رافعت الجزائر، مؤخرا، لحماية التراث الصوفي في مئوية الطريقة العلاوية، وقال مسؤولون هناك أنّ الحفاظ على الموروث المذكور يجد مبررا له في كون هذا التراث "شاهد حي" على عراقة التاريخ الجزائري.وأكدت وزيرة الثقافة "خليدة تومي"، لدى افتتاحها فعاليات الاحتفال بمئوية الطريقة الصوفية العلاوية التي نظمت هذه السنة تحت شعار "زرع الأمل"، أنّ التراث الصوفي لا يزال قائما في الجزائر خاصة والمنطقة المغاربية عموما، ولاحظ وزير الأوقاف "بوعبد الله غلام الله" أن الطرق الصوفية أصبحت مدرسة في التربية الروحية للمجتمع الجزائري ومن واجب الدولة التعريف بهذا الكنز وبإمكاناته اللامتناهية في تربية وتكوين الناشئة، وشدد المسؤول ذاته أيضا على أهمية تعزيز القيم الروحية التي تحملها الطريقة العلاوية بما يضمن المحافظة عليها ونقلها من جيل إلى آخر باعتبارها السلاح الذي يمكّن من مواجهة أسباب تدمير المجتمعات التي تحملها العولمة، وأضاف قائلا"يجب بذل المزيد من الجهود لضمان أن تكون هذه الطريقة نبراسا لنشر العلم والمعرفة ومنارة لبث روح التسامح". من جانبه، أعطى "نصر الدين موهوب" الناطق باسم جمعية الشيخ العلاوي للتربية والثقافة الصوفية، نبذة عن حياة شيخ الطريقة العلاوية "سيدي أحمد بن مصطفى بن عليوة" الذي خلف الشيخ البوزيدي على رأس هذه الطريقة سنة 1909م، وذكر موهوب أنه كان عاملا وإماما مجتهدا وعاش طول حياته في سبيل خدمة ونشر الإسلام وتدريس تعاليمه الصحيحة في الجزائر وخارجها، مضيفا أنّ الشيخ خلّف آثارا كثيرة وعمل على أن يصبح للطريقة أتباع في العديد من بقاع الأرض على غرار المغرب وتونس وليبيا وسوريا وفلسطين. بدوره، أشار "حميد دمو" رئيس الجمعية العالمية للصوفية العلاوية أنّ احتفالية الذكرى المئوية هي تعبير عن الارتباط بقيم روحية وعالمية تدعو إلى السلام والأخوّة، ولطالما عملت على نشر هذه الطريقة منذ مائة سنة عبر تعليم صوفي يمتد إلى آلاف السنين، وأكد دمو في ذات الصدد أنّ التخلي عن هذه القيم الروحية سيخلّف كارثة اجتماعية وأخلاقية لا مثيل لها خاصة في ظل عولمة متسارعة تأخذ في طريقها كل ما تجده. واشتركت في تنظيم هذه الفعاليات المخلدة للذكرى المئوية لتأسيس الطريقة العلاوية كل من جمعية الشيخ العلوي للتربية و الثقافة الصوفية وجمعية الشيخ العلوي لإحياء التراث الصوفي والمؤسسة العالمية للصوفية العلاوية والمركز المتوسطي للتنمية المستدامة "جنة المعارف". في سياق متصل ستنظم الجزائر ملتقى دوليا تخليدا للذكرى المئوية للطريقة الصوفية العلوية، وذلك من 25 إلى 31 جولية المقبل بمدينة مستغانم ، ويُرتقب أن يشهد الموعد مشاركة وفود عن 36 دولة في إطار إحياء الذكرى المئوية للطريقة الصوفية العلوية. وأوضح نصر الدين موهوب الناطق باسم جمعية الشيخ العلاوي للتربية والثقافة الصوفية، أنّ عديد المختصين في مختلف المجالات بينهم رجال دين وعلماء سيشاركون في هذا اللقاء، وسيتطرق هذا الملتقى الذي يتضمن عديد الندوات والعروض، إلى محاور كثيرة منها "الأرض" و"الاتصال" و"العولمة" و"القرآن" و"الروحية و التصوف" و"المستقبل"، بينما علّق أتباع الطريقة الصوفية العلوية أنه "أمام التحديات التي تستوقف البشرية تقرح الطريقة الصوفية العلوية مباشرة تفكير عميق من شأنه أن يفضي إلى مشاريع ملموسة ونشاطات مستدامة". إلى ذلك، أعلنت، اليوم الجمعة، الانطلاقة الفعلية ل"قافلة الأمل" تزامنا مع الذكرى المئوية للطريقة الصوفية العلاوية، وكانت نقطة البدء من المقام الشهير "عبد الرحمن الثعالبي" وسط العاصمة ، بمشاركة حوالي مائة شخص من المثقفين وأتباع هذه الطريقة، وأعطيت إشارة الانطلاق وسط أجواء روحانية جسدتها تراتيل دينية أطلقتها المجموعة الصوتية للغناء الصوفي الأمازيغي ومجموعة "فردة" وفرقة الموسيقى الأندلسية "أمل"، وتفاعل معها أتباع الطريقة بينهم شيخ الطريقة "خالد بن تونس" على الرغم من حالته الصحية السيئة. وستجوب هذه القافلة 26 ولاية و تتوقف ب50 مدينة، وتحيي بها عديد التظاهرات الثقافية والدينية والاجتماعية للتعريف بهذه الطريقة وتشجيع ثقافة السلام والمساهمة في نشرها، كما ستطوف "قافلة الأمل" التي تدوم إلى غاية الصيف القادم ثلاثة مناطق كبرى ،الجنوب الغربي والجنوب الشرقي ثم منطقة التل لتضع رحالها كآخر محطة يوم 24 جويلية المقبل بولاية مستغانم منشأ الطريقة العلاوية.