وضع تحت تصرف "يحي أبو الهمام" وأصبحت نشطاته خارج التنظيم حسمت قيادة تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في مصير أميرها السابق لمنطقة الجنوب مختار بلمختار المكنى "خالد أبو العباس" والمعروف أيضا بإسم "الأعور" بحرمانه من تولي أي مناصب قيادية في التنظيم المسلح بعد أن وجهت له اللجنة الشرعية عدة تهم تخص "مقايضته الجهاد بأغراض من الدنيا" و"عدم الاعتراف بإمارة أبو مصعب عبد الودود" وأيضا "غموض مواقفه" من العمليات الانتحارية التي شرع فيها التنظيم الإرهابي منذ سنة. وجاء الفصل في ملف "خالد أبو العباس" في لقاء ضم أفراد اللجنة الشرعية قبل أسابيع في غياب الأمير السابق لمنطقة الجنوب مختار بلمختار الذي رفض وبشكل مستمر، طيلة سنة كاملة، الاستجابة إلى استدعاءات وجهت له باسم أمير التنظيم المسلح "أبو مصعب عبد الودود" بقصد المجيء إلى إمارة "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" لتبرير مواقفه أمام لجنة شرعية نصبت خصيصا للسماع له حول الكثير من القضايا التي تخص العمل المسلح في منطقة الجنوب. ولحد الساعة لم تتضح ظروف هذا القرار الذي بدأ الحديث عنه في أوساط قيادة التنظيم المسلح قبل أسابيع ولكن أحد المسلحين الذين أوقفوا خلال العملية الأخيرة التي قامت بها قوات الجيش بمنطقة يعكوران بولاية تيزي وزو قبل أيام كشف لأجهزة الأمن خلال التحقيق معه أن قيادي بارز في منطقة الوسط ضمن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" أكد له أن بلمختار سيعزل بسبب "خيانته" لقيادة التنظيم المسلح ودخوله في مفاوضات مع "الطاغوت" مشيرا إلى أن بلمختار "لم يعد يعترف لا بقيادة التنظيم ولا بقراراته". وجاءت هذه التطورات "المفاجئة" على مستوى قيادة تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" مع تزايد التوتر في منطقة الجنوب بعد تحرك أمير المنطقة "أبو عمار" إلى الشمال وتعيين نائبه "يحي أبو الهمام" منسقا لمنطقة الجنوب ومسؤولا على نشاط مجموعة مختار بلمختار الذي يوجد فعليا في حالة "طلاق غير معلن" مع قيادة التنظيم المسلح رغم أنه لا يزال ينشط في الجنوب باسم "القاعدة". وإن كان مختار بلمختار المكنى "خالد أبو العباس" قد التزم الصمت في قصة خلافه مع قيادة تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" فإن معلومات أوردها ناشطون توارق من مالي على منتدياتهم على الإنترنيت كشفت عن جزء من هذه العلاقة الغامضة بين بلمختار وأبو مصعب عبد الودود. وأهم ما جاء في هذه المحادثات التي تعود إلى نهاية العام الماضي هو تأكيد أحد التوارق أن بلمختار يعتقد بأنه الأكثر أهلية لتولي قيادة تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" لأنه الوحيد الذي بقي على قيد الحياة من جيل مؤسسي "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" الذين لهم علاقات مع تنظيم "القاعدة" بزعامة أسامة بن لادن. وينسب إلى "تائب" ضمن منطقة الجنوب تأكيده لمصالح الأمن أن لجوء أمير المنطقة "أبو عمار" إلى تكليف "يحي أبو الهمام" لخلافته طيلة فترة غيابه عن الجنوب هو نوع من "الإهانة" إلى مختار بلمختار الذي سحبت قيادة التنظيم المسلح ثقتها منه. وأضاف "بلمختار يخضع الآن إلى قيادة شخص لا يعرف منطقة الجنوب ولا خبرة ولا تجربة له" موضحا بأن "بلمختار لا يزال ينشط ضمن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ولكن لا يعترف به كتنظيم ولا بقراراته". وجاءت هذه المعلومات لتتطابق مع أخرى وردت لأول مرة في جويلية 2007 قبل سنة عندما كشف التائب مسعود بن مسعود أمير المنطقة التاسعة سابقا في لقاء مع الصحافيين عن خطة أعدتها قيادة "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" لتصفية مختار بلمختار جسديا في بداية العام الماضي بعد أن وردت تقارير من ناشطين في منطقة الجنوب تتحدث عن رفض "خالد أبو العباس" العمل تحت إمارة "أبو مصعب عبد الودود" وأيضا شروعه في اتصالات متقدمة مع أجهزة الأمن بقصد التخلي عن العمل المسلح مقابل ضمان عدم المساس به شمال مالي وتمكينه من جواز سفر. وقد بدأت انعكاسات هذه الوضعية تظهر سريعا حيث أوردت مصادر مؤكدة من شمال مالي ل "النهار" أن الإرهابي الدولي المدعو "ز.ب" المكنى "أسامة" الذي ألقى عليه في بداية شهر فيفري 2008 من طرف السلطات الأمنية بمدينة باماكو بعد أن قام أعيان قبائل الشمال بالتبليغ عنه إلى السلطات المالية بسبب عدم معرفتهم به لأنه لم يكن محل تزكية من طرف مختار بلمختار وأن تنقله في أراضي جمهورية مالي كان في إطار مهمة كلف بها من طرف "أبو عمار". وحسب نفس المصادر فإن إلقاء القبض على هذا المجرم سمح بتفكيك شبكة إرهابية تنشط مع "أبو عمار" في منطقة باماكو وتومبوكتو وتتكون من ناشطين إسلاميين من جمهورية مالي.