النهار ترصد أهم ما ميّز سنة 2018 آخر هموم وأوجاع الجزائريين وفاة عياش ببئر ارتوازي في ولاية المسيلة يودع اليوم الجزائريون 2018، سنة كانت على عكس سابقاتها من السنوات، والتي عرفت أحداثا كبيرة على كل الأصعدة، سواء السياسية أو الاقتصادية وحتى الصحية، فبداياتها كانت على وقع الاحتجاجات في العديد من القطاعات الحساسة على غرار التربية والصحة، مرورا بقضية دخول 7 قناطير من الكوكايين إلى الجزائر من إسبانيا. وتوالت الأحداث في 2018، حيث شهدت لأول مرة حبس الألوية، وتغييرات هامة في الجيش، وإقالة المدير العام الأسبق للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل، ولم تتوقف عند ذلك الحد، حيث لم تكن 2018 سعيدة على سعيد بوحجة رئيس المجلس الشعبي الوطني، الذي أقيل من منصبه. وكذا الحال بالنسبة للأمين العام الأسبق ل«الآفلان»، وكان ختام السنة وفاة الشاب «عياش محجوبي» في «الحفرة»، وهي القضية التي تفاعل معها الكثير من الجزائريين. نذكر منها استشهاد 257 عسكري في سقوط طائرة.. غرق «الحراڤة» وحادثة «عياش» مآس أدمت قلوب الجزائريين ووحدت مشاعرهم شكلت أحداث شهدتها الساحة المحلية بالجزائر خلال 2018، محطات توقفت عندها عقارب الساعة، فمنها من شدت انتباه الجزائريين نظرا لهولها وحجم المأساة التي صحبتها، وأخرى لرسمها صور التضامن بين أفراد البلد الواحد. ولعل بعض المحطات التي نستذكرها حادثة سقوط الطائرة العسكرية واستشهاد 257 عسكري ببوفاريك، بالإضافة إلى حادثة غرق 20 «حراڤ» بينهم امرأتان حاملان وأطفال بسواحل وهران، من دون أن ننسى حادثة وفاة «عياش محجوبي» داخل أنبوب بئر إرتوازي في المسيلة، والتي عرفت هبة تضامنية شعبية للمواطنين طوال 9 أيام متواصلة. 257 شهيد طائرة «اليوشين» العسكرية في بوفاريك استيقظ سكان بوفاريك والبليدة خاصة والجزائريين عامة، صبيحة الأربعاء 11 أفريل الفارط، على وقع حادث أليم بالملاحة الجوية، بعدما استشهد 257 عسكري من خيرة أبناء الوطن عقب سقوط طائرة «اليوشين» دقائق من مغادرتها للمطار العسكري ببوفاريك وتحطمها تماما، حيث كانت متجهة إلى مدينة بشار. ويرجع سبب تحطم الطائرة العسكرية إلى اشتعال الجناح الأيمن، حينما كانت على ارتفاع 50 مترا عن سطح الأرض، ومباشرة فور نشوب الحريق حاول قائد الطائرة المرحوم، دوسن إسماعيل، العودة إلى المطار، غير أن المحاولة باءت بالفشل وسقطت الطائرة في مزرعة بالقرب من مطار بوفاريك العسكري، مما خلف انفجارها واستشهاد الركاب 257 من بينهم طاقم قيادة الطائرة. في المقابل تدخلت مصالح الحماية المدنية وقوات الجيش الوطني مدعمة بمعدات ووسائل ضخمة في محاولة لإخماد النيران والبحث عن الناجين. قوارب «الحراڤة» تتحول إلى توابيت لدفن الجثامين لم تخلو سنة 2018، من الأحداث الأليمة خصوصا ما تعلق بقوافل «الحراڤة» التي أصبحت تحج بالمئات يوميا إلى أوروبا وتخوض غمار ومخاطر البحر، ولعل الفاجعة الأخيرة التي هزت وهران بعد غرق 20 «حراڤ»، مثال حي عن تنامي خطر ظاهرة «الحرڤة» التي استفحلت مؤخرا. رحلة «الحراڤة» من سواحل وهران انتهت بمأساة حقيقية بعد وفاة 20 شخصا من بينهم سيدتان