لبيت يوم الجمعة 15 فبراير 2008 دعوة صديق كريم وأصيل للإلتقاء على مائدة الغداء في قلب مدينتنا الجميلة لندن. التقينا وتسامرنا، وتحدثنا عن الشعر والتاريخ والسياسة، ثم شكرته واستأذنته في المغادرة، وامتطيت قطار الأنفاق (المترو) عائدا إلى مكتبي. قبل أن أصل محطتي المقصودة بنحو خمس دقائق، لاحت لي فكرة جديدة من وحي تجدد السجال حول بعض الحملات الإعلامية التي تستهدف شخصية نبي الإسلام، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. قلت لنفسي: لقد توطدت علاقتي بالشعراء العرب من خلال مسابقة "شاعر العرب" التي تبنتها قناة المستقلة في فبراير من العام الماضي، فلماذا لا أطرح مبادرة ثقافية إبداعية جديدة، أستحث فيها مائة شاعر عربي على أن يجيبوا شعرا على سؤال واحد: لماذا تتعلق قلوب ما يقرب من مليار وخمس مائة مليون بشر بحب خاتم الأنبياء والمرسلين، يتيم مكة، محمد صلى الله عليه وسلم؟ ولأن الفكرة لا تروق إلا لمحب للنبي، فإن بالإمكان اختصار السؤال إلى كلمتين اثنتين فقط: لماذا نحبه؟.. حسمت أمري في لحظة: اطمأن قلبي للفكرة وبدأت التفكير في ما يلزم لتنفيذها. قدمت في ذات المساء برنامج "واحة الشعر" على الهواء مباشرة، وكان ضيفي في الأستوديو الشاعر العراقي المبدع الدكتور عباس الجنابي، وهو عند كثيرين "شاعر العرب" المعاصر. وعبر الهاتف من الكويت، شارك معي الجامعي والناقد والشاعر الأردني الأستاذ الدكتور بسام موسى قطوس. ومن الطائف شارك المحدّث والشاعر والأديب اليمني الدكتور محمد بن عبد الرحمن الأهدل. عرضت المبادرة على الضيوف وقبلهم على عموم المشاهدين الكرام، وأعلنت أن الباب مفتوح لاستقبال قصائد الشعراء الراغبين في المشاركة في هذا الديوان. ولقيت المبادرة ترحيبا فكريا قويا من ضيوفي الثلاثة، ومن كثير من المتصلين عبر الهاتف. كنت أبلغت زوجتي بالفكرة فسرّت بها كثيرا. وتحدثت قبل بداية البرنامج عبر الهاتف أيضا إلى المثقف السعودي المحترم عمر سالم باجخيف صاحب دار المنهاج للنشر والتوزيع ونائب رئيس اتحاد الناشرين في المملكة العربية السعودية. قلت له: الأولوية لك إن كنت ترغب في نشر هذا الديوان. فأجابني من دون تردد، من دون أن يطلب لحظة واحدة للتفكير في الإقتراح: إنني معك في المشروع، اطلب منا ما تشاء تجدنا رهن أمرك. قال لي الرجل ما معناه: وهل أفوت فرصة كهذه لخدمة سيدي وحبيبي وإمامي نبي الهدى صلى الله عليه وسلم؟ ثم عرضت بقية تفاصيل المشروع: سأجعل أمر اختيار القصائد لرئيس قسم اللغة العربية في كلية التربية بجامعة الاسكندرية الدكتور محمد مصطفى أبو شوارب، والشاعر العراقي الدكتور عباس الجنابي. ثم سنقوم إن شاء الله بترجمة الديوان في أقرب وقت إلى اللغات الانجليزية والفرنسية والصينية والروسية والهندية والإسبانية، ليعرف الناطقون بهذه اللغات في كل أنحاء العالم لماذا يحب ما يقرب من ألف وخمس مائة مليون إنسان رسول الهدى والرحمة والرمز الأول لمكارم الأخلاق صلى الله عليه وسلم. أتطلع إلى مساهمات جميلة من الشعراء الجزائريين، وإلى مساهمة جزائرية في ترجمة الديوان إلى الفرنسية. إنني لم أنس أبدا هتاف الجزائريين الأبطال وقد حققوا معجزة القرن العشرين باسترداد حريتهم وسيادتهم واستقلالهم: يا محمد مبروك عليك.. الجزائر رجعت ليك!!