المتهم أخفى شفرة حلاقة في فمه وحمل بندقية وخطط لاقتحام منزل أصهاره لم يكن يتوقّع نجل دبلوماسي سابق، تولّى والده منصب سفير الجزائر في عدد من البلدان الأجنبية خلال الفترة الممتدة ما بين 1994 و2005، أن ينتهي مسلسل خلافاته الزوجية بقصة مؤلمة، فصولها كلّفته السّجن، بعدما راح يقتحم منزل أصهاره على الطريقة الهوليودية شبيهة بأفلام «الأكشن». وهو متنكر في زي نسوي، مرتديا جلبابا أزرق اللون وقفازات، ومخفيا تحته بندقية مضخيّة، إلا أن خطته الانتقامية تلك باءت بالفشل، بعدما أمسك به سكان حي «ڤاريدي» في القبة وهو يهمّ بالفرار، قبل أن يصل رجال الشرطة الذين ألقوا عليه القبض متلبسا بالجرم. القضية خضعت لمناقشة دقيقة من قبل الهيئة القضائية، إذ خيّم على جلسة محاكمة المتهم «ل،ه» جوّ من الارتباك والخوف شدّ أنفاس الحاضرين لساعات طوال، نظرا لخطورة الوقائع التي أتت أحداثها متسلسلة ومشوّقة في آن واحد. فبعد مناداة قاضي الجلسة على المتهم تقدّم الأخير لمواجهة التهم المنسوبة إليه، والمتعلّقة بجناية حمل سلاح من دون رخصة، وجنحتي محاولة السرقة والتهديد، راحت ضحيتها طليقته «ع.س»، وهي موثّقة بباب الوادي، وجارها « ب. عبد اللطيف». «فيديو» على «الفايسبوك» يوقع المتهم في أيدي الشرطة وبالعودة إلى حيثيات القضية فإنها تعود إلى تاريخ 11 أكتوبر 2017، في حدود الساعة الواحدة والنصف زوالا، حيث انتشر عبر موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» مقطع فيديو لرجل متجلبب، ألقي عليه القبض من قبل سكان حي القبة في حالة تلبس أمام منزل أصهاره، وهو يهمّ بالفرار على متن سيارته من نوع «سكودا». وبعد تداول الفيديو الذي ظهر بعنوان «العاصمة.. لحظة إلقاء القبض على شاب يرتدي جلباب»، سارع أمن ديار العافية إلى عين المكان، أين ألقى القبض على الجاني، الذي وبعد إخضاعه للتفتيش تم حجز لباسه النسوي «الجلباب» وقفازين وبندقية مضخية من دون ذخيرة، وشفرة حلاقة كانت في فمه. في حين تم العثور على شريط لاصق من الحجم الكبير، وقناع (كاغول) بداخل سيارته، لتسفر عملية تفتيش المنزل العائلي الكائن بحي تعاونية النجاح ببئر خادم، بإذن من وكيل الجمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس، على الجزء الثاني من البندقية. في حين لم يتم العثور على رخصة حيازتها، التي تعود ملكيتها إلى والد الموقوف المدعو «ل. م«، الذي تم ّ التحفظ عن ذكر هويّته تماما، لتؤكّد مصادر «النّهار» أنّ المعني هو ديبلوماسي سابق تقلّد مناصب سامية، منها وزير مفوّض للخارجية سنة 2005. كما شغل منصب سفير منذ 1994، في عدد من البلدان على الدانماركالمكسيك، السويد، النيجر والصين، قبل أن يحال على التقاعد سنة 2005، حيث تمّ إدانة الأخير أمام محكمة حسين داي على خلفيات هذه القضية، بعدما كشفت التحريات أنه يحوز على سلاح حربي من دون رخصة من السّلطات المخوّلة قانونا. التخطيط المسبق لمهاجمة عائلة طليقة المتهم أما المتهم «ابنه» فقد تمّ إحالته على التحقيق الأمني ثم القضائي، للتحري في ملابسات تنكّره بزي نسوي أمام منزل أصهاره مسلّحا، ليصرّح المعني في محاضر سماعه الأولية أنه بتاريخ 9 أكتوبر استأجر سيارة من نوع «سكودا»، من وكالة كراء السيارات مقابل مبلغ 4000 دينار. ثم في اليوم الموالي توّجه إلى محل بيع الملابس النّسوية واشترى جلبابا أزرق اللون ولواحقه «قفازات ونقاب»، ثم في يوم 10 أكتوبر وفي حدود السّاعة العاشرة صباحا وبعدما حمل بندقيّة والده «عيار 12 ملم» من المنزل العائلي ببئر خادم توّجه على متن السيّارة المستأجرة إلى منزل أصهاره بالقبة. وبقي يترصد لطليقته، خاصة وأن جلسة الخلع التي رفعتها ضده لم يتبقّ لها سوى 3 أيام للفصل فيها نهائيا، ليضيف المتهم أنه ولدى وصوله إلى الحي مكث بحظيرة السيارات ساعات طوال يترصّد لطليقته أو لخروج أحد أفراد عائلتها. قضية خُلع سبب كل ما حدث وبعدما نفذ صبره، ترك المتهم بعض المستلزمات منها الشريط اللاصق، والقناع في سيارته، وصعد سلالم العمارة 87 إلى غاية الطّابق الثّاني، وبوصوله منزل أصهاره دق الجرس لمدة تقارب 10 دقائق، إلا أنه عاد أدراجه بسبب عدم خروج أيّ شخص. فتوّجه مباشرة إلى منزل الجارة المقابلة، إلّا أنّ الأخيرة وخلال مشاهدته عند السلالم أسرعت إلى غلق الباب في وجهه، بعدما تعرّفت عليه رغم تنكّره، إلا أنه أبدى مقاومة محاولا اقتحام المنزل بالقوّة. حيث وبعد نجاتها منه أبلغت زوجها «ب.