حاملان، في حين تم إنقاذ 9 أشخاص آخرين ضمنهم رضيعان وطفل يبلغ من العمر 11 سنة من طرف باخرة ليبيرية بسواحل تنس. «الحراڤة» حسب اعترافات أحد الناجين كانوا على متن زورق مطاطي، قبل أن يتعرض هذا الأخير لعطب، بسبب إقدام منظم الرحلة بالاحتيال عليهم، أين كان القارب المطاطي به ثقب تم إخفاؤه بقطعة جلدية تم إلصاقها به قبل تمزقه وتعرض للغرق. حيث بقي «الحراڤة» الناجون لحوالي 48 ساعة بعرض البحر، مما تسبب لهم في حروق بفعل ملوحة البحر والبنزين المختلط بالمياه. ولحسن حظهم وبقدرة القادر مرت سفينة تجارية ليبيرية قامت بإجلائهم قبل تسليمهم لوحدات حرس السواحل ومصالح الحماية المدنية المدعمة بغواصين للبحث عن «الحراڤة» الآخرين. «عياش».. قصة مأساة شاب من البئر إلى القبر مأساة أخرى عاشها الجزائريون منذ أيام، بعد سقوط الشاب «عياش محجوبي» داخل بئر «إرتوازي» في قرية أم الشمل بالمسيلة. تفاصيل الحادثة تعود إلى تاريخ 18 ديسمبر، أين سقط عياش في بئر إرتوازي بقطر 35 سم وعلق في عمق 30 مترا. وقد فشلت كل محاولات الحماية المدنية على مدار 9 أيام في إنقاذ الشاب العالق بسبب وعورة مكان تواجد البئر وارتفاع منسوب المياه، بالإضافة إلى الوضعية الصعبة التي كان يتواجد عليها «عياش» داخل البئر، حيث كانت يداه وجسمه عالقة في أنبوب بقطر 35 سم. ورغم تواصل عمليات الحفر وتدخل آليات كبيرة من أجل المساعدة في إنقاذه، إلا أن الأمور بقيت على حالها لأيام وليالي، لم يذق فيها أعوان الحماية وجزائريون أتوا إلى عين المكان لمؤازرة عائلة الشاب «عياش» النوم والراحة. وفي ذات السياق أبدى مواطنون ممن تعذر عليهم التنقل إلى المسيلة تضامنهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ودعمهم، خصوصا أن الحادثة بتواصل أيامها أبكت قلوب الملايين وأبدت عن تضامن شعب في وقت الأزمات. وانتهت بمرور 9 أيام قصة الشاب «عياش» الذي انتشل جثة من داخل البئر، غير أن معاناته وتفاصيل الواقعة ستبقى راسخة في أذهان الجزائريين. فيما خيّمت قضية «البوشي» على كل ملف من هذه الملفات حبس الألوية.. إقالة الهامل وتغييرات الجيش أهم أحداث 2018 تغييرات جذرية وإقالات جماعية وسط قيادات الجيش الوطني الشعبي.. محاكمة تاريخية لألوية وضباط سامين في الجيش.. إقالة اللواء عبد الغني هامل المدير العام للأمن الوطني السابق.. أحداث وقضايا كبرى عرفتها سنة 2018، وأسالت الكثير من الحبر، خاصة وأنها تزامنت وقضية ما عرف بملف «البوشي». وأجرى رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، وزير الدفاع القائد الأعلى للقوات المسلحة، حركة واسعة في صفوف قيادات الجيش الوطني الشعبي شهر سبتمبر الماضي، شملت عددا من الضباط السامين بوزارة الدفاع وقيادات النواحي العسكرية إلى جانب قائد القوات الجوية والبحرية والبرية أيضا، كما مست الحركة قائد الدرك الوطني مناد نوبة. وأسالت التغييرات التي أجراها رئيس الجمهورية الكثير من الحبر وربطها بقضايا فساد وغيرها، حيث تم تحويل البعض وإنهاء مهام البعض الآخر، خصوصا وأنها جاءت بالتزامن مع الضجة التي أحدثها ملف تهريب 7 قناطير من الكوكايين عبر ميناء