوض في أي محاولة لتفسير الأحداث و فضل عوض ذلك استعراض الأحداث التاريخية باللجوء إلى شهادات ضحايا تلك المرحلة الصعبة من تاريخ الولاية".كما احتوى الفصل المخصص لما أطلق عليه "تمرد الضباط الأحرار في الولاية الثالثة" على تفاصيل أخرى ذات أهمية كبيرة.أن الأمر يتعلق بفصل مجهول من تاريخ جيش التحرير الوطني في منطقة القبائل اراد سي مقران احد صناع ذلك الحدث برئاسة الملازم أول علاوة زيوال أن ينفض عنه الغبار. في ذات السياق عاد الكاتب ليتطرق للظروف التي أحاطت بإنشاء تلك الحركة من خلال تناول الوضع الكلي لتلك الولاية التاريخية سيما بعد استشهاد العقيد اعميروش و النزيف الذي تسببت فيه المؤامرة المعروفة ب"لا بلوييت" و بخاصة الخسائر التي تسببت فيها العملية العسكرية "جومال". و سيشكل هذا العمل التاريخي الموثق بكل تأكيد أداة قيمة للباحثين في مجال تاريخ حرب التحرير الوطني كما سيعطي إجابات للقارئين حول مراحل مؤلمة من تاريخ الجزائر الذي يشكل حاليا موضوع جدل لامتناهي.