تحية طيبة وبعد: قبل الخوض في تفاصيل مشكلتي أعترف أني مخطئة فضلت السير قدما في طريق الكذب، ليس عمدا وإنما لقلة الحيلة وعدم التمكّن من تدارك الموقف، لذا أنا في أمسّ الحاجة لمساعدتك يا من اعتبرتك في مقام والدتي ولك مني جزيل الشكر وفائق التقدير والاحترام.أمي نور، أنا شابة في مقتبل العمر، أنهيت دراستي الجامعية ولم أتمكّن من الحصول على العمل إلا بعض شق الأنفس، وبعد أن كاد والدي يحرمني من هذه الفرصة، لأنه رفض الخروج اليومي عندما كنت بصدد البحث عن وظيفة تناسب مؤهّلاتي، ولأني فشلت في هذا المسعى، قبلت بعمل خارج مجال تخصّصي، وبعد أسبوعين توقّفت بسبب تجاوز أخلاقي طال زميلة لي، فعلت ذلك خشية على نفسي من الفتنة وفضّلت الانصراف دون عودة ولم أحصل حتى على مستحقاتي، لأن رب العمل على ما يبدو رجل لا يخشى الله.لقد أحسنت التصرّف عندما اتخذت هذا القرار، وفي نفس الوقت أسأت إلى نفسي وأهلي، لأني في اليوم الموالي غادرت البيت وكأنني متوجّهة إلى العمل، فعلت ذلك دون تفكير وقضيت نهاري أجول وأصول بين المؤسّسات والشركات عسى أن يكرمني الله بعمل آخر، جهلي بتقنيات البحث عن العمل، جعلني كل يوم على هذا النحو، فوالدتي وكل أفراد عائلتي يعتقدون أنني موظّفة مستقرة وما أنا إلا كاذبة بطّالة متشرّدة، ورّطت نفسها وتعذّر عليها الخلاص من هذه الضائقة.أمي نور، لقد مضى على هذا الوضع أكثر من شهر ولم أتمكّن من بلوغ هدفي المنشود، فماذا أفعل وكيف أتصرّف علما بأنني أكاد أموت خوفا لو أن أحدهم اكتشف أمري، للعلم فأنا فتاة مستقيمة لم يحدث أبدا وأن تجاوزت حدود الأدب والأخلاق أرجوك ساعديني وشوري علي. صباح/ الوسط الرد: أوقعت نفسك في ضائقة كنت في غنى عنها لو أنك حلمت وصبرت حتى يوافيك الله رزقك من حيث لا تدرين، هذه الكذبة أضحت تلازمك وبالرغم من أن دوافعك لم تكن خبيثة، إلا أنها انعكست عليك سلبا وهذا هو حال الكذب يجعل صاحبه يعاني الهمّ والغمّ والنّكد، أسأل الله أن يعينك على نفسك ويخلّصك مما أنت فيه.أنصحك أن تنهي الموضوع مباشرة فكل يوم يمضي، يزيدك حرجا وتتعقّد المشكلة أكثر فأكثر، وإذا ظلّ الأمر على ما هو عليه مدة أطول سيتعذّر عليك مواجهة أهلك بالحقيقة، كما أشد انتباهك إلى موضوع الخروج اليومي من البيت دون أن تكون لديك وجهة معينة تقصدينها، فمن الممكن أن يجرّك الشيطان إلى طريق الأشواك، وهو الذي زيّن لك الكذب في البداية ويعلم الله وحده من عاقبة اتباعه والوقوع في حبائله، أخشى عليك من المعصية لأن النفس أمّارة بالسوء، إذا تعذّر عليك مواجهة والدتك بإمكانك الاستعانة بأحد من أخيار العائلة ومن لديه عقل راجح ويتميز بالحكمة والرزانة لكي يعينك على أمرك، وتأكّدي أن الهروب لن يحل المشكلة أبدا وكلّما أسرعت لإنهاءها كان ذلك أسهل عليك وأيسر. استعيني بالله واسأليه أن يفرّج همّك ويهديك إلى ما فيه الخير والصلاح. ردّت نور..