وهران، أين تم عقب ذلك إحالة 5 ألوية وضابط سام في الجيش بتهم الفساد واستغلال النفود. وكان الحدث تاريخيا بالنسبة لمؤسسة الجيش الوطني الشعبي، خاصة بعدما قرر قاضي التحقيق العسكري إيداع الألوية الخمسة وضابط الأمن رهن الحبس المؤقت، قبل أن يتم الإفراج عنهم فيما بعد على ذمة التحقيق في القضية. من جهة أخرى، تسبب التحقيق في قضية «البوشي» أو ما يعرف بملف تهريب 701 كلغ من الكوكايين، في إقالة وإنهاء مهام المدير العام للأمن الوطني بعد 8 سنوات على رأس الجهاز، بعد التصريحات التي أطلقها ضد المحققين في القضية واتهامهم بعدم النزاهة، وعدم التزام الشفافية في التحريات التي قاموا بها. ومن بين ما قاله اللواء عبد الغني هامل حينها، «إن من يحقق في الفساد يجب عليه أن يكون نظيفا»، في اتهام مباشر لمحققي الدرك حينها بأنهم لا يلتزمون الشفافية والنزاهة في التحقيق، الأمر الذي أدى إلى إنهاء مهامه في نفس اليوم الذي أدلى فيه بهذه التصريحات، من قبل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. عرفت سنة 2018، أيضا تفجير قضية الكوكايين وما رافقها من قضايا أخرى، أطاحت بعدة رؤوس في مختلف القطاعات على غرار القضاء والسكن والداخلية والأمن وغيرها، فيما عرف إعلاميا بملف «البوشي» أو «الكوكايين»، حيث انبثق عن هذا الملف ثلاثة ملفات أخرى هي ملف الامتيازات، وملف العقار وتبييض الأموال. 2018… فضائح اقتصاد بالجملة.. آخرها استيراد «قارورات البلاستيك خردة» في وقت أعلنت فيه الحكومة حاجتها الماسة ليد ممدودة تقف إلى جانبها للخروج من أزمتها التي دخلت فيها مع نهاية 2014، وازدادت حدة من سنة إلى أخرى، فإن تخمينات الحكومة قوبلت بنتائج عكسية وبفضائح اقتصادية كان أبطالها متعاملين اقتصاديين تعمدوا سياسة التصريح الكاذب بتهريب أموال الجزائر إلى الخارج، بدلا من استغلالها في تغذية الخزينة العمومية. من جملة الفضائح التي هزت القطاع الاقتصادي، كانت قضية تهريب 40 مليارا إلى الخارج عن طريق ميناء ولاية من الولايات الشرقية، ادعى صاحبها استيراد ألواح شمسية، لكن ما دخل الجزائر كان عبارة عن أجهزة تلفزيون «بلازما». القضية هذه تضاف إليها قضية تهريب مليون دولار من خلال التصريح الكاذب لإدخال كراس متحركة عبر نفس المعبر البحري، التي أطيح فيما بشقيق مسؤول كبير. وإن كانت بداية الفضائح الاقتصادية بالجهة الشرقية خلال الأشهر الأولى من السنة، فإن الأشهر الوسطى عرفت فضيحة من العيار الثقيل لم يسبق لها مثيل في «تاريخ» الجزائر. وهي الفضيحة التي كان لها صدى وطنيا ودوليا هزت البلاد والعباد وكان موقعها المعبر البحري لعاصمة الغرب الجزائريوهران، أين تم إحباط محاولة إغراق البلاد ب701 كلغ من الكوكايين أخفاها صاحبها «كمال البوشي» داخل حاويات كانت محملة باللحوم الحمراء. وإن توسطت فضيحة الكوكايين 2018، «خير الأمور أوسطها»، فإن ختامها بميناء بجاية، بداية الفضائح كانت بالشرق ونهايتها كانت شرقية أيضا، بعدما أحبط أعوان الجمارك محاولة تهريب 17 حاوية محملة بالنفايات من طرف رجل أعمال، ادعى أنه استورد مواد أولية والحقيقة «زبالة». إضراب «الكناباست» كان أهم