الخبز ب 15 دج والحليب ب 30 دينارا تضاربت آراء العائلات المرحلة حديثا من حي الرملي ببلدية جسر قسنطينة إلى الحي السكني الجديد 3555 مسكن بسيدي حماد في بلدية مفتاح ولاية البليدة، حول وضعية الحي والظروف التي يعيشونها، بين مرحّب بالوضعية التي يعيشونها عقب تخلصهم من البيوت القصديرية التي لازموها عقودا من الزمن، ومتشائم بسبب بعد الحي عن مقرات عملهم وافتقاره للمتطلبات الضرورية للعيش الكريم من جهة أخرى. عائلات تنفست الصعداء وعادت إلى الحياة من جديد «تهنينا من الڤرلو والزيڤو..»، «البارح رقدنا صح».. «رحمة ربي واسعة والصابر ينال».. «اليوم رانا نحسوا في رواحنا عباد»... «ادينا الاستقلال في 2015»، هي عبارات استقبلتنا بها العائلات المرحلة على الحي السكني الجديد بسيدي حماد بلدية مفتاح ولاية البليدة، بعدما تنقلنا أمس، لذات الحي في حدود منتصف النهار لمعرفة كيفية قضاء تلك العائلات ليومياتها مع بداية العد التنازلي لفصل الشتاء، بعدما كانت هذه العائلات تعيش مأساة حقيقية بمجرد نزول أولى قطرات الشتاء، حيث كان الحي في أبهى حلّة مزينا بالأعلام الوطنية، ويعج بالحركة والباعة، اضطررنا إلى التقرب من العائلات القاطنة به والتي أجمعت غالبيتها عن فرحها وسعادتها بهذه الشقق بالرغم من النقائص المتواجدة بها. دخلنا في سبات عميق ولم نحس بتهاطل المطر بعدما تقربنا من بعض العائلات، أبت الحاجة «الزهور» إلا أن تدخلنا إلى بيتها المتواضع بعدما علمت أننا من الصحافة، فبمجرد أن سألناها عن كيفية قضائها لأيام تهاطل المطر ببيتها الجديد، حتى بدأت تسرد لنا معاناتها مع القصدير منذ صغرها وارتسمت البسمة على محياها وقالت بصريح العبارة «اليوم رانا في الجنة» و«الصابر ينال»، الأمر نفسه أكدته معظم العائلات التي وقفنا عندها والتي أفادت بأنها لم تشعر أبدا بتساقط المطر إلا عندما استيقظوا صباحا ورأوا الطرقات مبللة، خاصة وأنهم كانوا يعيشون أوضاعا إجتماعية مزرية على مدار السنة خاصة في فصل الشتاء، فبمجرد تساقط القطرات الأولى من المطر حتى تبدأ معاناتهم مع الأوحال داخل بيوتهم والتي حرمتهم من الجلوس ببيوتهم بسلام، ناهيك عن فيضان وادي الحراش المحاذي للحي القصديري الذي كانوا يقطنون به. من جهته أفاد «الطاهر»، وهو رب عائلة، أن أصحاب الحي يحبسون أنفاسهم بمجرد تهاطل المطر، مشيرا إلى أنه لم يذق طعم النوم في فصل الشتاء منذ 30 سنة خوفا من الموت غرقا بمياه وادي الحراش، بالإضافة إلى صوت الرياح الذي يحدث ضجيجا كبيرا في صفائح القصدير التي شيدت بها بيوتهم، غير أنه وبعد ترحيلهم -يضيف- «لم أتفطن أبدا لتهاطل المطر إلا عندما خرجت في الصباح إلى الشارع». نقص المرافق وقلة الأساتذة نغّص على المرحّلين اكتمال فرحتهم بالترحيل بالرغم من جمال الحي السكني وفرحة العائلات المرحلة به، إلا أن انعدام المحلات التجارية والأسواق الجوارية من أجل التسوق وقضاء مستلزماتهم نغصت على العائلات المرحلة استكمال فرحتها، فالزائر إلى