تبدأ الحياة الزوجية بالسعادة والهناء والاستقرار بين الزوجين، وما تكاد تمضي الشهور، حتى تنتهي فترة السلم، وتبدأ «الحروب» الطاحنة والصراعات المريرة بين الزوجة الوافدة والغريبة والحماة، المرأة القوية المتسلّطة وصاحبة البيت، بل صاحبة الأمر والنهي، إما أن تخضع الزوجة وتستسلم وتنفذ الأوامر وتطيعها طاعة عمياء، وإما أن تستعد إلى حياة تنغص عليها العيش. يحكي لنا الآباء والأجداد وكبار السن، أن الفتاة كانت تُوصَى يوم زفافها من الجميع، وخاصة أمها، بحماتها وضرورة طاعتها قبل أن تطيع زوجها، لكن جيل اليوم، جيل الأنترنت و«الفايسبوك» تغيّرت مفاهيمه، وأصبحت الفتاة وأهلها يشترطون على من يتقدم للزواج منها، أن يبعد أمه عن ابنتهم. وأم الزوج أو الكَنّة أو الحماة أو العمّة، بأيّ الأسماء يحب البعض أن يسمّيها، قضية اجتماعية مهمّة، علينا أن نضعها على طاولة البحث، متسائلين: هل علاقة هذين الطرفين ببعضهما علاقة نزاع وشقاق أم علاقة حبّ وتفاهم؟ وما أسباب توتر هذه العلاقة؟ وما موقف الإبن بين الطرفين؟ وهل لوسائل الإعلام دور في هذه القضية؟. مما لا شك فيه أن وسائل الإعلام خاصة السينما، لعبت دورا كبيرا في نشر تلك الصورة المشوهة عن العلاقة بين الزوجة والحماة، وهي علاقة صراع وحرب، ودائما تظهر الحماة في الأفلام امرأة مستبدة متسلّطة، كلامها جارح لا تعرف الاستسلام، وهكذا تكرست هذه الصورة النمطية، وإن كان فيها جزء من الحقيقة، لكنها لا تعكس الواقع دائما، ويمكن أن نعالج هذا الاختلال بفهم نفسية الحماة وطريقة تصرفها حتى تتمكن الزوجة من إدارة الخلاف بأقل الأضرار والتكاليف، ومع قليل من الحكمة والصبر، تجتاز الزوجة هذه العقبة إلى بر الأمان والاستقرار الأسري. أنواع الحموات وكيفية تعامل الزوجة معهن؟ الحماة الفضولية: إذا كانت الحماة من النوع الفضولي وتعشق إقحام نفسها في كل صغيرة وكبيرة، وتسعى إلى معرفة كل ما يحدث في البيت وكل جديد، فعلى الزوجة هنا ألّا تستاء من الأمر، فالاستياء لن يؤدّي إلى نتيجة، وعليها أن تكون ذكية وترضي فضول حماتها قبل أن تسأل هي عن الجديد، من دون تخطي الحدود وإقحامها في خصوصيات العلاقة في الحياة الزوجية، وعليها ألا تنسى استشارتها في كل ما يهم المنزل. الحماة المتسلطة: من المعروف عن هذا النوع أنهن يملن إلى إصدار الأوامر بصفة متكررة، وبعصبية فائقة من دون السماح للزوجة أن تبدي رأيها، فهي السيدة الأولى في البيت، أما الزوجة، فهي غريبة ودخيلة ويسهل الاستغناء عنها، لذا فعلى الأخيرة أن تعلم بأن الصراخ والعناد، أو حتى مغادرة بيت الزوجية والتوجه إلى منزل عائلتها الأولى، لن يغيّر من النتيجة، وحتى لا تدمر أسرتها بيديها، يتوجب عليها أن تبادر إلى البحث عن الحل في أسرع وقت، فإن لم تتمكن من الاستقلال في شقة خاصة، فما عليها إلا إرضاء غرور الحماة، بتركها تنفرد في القرارات فيما يخص الأشياء العامة، وتجنب إبداء الرأي أمامها، وإن كان لديها تعقيب أو وجهة نظر، فلتناقشها بعيدا عنها مع الزوج، وتحاول إقناعه بسلامة رأيها وترك له حينها فرصة التدخل ومحاورة والدته بالطريقة التي يراها مناسبة، وهكذا تبقى الزوجة بعيدة عن الاشتباكات مع حماتها. الحماة الغيورة: الغيرة شيء طبيعي في الحماة، لأن هناك من جاءت لتسلبها مكانتها في مملكتها الأسرية، وتستلم شعلة تسيير أمور المنزل، وتستحوذ على مكانتها في قلب ولدها، وتكسب ودّ كل من يحيط بها من أفراد العائلة، وحتى لا تترك نار الغيرة تشتعل في قلبها وتسبب لها مشاكل وصراعات هي في غنى عنها، فلتقرب منها وتودّد إليها وتشاركها الحوارات والنقاشات وعدم اتخاذ القرارات المنزلية، والاكتفاء بالمساعدة، وكذا من الأفضل لها أخذ الإذن منها في كل مرة ترغب في فعل شيء معيّن في حالة إذا ما كان الزوج غائبا. الحماة المتقلبة المزاج: هي الحماة الأحسن والأنسب، على الرغم من أنها تارة تتعامل بهدوء ولطف وتارة أخرى تكون عصبية وصارمة وقاسية في تعاملها، فتجد الزوجة نفسها بين شخصيتين، الأولى تروق لها في المعاملة، والثانية تجعلها تنفر من بيتها، والشيء الذي تجهله الزوجة في الأمر، أن الشخصية المتذبذبة هي طبيعية وتوجد في ذات كل إنسان، لذا يتوجب على الزوجة أن تستحضر في تعاملها مع الحماة تصرفات والدتها، فتذكر لحظات الحب والقسوة واللوم والعتاب حتى تهدئ من نفسها وتلتمس أعذارا للحماة، وستخرج إلى نتيجة مفادها أن تعامل الحماة معها بهذا الأسلوب، ليس نابعا من أحاسيس سلبية تكنها لها، أو أهداف تسعى إلى الوصول لها حينما تكون لطيفة، بل هي تصرفات عادية لكل أم تجاه ابنتها. الحماة المادية: هذه الحماة لا يغيب عن بالها ولو للحظة أنها تعبت من أجل ابنها، وكانت سببا في هذه الحياة الرغيدة التي يعيشها، فكيف بهذه الزوجة تأتي لتستأثر بكل شيء وتتمتع بهذه الخيرات فترفض رفضا تاما هذه الوضعية، فهنا تبدأ المشاكل والتدخلات والتهديدات، وحتى لو استقلت الزوجة في بيتها، فإن الحماة تأتي لزياراتها بكثرة والإقامة معها، وهنا يظهر ذكاء الزوجة بتقدير هذه الحماة والصبر عليها وإهدائها بعض الهدايا، وتكون معها حكيمة بقدر المستطاع، ولا تشعرها بأنها ضيفة غير مرغوب فيها، وهذا كله من أجل الحفاظ على زواجها واستقرار بيتها.