ستكون مدينة مستغانم عاصمة للتراث الروحي و الفكر الإصلاحي بمناسبة ملتقى دولي تخليدا للذكرى المائوية لتأسيس الطريقة الصوفية العلاوية يفتتح يوم الجمعة القادم. وحسب جمعية الشيخ العلاوي للتربية و الثقافة الصوفية المنظمة لهذا اللقاء الذي يحمل عنوان "سبعة أيام من أجل التغيير" سيكون هذا الملتقى فضاءا للتفكير العميق من خلال محاضرات و ورشات تتناول بالبحث والتحليل المسائل والتحديات المعاصرة وكذا الحلول الواقعية التي تستجيب لمتطلبات إنسان القرن الحالي. وسيطرح للنقاش خلال هذا اللقاء الذي يدوم سبعة أيام والذي سيحضره شخصيات سياسية و دينية و مفكرون من أنحاء العالم (40 دولة) سبعة أسئلة كبرى تتعلق بالتنمية المستدامة و تربية الايقاظ و الإعلام (بين فقد الأمل و زرعه) و القرآن الكريم و العولمة الى جانب إسهامات الصوفية في مواجهة مشاكل العصر و بناء المستقبل. وتعمل جمعية الشيخ العلاوي من خلال هذا اللقاء الذي سيكون تتويجا " لقافلة الأمل" التي انطلقت منذ بداية السنة الجارية و تجوب مختلف مناطق الوطن على أن تتغذى هذه الاحتفالية من الذاكرة الجماعية و القيم الروحية التي مافتئت هذه الطريقة الصوفية التي تعمل منذ مائة سنة على المحافظة عليها و الدفاع عنها من أجل إشاعة السلام والتسامح و الأخوة بين أفراد المجتمع. وفي هذا الاتجاه تسعى الجمعية التي تعد امتدادا لأفكار الشيخ العلاوي من خلال محاور هذا اللقاء الدولي إلى المساهمة في تقديم حلول للمشاكل و العقبات التي تعترض مسيرة تطور المجتمع و الإنسانية بشكل عام من خلال تصور صوفي تربوي إذ وحسب الجمعية فان "تربية الإيقاظ تسمح لكل واحد بمعرفة خصوصياته و تنمية قدراته ليتمكن من الخروج من دائرته المغلقة التي فرضت عليه باسم المناهج و النماذج المختلفة". كما سيبحث هذا الملتقى سبل الاستفادة من ايجابيات العولمة دون التأثر بالسلبيات وكذا التفكير في "تحديد موقع العالم الإسلامي في سياق هذه العولمة لتصبح مكانا لالتقاء الحضارات و ليس لصدامها أو دعامة للمضاربة المالية". وتنحدر الطريقة العلاوية الدرقاوية الشاذلية حسب مريديها من سلالة عريقة يعود نسبها الى النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم. و يعتبر الشيخ العلاوي الذي أخذ المشعل من شيخه البوزيدي في سنة 1909 مجدد الطريقة في بداية القرن العشرين الذي عرف كيف يوفق بين ما هو تقليدي و معاصر و يضفي ديناميكية جديدة على التعليم في الاسلام. ويذكر أن الطريقة العلاوية اكتسبت خلال مختلف نشاطاتها المتعددة طيلة قرن من الزمن تجربة رائدة في العمل الإصلاحي و التربوي الذي تميز به مؤسسها الشيخ أحمد بن مصطفى العلاوي الذي ذاع صيته في مختلف أنحاء العالم حيث تبادر بالعديد من النشاطات في هذا الاتجاه. وتعمل هذه الطريقة الصوفية من خلال منهج يعتمد على بعدين أساسيين الأول روحي تربوي يصبو لمعرفة النفس البشرية و مجاهدة آفاتها و نزواتها لتسمو و ترتقي و البعد الثاني عملي أخلاقي تربوي لترشيد السلوكيات و المعاملات. وتهدف جمعية الشيخ العلاوي للتربية و الثقافة الصوفية التي تأسست منذ حوالي 18 سنة من قبل مجموعة من أتباع و محبي الطريقة العلاوية من خلال نشاطاتها إلى إحياء مآثر الشيخ بن عليوة و الاعتبار بمواقفه لمواصلة مسيرته في الإصلاح و التربية و البناء المجتمعي.