الموقع السكني يلاحظ تمركز محلات تجارية على الهواء الطلق بالأرصفة وكذا باعة الأثاث والخضر والفواكه، إلا أن هذه المواد لا تخضع إلى شروط الحفظ والسلامة وتشكّل خطرا على صحة المواطنين، الأمر الذي أكده بعض المواطنين ل«النهار»، خاصة وأنهم يضطرون لاقتناء حاجياتهم من عند هؤلاء الباعة ولا بديل لهم، مشيرين إلى أن هؤلاء الباعة ينتهزون فرصة انعدام المحلات من أجل رفع سعر المواد الغذائية، ناهيك عن قلة الأساتذة، مما لم يسمح للتلاميذ المرحلين بمواصلة مشوارهم الدراسي بانتظام. الحليب ب 35 دج، الخبز ب 15 دج.. و20 دج زيادة في كافة أسعار المواد الغذائية أعرب المواطنون في حديثهم إلى «النهار»، عن تذمرهم وأسفهم الشديدين لغلاء أسعار المواد الغذائية المعروضة للبيع على حافة الأرصفة من قبل الباعة، خاصة وأنهم مجبرون على اقتناء مستلزماتهم من عندهم في ظل انعدام بديل عنهم من محلات تجارية وأسواق جوارية، مشيرين إلى أنهم يضطرون إلى دفع 20 دينارا زيادة عن كل سلعة يقتنونها على غرار الزيت، السكر، السميد والطماطم مقارنة بما كانوا يقتنونه في حيهم القديم، وهي سلع ضرورية لإعداد الطعام، مشرين إلى أنهم يشترون كيس الحليب ب 30 دينار والخبزة الواحدة ب 15 دينارا، وهو الأمر الذي لم يتقبله المواطنون خاصة في أسعار الخضر والفواكه، مناشدين السلطات المحلية بخلق فضاءات تجارية وفتحها أمام المواطنين لاقتناء مستلزماتهم بأسعار معقولة. قلّة الأساتذة يرهن مصير التلاميذ والطلبة بالحي
وأثناء تواجدنا بالحي، لفت انتباهنا مجموعة من الأطفال يلعبون كرة القدم، تقدمنا منهم للاستفسار عن سبب عدم ذهابهم إلى المدرسة، فأفادوا بأن المتوسطة التي يدرسون بها لا تتوفر على عدد كبير من الأساتذة، والتي قاربت جميع المواد وأنهم سئموا من الذهاب والعودة يوميا من دون دراسة، وهو الأمر الذي أكده المتمدرسون بالثانوية الجديدة بالحي، خاصة أصحاب الأقسام النهائية الذين أشاروا إلى أن مصيرهم مجهول في ظل انعدام الأساتذة، خاصة وأنهم مقبلون على اجتياز شهادة البكالوريا، في حين أجبر المتمدرسون في أقسام اللّغات ومن اختاروا دراسة اللغة الألمانية على الإندماج مع زملائهم لدراسة اللغة الإسبانية، بحجة عدم توفر أستاذة اللغة الألمانية، وهو ما اعتبره هؤلاء الطلبة إجحافا في حقهم خاصة وأنهم درسوا الألمانية بالحي الذي كانوا يقطنون به.وأكد لنا «محمد» وهو تلميذ في القسم النهائي شعبة علوم تجريبية، أنه يضطر يوميا إلى التنقل باكرا رفقة زملائه في الدراسة إلى بلدية عين النعجة من أجل مزاولة الدراسة، بعد انعدام الأساتذة بالثانوية الجديدة والتي وإن وجدوا فهم غير أكفاء ولا يملكون الخبرة الكافية لتدريس الأقسام النهائية، حسبهم، مطالبين مديرية التربية بالتدخل العاجل من أجل توفير الأساتذة ومزاولة دراستهم بشكل طبيعي. موضوع : ارتفاع الأسعار وانعدام الأسواق ينغّص على المرحّلين حياتهم بمفتاح 0 من 5.00 | 0 تقييم من المستخدمين و 0 من أراء الزوار 0