الوحيد الذي كان يمكن أن ينقذ الخبر هو علي جري لو تركوه يعمل هو من بين الصحافيين الذين قدّموا الكثير للساحة الإعلامية الجزائرية، ساهم في إيصال جريدة «الخبر» إلى مرتبة مرموقة، دافع بقلمه عن الجزائر وساهم في نشر الحق، في وقت كان الموت يحدق به، إعلامي لا يستسلم أبدا، يتميّز بمواقف رجولية، هو رئيس التحرير السابق في جريدة «الخبر» العربي زواق، والمستشار الإعلامي اليوم لمدير مجمّع «الشروق» . العربي زواق إسم اقترن بجريدة «الخبر»، هل يمكن لنا أن نعرف أين هو زواق اليوم؟ أنا اليوم مدير العلاقات العامة والمستشار الإعلامي لدى المدير العام لمؤسسة «الشروق» علي فوضيل. من «الخبر» إلى «الشروق»، ما سبب هذا التغيير؟ من حيث المبدأ، من طبيعة الصحافي أن يغيّر المكان ويبحث عن راحته وتغيير مناخ العمل، و«الخبر» التي أعرفها لم تعد هي «الخبر» التي تربينا وتكوّنا فيها، وأستطيع أن أقول إنه يوجد نوعين من «الخبر»، «الخبر التاريخية» و«الخبر» الموجودة اليوم، وللأسف، «الخبر» التي كانت في السابق «انقرضت»، وهذا هو السبب الوحيد الذي دفعني إلى تغيير الأجواء والعمل في «الشروق». نعلم أنه قبل التحاقك بجريدة «الخبر» كنت مراسلا، أليس كذلك؟ نعم، قبل التحاقي ب»الخبر» كنت مراسل جريدة «الجمهورية» من ولاية تيارت، التي كان مقرها في وهران، وبعد صدور الجرائد المستقلة، على غرار جريدة «الخبر»، عملت مراسلا للجريدة من ولاية تيارت دائما، قبل أن يتم استدعائي للإلتحاق بالمقر المركزي، ومن هناك بدأت مسيرتي في الجريدة. التحقت بالمقر المركزي للجريدة في فترة عصيبة إبان سنوات الإرهاب، كيف عشت تلك المرحلة؟ لقد التحقت بالجريدة في فترة عصيبة جدا، لا أتذكر السنة جيدا، لكن أظن أن التحاقي كان سنة 1993 أو 1994، والصحافيين في تلك الفترة كانوا من بين أول المستهدفين من قبل الجماعات الإرهابية، وكما تعلمين، الصحافة كانت القناة الوحيدة التي يتنفس بها الشعب. كيف عشت تلك الفترة وأنت تزاول عملك؟ الإرهاب في تلك الفترة عندما كان يغتال صحافيا، كان يعدّ إنجازا كبيرا لهم، ونحن الصحافيون بحكم مسؤولياتنا وحبنا لهذه المهنة، وإظهار الحقيقة، دافعنا بالنفس والنفيس، حتى أنني أستطيع أن أقول إننا حاربنا الجماعات الإرهابية وواجهناها بحدة، أكثر من الأجهزة الأمنية، والحمد لله، ذهب الإرهاب وبقينا نحن. هل يمكن أن تسرد لنا المناصب التي تقلدتها في جريدة «الخبر»؟ كما قلت لك، كنت مراسلا صحافيا، وبعد قدومي إلى المقر المركزي، تمّ تكليفي بإعداد صفحة «سوق الكلام»، والتي كانت أشهر صفحة في الجزائر أكثر من الجريدة نفسها، وحققت نجاحا إعلاميا منقطع النظير، حيث أعطيتها نفسا جديدا، ومنحتها كل طاقتي لتصبح على ما كانت عليه، وفي نفس الوقت، كلّفت بإعداد صفحة أخرى هي صفحة «الوسيط «، وبعدها أصبحت صحافيا، أين حققت العديد من النجاحات وفجّرت طاقتي في الجريدة، وصنعت إسما كبيرا لنفسي، لأعيّن بعدها كرئيس للقسم الوطني والسياسي، وبعد احتدام الصراعات داخل الجريدة، قررت مغادرتها لألتحق ب«الشروق» كرئيس للقسم الثقافي. من «سوق الكلام» إلى رئاسة القسم الوطني والسياسي في «الخبر» إلى رئاسة القسم الثقافي في «الشروق»، هناك تناقض أليس كذلك؟ الصراعات التي كانت موجودة في تلك الفترة في جريدة «الخبر» هي التي كانت السبب الوحيد في مغادرتي. هل يمكن أن نعرف نوعية الصراعات التي كانت موجود في «الخبر»؟ سأختصرها في جملتين، في «الخبر» كان هناك صراع بين «المرتبطين بالسلطة» وبين الرافضين ل»وصاية السلطة». وبعدها، كيف عدت إلى «الخبر»؟ عند تواجدي في «الشروق»، تمّ الاتصال بي من طرف المساهمين في «الخبر»، وتمّ التفاوض معي لأصبح رئيس تحرير، وبعدها وافقت وعدت إلى الجريدة بشروطي. بما أنك كنت مسؤولا في جريدة «الخبر»، هل يمكن أن تشرح لنا سبب تراجع الجريدة خلال السنوات الماضية؟ قبل أن أجيبك عن هذا السؤال، أود أن أذكرك وأذكر القرّاء، بأن «الخبر» كانت تسحب يوميا 600 ألف نسخة، بسبب الأخبار التي كانت تنقلها والمواضيع الجريئة التي كانت تطرحها، وجريدة «الخبر» كان مستواها عالميا وليس محليا فقط، مما أهّلها لأن تتربع على عرش الصحافة في الجزائر، أما اليوم، الكل يعلم بعدد النسخ التي يتم سحبها، والسبب الرئيسي في هذا التراجع، يعود إلى المساهمين الذين نقلوا صراعاتهم الشخصية إلى الصحافيين، وقاموا بتشتيتهم، والخاسر الأكبر كانت المؤسسة طبعا، وهنا أريد أن أضيف شيئا. ما هو؟ قبل سنوات عندما احتدم الصراع في جريدة «الخبر»، كانت السيدة «سعاد عزوز» مسؤولة النشر في جريدة «النهار» اليوم، صحافية بارزة في الجريدة، وقد قالت لي جملة شهيرة:«يا زواقي، سيأتي يوم يذهب أناس ونبقى نحن»، وبعد 10 أيام فقط، أرسلت لها رسالة نصية وقلت لها بالحرف الواحد:«يا زميلتي.. ما بقاو لا هوما ولا حنا». نأتي إلى القضية التي أثارت الكثير من الجدل، وهي بيع مجمّع «الخبر» لرجل الأعمال اسعد ربراب، كيف يرى العربي زواق هذه الصفقة؟ هي صفقة إيجابية، لأن جريدة «الخبر» كانت تحتاج إلى أن تكون مؤسسة، وربراب له القدرة على ذلك، وقبل هذا، كان «علي جري» يطمح إلى تحقيق هذا المبتغى، لكن المساهمين أفشلوا هذا الطموح، واليوم ربراب لا محالة سيحقق هذا الأمر. لو كان عثمان سناجقي حيّا، هل كان سيسمح ببيع «الخبر»؟ عثمان سناجقي كان صديقي وزميلي أيام الدراسة، ولو كان حيّا، لكان من المدافعين على «الخبر» لعدم بيعه. بعد بيع مجمّع «الخبر» لربراب، هل سيتم المحافظة على نفس الخط الافتتاحي؟ ما أريد توضيحه أن الخط الإفتتاحي في الجزائر كلمة «مبالغ فيها»، بسبب تغيّر العديد من الأمور، والصحافة ستكون أكثر احترافية من الآن. في رأيك، لماذا لم تحقق قناة KBC النجاح الذي حققته جريدة «الخبر»؟ ببساطة، لأن القناة تتطلب أموالا طائلة، والمساهمون في «الخبر» رفضوا ضخّ الأموال المطلوبة.