السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته؛ أما بعد: أنا طالبة جامعية في العشرين من العمر، يتيمة الأب، أعيش في بيت جدي، لأن والدتي تزوجت بعد ترملها ورفض زوجها التكفل بي، والحمد الله أنه فعل ذلك وإلا ما كان لي العيش في رحاب هذه الأجواء الإيمانية، أخوالي كلهم أهل ورع وتقوى أحسنوا إليّ، بل تسابقوا من أجل ذلك لمدى إدراكهم بحجم الجزاء والثواب الذي يناله من يمسح على رأس يتيم . لقد حظيت بالعناية الشديدة من طرفهم، فلم أشعر أبدا بالحاجة إلى والدتي، بعدما أغرتها بهارج الدنيا وأقدمت على دنيا الهوى، مع زوج لا يخشى الله، كل تعاملاته وعلاقاته مشبوهة، مما جعلني أتحاشى الذهاب إلى بيتها، فكان إعراضي عنها سببا لغضبها، ولكي أنال رضاها وأهوّن عليها، أصبحت بين الحين والآخر أزورها لفترات متباعدة، وكلما فعلت انتابني الندم والحسرة، لأن والدتي ليست أهلا لذلك، تصوروا أنها دوما تحثني على القيام بما يسيئ لاستقامتي، ومن ذلك إنشاء علاقة عاطفية والتفتح على الدنيا، إنها تسخر من لباسي المحتشم وحجابي الملتزم، ترى ذلك نوعا من التخلف وعدم مواكبة العصر، تريدني أن أستبدل سلوكي الراقي بالأدنى، وتبرهن على كلامها بضرب الأمثال عن فلانة ابنة فلان عن جمالها ومواكبتها الموضة، في كثير من الأحيان تنظر إلى وجهي نظرة اشمئزاز لأنها تراني قبيحة الملامح، ولن أغدو عكس ذلك في نظرها إن لم أنمص وأضيف بعض اللمسات باستعمال المراهم والمساحيق الملونة، أردت إقناعها بأن هذه الأمور لا تجوز للمرأة المسلمة، فالزينة مطلوبة للزوج فقط، لكنها تجادلني بمنتهى الجهل فتقول: «لن تتزوجي وأنت على هذه الحال»، ولأنني التمست منها ضعف الإيمان لم أعد أكلمها بخصوص هذا الجانب، أكتفي بالرد عليها دائما وأتحجج بأن الدراسة شغلتني عن نفسي، علما أنني طالبة في كلية الصيدلة.إخواني القراء، لم يتوقف جهل والدتي عند هذا الحد، بل فاق كل التصورات، لأنها حملت في قلبها الحقد لأفراد عائلتها باعتبارهم من تسببوا في إهمالي، فالمسكينة تنظر إلى استقامتي وحسن تربيتي على أنهما إهمال، فلا تتوقف عن لومهم ومعاتبتهم، مما جعل والدها يغضب عليها ويطردها من البيت. بعد هذا الموقف عقدت العزم على استرجاعي، لذا فإنها دائمة الاتصال بي، تطالبني لأعود إلى أحضانها باعتباره لا أحد في الدنيا يدرك مصلحتي أكثر منها وخبرتي القليلة بل المنعدمة لا تؤهلني لمواجهة الدنيا بعيدا عنها.أدرك أنها على خطأ وأهلها على صواب، فكيف أبتعد عن الحق وأذهب بكل طواعية إلى غياهب الباطل، أنا في حيرة من أمري ولا أرغب بسكب المزيد من البنزين على النار بعدم استجابتي لها، فماذا أفعل لأصد شر هذه المرأة عني ولكي أهنأ بحياتي واتباع دراستي بهدوء وسلام، بعيدا عن هذا العصيان والدعوة إلى القيام بتصرفات تغضب القدير الرحمن. منال/ بجاية