نقطة ميزت القطاع خلال السنة الماضية وزارة التربية تستشير تلاميذ «الباك» لأول مرة وتؤجل الامتحان تميزت سنة 2018، في قطاع التربية في الأشهر الأولى بموجة احتجاجات قادتها نقابة «الكناباست» التي شلت المؤسسات التربوية في الطور الثانوي، مما أجبر السلطات العليا للبلاد للتدخل ووقف الإضراب. وتحدّت وزيرة التربية، نورية بن غبريت، كل الفاعلين في قطاع التربية ورفضت الرضوخ للتلاميذ، حيث عملت على تعميم «المعالجة البيداعوجية»، التي قامت من خلالها بتلخيص الدروس المتأخرة من الأضراب، كما عمدت إلى إطلاق استشارة وطنية شارك فيها كل الفاعلين في القطاع لتأجيل البكالوريا من 3 إلى 19 جوان. وبالعودة للإضراب، فإن «الكناباست» قرر الدخول فيه بداية من 30 جانفي، وهذا احتجاجا على الخصم من الأجور الذي مس الأساتذة في كل من ولايتي تيزي وزو وبجاية والذين وصل إضرابهم إلى شهرين. وبعدها قامت الوزارة باستدعاء النقابة للتشاور والحوار خدمة للتلاميذ، إلا أن الاجتماع الذي جمع الطرفين فشل بسبب تحول الجلسة إلى جلسة سماع واستماع من دون الوصول إلى حل يرضي الطرفين، ويوقف الإضراب الذي تواصل لأكثر من شهرين. وبعد هذا الاجتماع، كشفت وزيرة التربية الوطنية، نورية بن غبريت، أنها سوف تدرس مع مجموعة من البيداغوجيين كيفية تعديل البرامج الدراسية، قصد استكمال البرنامج الدراسي في ظل التأخر الكبير الذي عرفه البرنامج نتيجة إضراب «الكناباست». وفي نفس الفترة، أعلن التكتل النقابي المشكل لخمس نقابات في قطاع الوظيف العمومي الدخول في إضراب وطني شامل بداية من 14 فيفري متبوعا بحركات احتجاجية واسعة. وفي 28 فيفري كشفت الوزيرة عن فتح مسابقة للتوظيف الخارجي لفائدة أساتذة التعليم الابتدائي ورتب إدارية بمجموع 8.586 منصب. وقدر عدد المناصب المخصصة للمسابقة على أساس الاختبارات ب3.378 منصب بالنسبة لأساتذة المدرسة الابتدائية و329 لرتبة مستشار التوجيه والإرشاد المدرسي والمهني، و213 منصب لرتبة مقتصد و694 منصب لرتبة نائب مقتصد و2.265 منصب لرتبة مشرف تربية و300 منصب في منصب ملحق رئيسي بالمخبر و1.407 منصب بالنسبة لملحق بالمخابر. وبعد ذلك أطلقت الوزارة استشارة وطنية قصد تأجيل امتحان البكالوريا من 3 إلى 19 جوان، بعدما وافقت الجماعة التربوية على قرار التأجيل. وبالنسبة لامتحان البكالوريا، فقد جرى في ظروف عادية بالرغم من الفوضى التي ميزت اليوم الثالث بالنسبة لمترشحي الآداب والفلسفة، أين ثار غضب التلاميذ مباشرة بعد توزيع المواضيع الخاصة بمادة الفلسفة، وشرعوا في البكاء والصراخ وغاب البعض عن الوعي في سيناريو شابه إلى حد بعيد ما حدث سنة 2013. وبعدها أعلنت الوزيرة عن المترشحين المقبولين للمسابقة المهنية للترقية والذين وصل عددهم إلى 38 ألفا و14 مترشحا للظفر ب11 ألفا و487 منصب خاص ب27 رتبة، كما وضعت وزيرة التربية إجراءً جديدا يتعلق ببروتوكول إعادة السنة الذي تم من خلاله إعادة العديد من التلاميذ لمقاعد الدراسة وإنقاذهم من شبح التسرب المدرسي، كما أعلنت وزيرة التربية مؤخرا، عن تمديد العمل بالقائمة الاحتياطية الخاصة بالأساتذة في الأطوار التعليمية الثلاثة.