الفن بالنسبة لي ليس تجارة .. و الأغنية الشاوية تستثمر للربح السريع قاده التدريس إلى البحث عن كلمات نظيفة، والتي تعبر عن عمق التراث الشاوي، ولكنه رغم ذلك بقي الفنان عيسي براهيمي مغمورا و غير معرو ف خارج حدود ولاية باتنة، النهار التقت به وكان هذا الحوار. النهار: في البداية من هو عيسى براهيمي، وكيف كانت بدايتك الفنية؟ عيسي براهيمي : أنا من مواليد1961انتمي إلى بلدية وادي الماء، التابعة ادراريا إلى ولاية باتنة، كانت دراستي الثانوية في ثانوية مصطفى بن بولعيد بباتنة مما سمح لي بالعمل في المجال التعليمي كأستاذ بالمتوسط ببجاية ثم بإكمالية وادي الماء، وحاليا أنا مكلف بتسيير دار الشباب بوادي الماء. أما بدايتي الفنية فكانت سنة 1975 بعد تأسيس فرقة "أمناي" مع عدة فنانين وهي الفرقة التي أنجزت معها أول شريط بالشاوية سنة 1976 مع الفنان ماسينيسا، بعدها واصلت المشوار الفني لوحدي خصوصا لأجل تجسيد الأفكار لتبليغ رسالة إلى الجمهور و حتى أتحمل وحدي مسؤولية هذه الأفكار، وبدءا من عام 1990 أنجزت أول شريط بعنوان "إيفراسن" أي شق طريق وسط الأدغال، الذي كان عنوان للظروف الصعبة التي كانت سائدة آنذاك، وتلاه شريطين آخرين لكن التسجيلات كانت في مستوى ضعيف حيث سجلت بإمكانيات غير محترفة ، إلا أن الشيء الذي أسعدني هو بلوغ الرسالة التي كنت أود إرسالها لجمهوري، و بعدها كان البوم رابع المسجل في استوديوهات "طبنة" هذا الأخير الذي حقق نجاحا أكثر . النهار: بين أول شريط لك سنة 1986و إلى غاية 2008 لا نجد في رصيدك سوى ستة أشرطة، ما تفسيرك؟ عيسي براهيمي:الفن بالنسية لي ، ليس للتجارة اوالإسترزاق، بل هو رسالة وبحث دقيق عن الكلمات لإحياء الأدب والتراث الشاوي، وحتى يبقى في أشرطتي أرشيف لكل من يريد البحث والتنقيب عن هذا التراث العريق، وأضيف أن العمل الجيد لابد له من أن تطول دقته. النهار: وماذا تقول في هذا العدد الهائل من الذين يؤدون اليوم الأغنية الشاوية؟ عيسي براهيمي : دعني أقول أن أغلبية هؤلاء لا يغنون الأغنية الشاوية، وإنما يغنون أغنية جزائرية عصرية، مستمدة من الفلكلور الجزائري، ويغنون فقط لكسب قوت العيش، ولا يكفي لأي شخص يملك صوتا قويا أن يحمل لقب فنان، ودعني كذلك هنا ألقي جانب من المسؤولية على المنتجين الذين يفرضون نمطا معينا من الغناء، إذ لا يهمهم غير الربح السريع على حساب الأدب الشعبي والثقافي للمجتمع، ويتحججون بأن الغناء بالشاوية لا يلقى إقبالا من قبل الجمهور، كما ألقي كذلك جانبا من المسؤولية على الجمهور نفسه الذي ساهم بدوره في انتشار الأغنية الرديئة، ولننظر إلى الواقع كيف أصبح الجمهور هو من يؤثر في الفنان، في وقت كان فيه سابقا الفنان هو القدوة، وهو من يؤثر في جمهوره بالرسالة التي يقدمها. النهار: إذا كان هذا حال الأغنية الشاوية، فماذا تقول في الأغنية الجزائرية عموما؟ عيسي براهيمي: واقعها في تدني يوما بعد يوم في الرداءة، بسبب لهث من يلقبون أنفسهم بالفنانين وراء كسب قوت العيش والربح السريع على حساب الأغنية النظيفة والهادفة ، وهو ما ينطبق على فناني الأغنية الشاوية أيضا طبعا باستثناء القلة القليلة ممن هم فعلا يستحقون لقب فنان بأتم معنى الكلمة. مثلا: عيس براهيمي: ايت منقلات ، جيمي ، ادير ، سليم سوهالي و اخرون النهار: هل انتقادك للجميع هو سبب بقاءك محصورا وغير معروف ؟ عيسي براهيمي : للتوضيح فقط ما أقوله هو رأي فنان وليس نقدا، أما أنني لست معروفا فهذه طبيعتي، لأن الظهور الإعلامي بالنسبة إلى عيسى براهيمي غير مجدي، ولأنني أريد العمل في الخفاء والهدوء التام لتصل في الأخير رسالتي عن طريق أشرطتي إلى المتلقي بشكل جيد تمكنه من هضمها والإقتناع بها، ، و كذلك لا أحب الظهور من أجل الظهور. النهار: هل معنى ذلك أن المسار الفني لعيسي براهيمي انتهى؟ عيسي براهيمي: لا أبدا، لأنني الآن بصدد وضع الروتوشات الأخيرة على شريطي الجديد الذي سأنزل به إلى السوق خلال فصل الربيع المقبل، كما أقول أن العودة إلى الوراء ليست من طبعي، فربما تجدني أتوقف برهة، صحيح، لكن ذلك قصد أخذ قسط من الراحة ونفس جديد للنظر من حولي قصد انطلاقة جديدة أكثر قوة.