عبد اللطيف»، الذي بقي يترصد تحركات المتهم الذي لم يغادر المكان ومكث واضعا يده على شاشة كاميرا مراقبة حتى لا يتمكن من التعرّف عليه، إذ وبمجرد مغادرته لحق به وهو يصرخ بأعلى صوته «رجل يلبس جلباب» حتى التّف الجيران حوله وأمسكوه، موثّقين ذلك بفيديو. وكشف المتهم في تصريحاته أيضا، أن سبب إقدامه على هذه الأفعال هو رغبته في ملاقاة صهره، لوضع حلّ نهائي للخلاف الذي نشب مع زوجته لحرمانه من زيارة طفليه، وإصرارها على خلعه، نافيا نيته إلحاق الضرر بصهره أو طليقته. المتهم سلب من ضحاياه مليارين.. وتهديدات تلاحق زوجته ولدى سماع أقوال الضحية «ش.ه» زوجة المتهم، التي تعمل موثقة بالعاصمة، كشفت أن زوجها سبق وأن هدّدها لفظيا ومرارا، وأبدى عدم تقبله فكرة الخلع، مضيفة أنه مدمن على تعاطي «الكوكايين». كما أنه سبّب لها عدة مشاكل بسبب نصبه على عديد الأشخاص، بعد تأسيسه شركة تصدير واستيراد، فأصبح ضحاياه يتردّدون على منزلها بباش جراح، ومقر عملها مهدّدين إياها، لتقول الضحية إنها سددت بمعية والدها مبلغ ملياري سنتيم، كانت ديونا على زوجها لأجل لمّ شمل العائلة، قبل أن تقرّر تطليقه لعدم اعتدال سلوكه. الجارة تفضح الجاني ب«صدقة» أمسكها من يدها من جهتها، صرحت الضحية الثانية زوجة الجار «عبد الطيف»، الذي تمسّك بمتابعة المتهم لمحاولته سرقة منزله، أنها سبق وأن صادفت المتهم حين كان يتردد على منزلها من حين إلى آخر متنكّرا في هيئة متسوّل وتصدقت له، مما جعلها تتعرّف على ملامح وجهه بيوم الوقائع، مؤكدة أن المتهم قاومها لأجل اقتحام منزلها بالقوة بغرض سرقتها. صفيحة السوابق تكشف المستور وقادت التحريات الأمنية في قضية الحال، أن المتهم يحوز على شهادة ليسانس في الحقوق، ويتقن أربع لغات أجنبية، ومسبوق في قضية سرقة عام 2003، أدين بموجبها 3 سنوات حبسا نافذا. كما أنه قام باستئجار مركبة بالرغم من حيازة العائلة على مركبات، وهذا لتعمده العمل على تفادي التعرف عليه من قبل سكان الحي، كما أنه أخفى الشريط اللاصق الذي يُستخدم في تكميم الأفواه، وأيضا القناع في سيارته، بغرض تنفيذ عملية اختطاف في حق أحد أفراد العائلة. كما أنه وبيوم الوقائع ولدى طرقه باب أصهاره كانت تتواجد بداخل المنزل والدة طليقته، التي صرّحت أنها لم تفتح الباب كونها كانت تصلي صلاة الظهر، وبعد الانتهاء منها أسرعت لفتح الباب فلم تجد أحدا. البندقية ل«الكوراج» ووسيلة «تفاوض» كل هذه الوقائع تمسّك المتهم بإنكارها أمام الهيئة القضائية، متراجعا عن أقواله الأولية، مصرّا على أنه تنّكر في زي نسوي بغرض تحفيز نفسه على مقابلة صهره من أجل التفاوض معه. مضيفا أنه كان بصدد رفع النقاب والكشف عن وجهه بمجرد فتح الباب، أما بخصوص حمله السلاح فقد أكد أنه لم يكن معبأ وأنه انتزع منه «الذخيرة» بالمنزل قبل مغادرته، ولم يكن له قصد لتهديد ضحيته. خبرتان متناقضتان تخلطان أوراق التحقيق من جهتهم، ركز ممثلو الدفاع على الخبرتين الطبيتين، معيبين على ما تضمّنته من تقارير متناقضة، لتبقى محل جدال طيلة مراحل التحقيق، خاصة بعدما ورد في الخبرة الأولى أن المتهم تصرفاته وهيئته عادية وخطابه لا تتخلله هلوسات. ولكن يستلزم إحالته على مصحّ استشفائي للعلاج، أما التقرير الثاني فقد ورد فيه أن المتهم يعاني من شذوذ عقلي وجنون متقطع لمعاناته من جلطة عصبية منذ 2005. وبالتالي ترفع عنه المسؤولية وإلزامية وضعه في مؤسسة استشفائية، ليتساءل الدفاع عن أية مسؤولية هل الجزائية أم المدنية؟ ملتمسا إلحاح تعيين خبير آخر لإعطاء مصداقية أكثر، مؤكدا أن المتهم يتمتّع بكامل قواه العقلية ومذكّرا هيئة المحكمة بالخطة المدروسة التي حبكها قبل تنفيذها. بعد ذلك، قام ممثل النيابة العامة بتلاوة التماساته مطالبا بإنزال عقوبة 5 سنوات حبسا نافذا في حق المتهم، لتقرر المحكمة بعد المداولة بإحالة المتهم على مصّح الأمراض العقلية فرانس فانون بالبليدة.