في مقالٍ تحت عنوان «هل هي نهاية الناتو؟» تَنَبَّأ الكاتب البريطاني روبرت فوكس بقُرْب انهيار حلف شمال الأطلسي (الناتو) في ظلّ الانقسام بين أعضائه تجاه الحرب في أفغانستان؛ حيث أشار الكاتب إلى الخلاف الذي دَبّ بين بريطانيا وحلفائها الأوروبيين بسبب المطالب الأمريكية بمزيدٍ من الجنود في أفغانستان، وهو ما يراه بقية الحلفاء أمرًا غير ضروري. وقال فوكس: قام وزير الدفاع جون هولتون بمهاجمة حلفاء بريطانيا الأوروبيين من خلال بعض المصطلحات المُصْطَنعة، بعد فشلهم في إرسال قوات إضافية للانضمام إلى دفعة الجنود الإضافية التي سيقوم باراك أوباما بإرسالها إلى أفغانستان. وقال هوتون للصحفيين: إنه كشف عن النقاشات التي أُجْرِيت مع الشركاء الأوروبيين خلف الكواليس بعد فشلهم في التوصل إلى شيء جديد. وقال هوتون: "لا يمكننا أن ننتظر أن تقوم الولاياتالمتحدة بمهمة الدَّعْم الجويّ والبَرّيّ وحدها". وترك هوتون وراءه بعض التلميحات القوية على أنه بعد كل ذلك ستقوم بريطانيا بإرسال المزيد من الجنود إلى أفغانستان مع الثلاثين ألف جندي الإضافيين الذين سيقوم باراك أوباما بإرسالهم إلى أفغانستان. كذلك لم ينكر هوتون أنّ هذا هو العدد الذي كان يُفَكّر فيه أوباما وهو الجنرال ديفيد باتريوس، وتشير بعض الأحاديث الدائرة داخل وزارة الدفاع البريطانية أن المملكة المتحدة ستقوم بإرسال لواء إضافي يضم حوالي 3500 جندي بحلول منتصف الصيف القادم. ووصف هوتون السؤال المتعلق بمزيد من الجنود في أفغانستان بأنّه "الموضوع الذي سيحدد مستقبل الناتو"، الذي يحتفل بالذكرى السِّتين لتأسيسه هذا الربيع. وستكون تلك هي القمة الأوروبية الرئيسية الأولى التي سيحضرها الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما. كذلك فإن هوتون يرى الكثير من حلفاء الناتو الأوروبيين على أنهم "ائتلاف يجمع مَن هم غير مُسْتَعِدّين" ، وفي حديثه أمام وزارة الدفاع البريطانية بدَا صوتُه وكأنَّه يُطَبِّق المبدأ الاستراتيجي الذي أطلقه الاستراتيجي العسكري الشهير جولي بورشيلي: "إذا لم تُكْسَر، فاكسرها". وقال جون هوتون: إن نجاح المهمة في أفغانستان يعتبر جوهريًا وأساسيًا بالنِّسْبة للأمن القومي البريطاني، وقال هوتون: "إذا ما سمحنا للقاعدة بإعادة احتلال تلك المنطقة الاستراتيجية في جنوب من أفغانستان مجددًا- مع حلفائهم من طالبان- فإن ذلك سيُؤثّر بشكل مباشر على أمن شوارعنا هنا في المملكة المتحدة". وهي المسألة التي لا تَحْظى بتَأْيِيد الكثير من الحلفاء الأوروبيين، يقول أحد المُحَلّلين المُتَخصّصين في شؤون الناتو: "هم لا يَرون أفغانستان شيئًا أساسيًا لأمنهم القومي"، ويضيف المُحَلّل نفسه بالقول: "الواقع أنَّهم يرون أنّ المزيد من الحروب في أفغانستان يعني المزيد من عدم الأمن في أوطانهم الأوروبية". وقال هوتون: إن القوات البريطانية والأفغانية استطاعت تحقيق بعض النجاحات الحقيقية في إقليم هلمند مع هجمات قوية في غرب وشمال العاصمة المحلية لاشكار جاه. يقول الحنرال بيتر وول (أحد كبار قادة العمليات العسكرية بوزارة الدفاع البريطانية): "لقد استطعنا تمزيق طالبان وكسْر سلسلة قادتهم واتصالاتهم، وبدأنا تجهيز الاستعدادات للتسجيل في الانتخابات، بينما يزيد الحاكم مانجال من عدد المشاريع التنموية في الوقت الحالي". وكشف قائد الكتيبة الثانية للمَظَلّيين في الجزء العلوي من وادي هلمند في محاضرة ألقاها في لندن هذا الأسبوع أن مجموعته التي تضمّ 1200 جندي سقط منها 100 جندي ما بين قتيل وجريح، ويعتبر ذلك مشهدًا يدلّ على كثافة العمليات في أفغانستان. وقال أمام مستمعيه في معهد الخدمات الملكية: إن غالبية الجنود الذين خدموا معه كانوا يتوقعون أن يدخلوا المعارك في مواقع متقدمة في غالبية الأيام، ولكن وجدوا أنفسهم في معارك يومية لأكثر من شهر، ويقول عن ذلك: "هذا هو معدل الخدمة في أفغانستان هذه الأيام"، وقال: إنه تحت قيادته يتعرض الجندي لاحتمالٍ واحد من بين 58 إلى أن يقتل أو أن يُصاب بإصابة خطيرة. يقول وول: "ولهذا السبب فإننا نحتاج إلى كثافة كبيرة في القوات، مشيرًا إلى الحاجة إلى المزيد من الجنود البريطانيين في أفغانستان"، ولهذا السبب نحن نقوم بالعمل الجادّ لتحسين مستوى التدريب والاستعداد لخوض المعارك والعمليات العسكرية كما أننا نعمل بشكل جادّ لتحسين دعم الرجال والنساء في الميدان وكذلك بعد عودتهم إلى أرض الوطن، إنها حرب بدون جبهة أمامية أو تمويل ودعم الجنود في خطّ النار مثلما ما هو في المواقع المتقدمة". إنه لا يوجد ضرورة تحتم إرسال المزيد من الجنود إلى إقليم هلمند، هناك اتجاه إلى أن يصبح هناك قائد أعلى لمجموعة من قوات الحلفاء في أفغانستان إلى جانب كل القوات الدولية لتصبح كلُّها تحت قيادته. ويقول هوتون: إن الاستراتيجية البريطانية الجديدة وفقًا لما سيعلن عنه خلال الأسابيع القليلة القادمة، ستعتمد على توسيع نطاق التركيز على المنطقة برمتها وسيكون التركيز الأكبر على المساعدة والتطوير، واستخدام القوة الناعمة بدلاً من القوة القاسية (القوة العسكرية). نحن نحاول مساعدة باكستان في إحلال الأمن في المناطق القبلية الشمالية في أفغانستان ولكننا لن نضع جنودنا على الأرض هناك". وتقويةُ أفغانستان ستَخْتَبِر مصداقيةَ ميزانية الدفاع البريطانية ومصادرها التي وصلت لمرحلة الانهيار ، مثلما فعلت منظمة الناتو نفسها