ملأت الدماء وأشلاء قتلى الغارات الإسرائيلية السبت على قطاع غزة الممرات وثلاجة الموتى في مستشفى الشفاء بغزة، فيما اندفع آلاف الفلسطينيين إلى المستشفى للتعرف على الضحايا وعيونهم مشدودة إلى السماء ترتقب الطائرات الحربية الإسرائيلية وسريعا ما امتلأت ثلاجة الموتى في مستشفى الشفاء، التي تتسع لأقل من ثلاثين جثة، وسط اندفاع عشرات المسعفين والمدنيين، وهميحملون جثث وأشلاء قتلى في ممرات المشفى الذي أضحت رائحة الموت تفوح في كل جنباته. ويندفع الشاب محمد بشير حافي القدمين ويحتضن بين يديه جثة الطفل عدي أبو المنسي ذي الأعوام السبعة، وقد أصيب للتو بشظاياقاتلة في الوجه، بينما كان مع والده عبد الحكيم الذي قتل أيضا في غارة إسرائيلية استهدفت مقرا للشرطة في دير البلح. وفجأة تتعالى صرخات أسماء (40 عاما)، التي كانت تجول بين جثث القتلى "ولداي الاثنان استشهدا". وقالت المرأة المفجوعة فيفلذتي كبديها، والتي لم تتوقف عن البكاء وهي حافية القدمين ومكشوفة الرأس "دع الزعماء العرب يفرحوا". وعمت الفوضى قسمالاستقبال في المسشفى مع وصول عشرات سيارات الإسعاف والمركبات المدنية تقل قتلى وجرحى. وعلى نقالة الموتى، وضعت جثة محمد أبو شعبان وهو من أفراد الشرطة، وبجانبه جثة طفلة مجهولة. ويقول وسام شقيق القتيل الذيلم يستطع حبس دموعه "أنها مجزرة رهيبة". ودعا مسعفون عبر مكبرات صوت المواطنين الذين يتعرفون على جثث أقاربهم، لنقلها فورا لدفنها كي يتسنى إيداع عشرات الجثثالتي تكدست أمام ثلاجة الموتى. أبو جهاد البالغ من العمر 65 عاما، وهو من سكان حي الزيتون شرق غزة، كان يتنقل ببطء بين الجثث دون أن يجد إبنه الذي يعملفي شرطة حماس، وقد أبلغه أحد أصدقائه للتو، أنه قتل ولا زال تحت ركام مقر جمعية الأسرى الذي استهدف في الغارة. لكن الحظ حالف إبن عمه أبو عبد الله حمود، الذي علم لتوه أن إبنه محمد (38 عاما) القيادي الميداني في كتائب القسام الجناح العسكريلحركة حماس، تم انتشاله من تحت ركام مبنى جمعية الأسرى المكون من عشر طبقات، والذي حولته الصواريخ الاسرائيلية إلىكومة من ركام. وانشغل عشرات المواطنين وعناصر حماس بإزالة الركام بحثا عن خمسة من عناصر القسام كانوا بداخله. ودمر القصف الإسرائيليستة منازل بجانب المبنى. ولم تسعف اللحظات التي سبقت سقوط الصواريخ الإسرائيلية صباح (44 عاما)، لنقل حفيدتها هبة ذات العام الواحد، والتي وقع عليهاركام المنزل الذي حولته الصواريخ إلى كومة من حجارة متناثرة. ووصفت حالة الرضيعة بالخطرة، حيث حظيت بجزء من الاهتمامفي مستشفى الشفاء ذي الإمكانات المتواضعة. وعلى بعد عشرات الأمتار من المنزل، وقف عشرات الشبان والأطفال ينظرون إلى واجهات عشرات الشقق السكنية والمنازل التيدمرت نوافذها واحدث القصف شروخا في جدرانها وأصيب عددا من المدنيين فيها. وفي ساحة التدريب في مقر قيادة الشرطة المقالة اختلطت دماء عشرات القتلى مع بقايا أغراضهم الشخصية ، بعدما تعرض المقرللقصف بعدة صواريخ. وكان عشرات من أفراد الشرطة المستجدين يتلقون تدريبات، عندما باغتتهم الصواريخ التي انهمرت وسط الساحة وعلى مقر الإدارة،حيث قتل اللواء توفيق جبر قائد الشرطة الفلسطينية في الحكومة المقالة. وكان لا يزال ممكنا ملاحظة جثث حوالي ثلاثين شرطيا يلبسون زي الشرطة، وكأنها في طابور، وأحدهم يرفع يديه طالبا النجدة،بينما غطى غبار كثيف المقر وتطايرت حجارة مبانيه في الطرقات المجاورة. ويقول أحمد أن شقيقه بهاء الغرابلي (20 عاما) الذي قتل في الغارة، كان قد انضم إلى الشرطة قبل شهرين، ويستعد للتخرج في دورةشرطية "كان يتمنى أن يتزوج ويبني أسرة مثل كل الناس ،لكن العدو لا يريد لنا أن نفرح". ووصف باسم نعيم وزير الصحة في الحكومة المقالة والقيادي في حماس الذي أشرف على معالجة الجرحى في مستشفى الشفاء، ماحصل أنها "جريمة رهيبة تمت بتواطىء عربي ودولي"، على حد قوله. وأوضح نعيم أن عدد القتلى والجرحى أكبر من طاقة مشافي القطاع، "لذا نناشد إخواننا العرب ضرورة إرسال مساعدات طبيةومساعدتنا في نقل جرحانا ذوي الحالات الحرجة". وتوعد أبو صهيب الذي عرف نفسه أنه قيادي في كتائب القسام "برد مزلزل..وكل الخيارات أمامنا مفتوحة للرد بحجم المجزرة". وقتل أكثر من مائتي فلسطيني وأصيب مئات آخرون في سلسلة غارات جوية، شنها الطيران الحربي الإسرائيلي مستهدفا مقراتومراكز الأمن والشرطة التي تديرها حماس في قطاع غزة.