في الوقت الذي تستثمر فيه نواد عالمية أموالا كبيرة من أجل انتداب لاعبين شبان مثلما هو الحال في أرسنال الإنجليزي وتخسر ملايير الدولارات لبناء مراكز التكوين في كل أصقاع العالم، يواصل رؤساء فرق بطولتي القسم الأول والثاني عندنا تغييب الإهتمام بالقاعدة، وإقصاء الشبان بإسقاطهم من قائمة الإهتمامات، فالبحث الفوري عن النتائج أعمى بصيرة الجميع في غياب النظرة الإستشرافية الى الأمام، واقع مر تكشفه أعداد اللاعبين الشبان في بطولاتنا الوطنية، وحتى الجهوية والولائية التي تلعب دون حماس، وبالرغم من ذلك لا يجد الشبان مكانة لهم، إلا بعض الإستثناءات تمثل الخطاف الذي لا يصنع الربيع لوحده. تكشف بعض المعطيات أنه من الخطأ تحميل مسؤولية فضائح منتخبات الشبان إلى مسؤولي الكرة عندنا، فالفرق التي كانت تمنح لاعبين جاهزين فنيا، وبدنيا في سن 17 للأكابر (بمعنى لاعب من مواليد 1992 حاليا)، على غرار بلومي، ماجر، مايدي، بوعلي، مدان، ثم ماتام، لونيسي، دحلب، صايب، بتاج وغيرهم الذين لعبوا أكابرا وهم في سن الأشبال، صارت غير قادرة على فعل ذلك رغم ارتفاع عدد المنخرطين اليوم إلى نحو 200 ألف ممارس، وعندما لا تمنح الفرق لاعبين جاهزين ويبقى آخرون في سن 37 سنة مثل موسوني، علي موسى وزعدود يلعبون بشكل عادي من الصعب الحديث أيضا عن منتخب وطني، وكذلك من الصعب إن لم نقل من المستحيل إنتظار غد أفضل، فكم هو عدد الشبان الأقل من 20 سنة الذين يمكنهم حاليا أن يحملوا ألوان المنتخب الأول؟، سؤال لا تحتاج الإجابة عليه إلى إجهاد للنفس، مثلما لم يجهد سعدان نفسه في البحث عن شبان لقائمة اللاعبين المستدعين الى لقاء البنين مادام أصغر لاعب في قائمته هو حليش رفيق الذي هو من مواليد 1986 (23 سنة). أرقام ودلالات بإلقاء نظرة على أعمار لاعبي بطولتي القسم الأول والثاني لا نجد لاعبين من الأواسط يملكون رخصة أكابر إلا إستثناءات قليلة، كما أن عدد العناصر التي تلعب في القسم الأول وتعتبر أقل من 20 سنة قليل للغاية بإستثناء درداجة وليد من "النصرية" ( من مواليد العام 1990) إضافة إلى بدبودة ابراهيم من المولودية والذي لا يشارك إلا في اللقاءات الودية، و عليلي من مولودية باتنة الذي لعب هذا الموسم بعض الدقائق، فضلا عن جربوع الأساسي في تعداد إتحاد بسكرة، ومن مواليد سنة (1989) و يلعبون بشكل أو بآخر نجد معزيز نجيب من شباب بلوزداد، بالإضافة إلى عمرون محمد من مولودية الجزائر وبدرجة أقل زميله بلخير، فضلا عن منزري أمين من جمعية الخروب، وكذلك حباش عبد السلام وسايح سعيد من إتحاد العاصمة، وطواهري من إتحاد الحراش، وتؤكد هذه الأمثلة القليلة أن الإهتمام بالتكوين اضمحل وصار مكان اللاعب الذي يصل إلى صنف الأكابر التسريح للعب في فريق أقل مستوى، ودليلا على ذلك ف "ميركاتو" هذا الموسم لم يكن الطلب فيه موجودا على اللاعبين صغار السن.. من جهتها الفرق التي اشتهرت بالتكوين مثل "النصرية" وبإستثناء درارجة فإن بقية لاعبيها على غرار خديس، عطفان وعسلة وصدقاوي تجاوزت أعمارهم ال 23 سنة، وبخصوص أولمبي العناصر العريق في مجال التكوين نجد أصغر لاعب في تعداده هو بن شريفة محمد الذي يبلغ من العمر 21 سنة، أما في تعداد جمعية وهران، فإن أصغر عنصر من الأساسيين هو بوعلام محمد 22 سنة، و"الحمراوة" الثنائي مجاهد وبالغ (21 سنة) ووداد تلمسان هدافه غزالي (22 سنة)، ومن جهته واجهة الكرة الجزائرية وفاق سطيف لا يضم أي شاب في تعداده فأصغر عنصر هو فهام بوعزة (23 سنة)، أما عن واجهة التتويجات الجزائرية شبيبة القبائل فإن أصغر لاعبيه هم مفتاح، دراق، برملة وبرشيش (24 سنة) ، في حين أولمبي الشلف المعروف بتقاليده فحاد عن توجهاته بما أن أصغر لاعبيه والحديث هنا عن الأساسين من مواليد 1987، وحتى بروز بعض اللاعبين مثل قرة وحشود في أهلي البرج، بن مغيث في البليدة، باي في بلوزداد قد يكون بشكل مؤقت، ضف الى ذلك وصولهم إلى سن 21 سنة حاليا، في وقت لم تتخلص معظم الفرق من النظرة الناقصة إلى الشبان مثلما يحدث في مولوديتي العلمة وسعيدة اللذان لا يمتلكان شبانا تقريبا لأن أصغر اللاعبين في تعداد الفريقين المذكورين هم الأفارقة، ليبقى الشبان بين مطرقة غياب التكوين، وضعف شخصيات المدربين، وهم الذين لعبوا مقابلاتهم في الأصناف الدنيا دون أي حماس جماهيري في وقت كانت تحضى من قبل لقاءات هذه الفئات بمتابعة كبيرة لأنها كانت تلعب كرفع ستار لمقابلات لأكابر، نقول هذا الكلام دائما ونحن لا نملك بطولة وطنية للشبان مثلما يحدث عند جارينا الشرقي والغربي.