الملفات المُتلفة تتعلق بقضايا أمر علي تونسي بالتحقيق فيها خلال العشر سنوات الماضية تدخل مصالح الحماية المدنية أنقذ 2500 ملف آخر من التلف.. ووكيل الجمهورية يأمر بالتحقيق في أسباب الحادث تعرضت مصلحة الأرشيف للضبطية القضائية للآمن الوطني، يوم الخميس الماضي، إلى حريق مهول، دمر جزءا كبيرا من الملفات القضائية المتعلقة بقضايا فساد من الحجم الكبير، كانت الشرطة القضائية، بصدد التحقيق فيها، على مدار الأعوام الماضية، بأوامر من المدير العام السابق للأمن الوطني، العقيد الشهيد علي تونسي. وحسب مصادر متطابقة، فإن الحريق الذي وقع في منتصف نهار يوم الخميس بأمن ولاية الجزائر وجرى التكتم عليه تجنب الكثير من الأضواء والأحاديث، مس أزيد من 3 آلاف ملف قضائي، تعرضت كلها إلى التلف، فيما تم إنقاذ قرابة ألفين وخمسمائة ملف آخر، من نفس المصير، بفضل التدخل الموفق لمصالح الحماية المدنية، التي تمكنت من إخماد الحريق في ظرف قياسي.وأضافت مصادرنا التي أوردتنا الخبر، أن تحقيقا قضائيا فُتح في الموضوع، بأمر من وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد، لكشف وتحديد ظروف وملابسات الحادث، والبحث في إمكانية وجود نية إجرامية وراءه، خصوصا وأن الكثير من المؤشرات توحي بوجود ''بصمات تخريبية'' وراء الحريق، كان يهدف أصحابها إلى إتلاف أدلة أو إثباتات إدانة.وفي التفاصيل، قالت نفس المصادر، إن الملفات والوثائق التي تعرضت إلى التلف إثر الحريق، وعددها يقدر بحوالي 3 آلاف ملف قضائي، كانت تخص تحقيقات الشرطة القضائية في قضايا فساد، أمر العقيد الراحل علي تونسي بالتحري فيها على مدار العشر سنوات الماضية، لتوضح المصادر أن تلك الملفات تتعلق بتحقيقات جرى حفظها، أو أخرى ما تزال قيد التحقيق، إلى جانب ملفات أخرى تخص محاضر سماع في مسائل أخرى شائكة تتعلق دائما بقضايا فساد. وترتبط الملفات التي تعرضت إلى التلف جراء الحريق، على العموم، بقضايا جرى التحقيق فيها من طرف مصالح الشرطة القضائية، خلال فترة تولي عميد الشرطة الأول عبد العزيز عفاني مسؤولية الشرطة القضائية في المديرية العامة للأمن الوطني، والعميد الأول مسعود زايان، المسؤول السابق للشرطة القضائية في العاصمة، بحيث أن الملفات المتلفة لا تتعلق فقط بالتحقيقات التي فتحتها الشرطة القضائية لأمن ولاية الجزائر، وإنما أيضا بالتحقيقات الأساسية المفتوحة بأمر من المديرية العامة للأمن الوطني، والتي عادة ما تكلّف بها مصالح الشرطة القضائية لأمن ولاية الجزائر، على أساس أن المديرية العامة للأمن الوطني ليست لها أجهزة تحقيق إلا ما تعلق بتجاوزات أعوان الأمن، خصوصا بعد حل ديوان قمع الجريمة المنظمة في شاطوناف.وتقول مصادر على إطلاع على الموضوع، إنه بالنظر إلى حساسية الملفات التي تعرضت إلى التلف وتلك التي جرى إنقاذها من الحرق، فإن الموقع الذي مسه الحريق، كان بمثابة العلبة السوداء لدوائر الفساد في الجزائر، كون جميع الإثباتات والوثائق التي تدين رؤوس الفساد في كبرى القضايا المحالة على التحقيقات الأمنية، كانت موجودة في مصلحة الأرشيف بأمن ولاية الجزائر، وهو ما دفع إلى الإعتقاد بوجود نية إجرامية كانت وراء وقوع الحادث، لتشير ذات المصادر على أن التحقيقات المجراة بشأن الحريق تُرجَّح فرضية العمل الإجرامي بشكل كبير. ويأتي هذا الحريق ''مجهول المصدر'' الذي أتلف آلاف الملفات والوثائق القضائية المتعلقة بقضايا فساد، أمر العقيد الشهيد علي تونسي بالتحقيق فيها على مدار 10 سنوات ماضية، بعد أيام من اغتيال هذا الأخير، لأسباب ودوافع ما تزال غير معروفة إلى حد الآن. وبقدر ما يطرح هذا التزامن بين جريمة الإغتيال التي راح ضحيتها الرجل الأول في جهاز الأمن الوطني، والحريق التي أتلف آلاف الملفات حول قضايا الفساد، أكثر من سؤال، فإنه يفتح المجال بعيدا أمام التأويلات، خاصة وأن الراحل العقيد علي تونسي، كان وراء فتح التحقيقات في غالبية القضايا التي تم إتلاف الملفات المتعلقة بها. أولطاش تخلص من تونسي لأنه فتح تحقيقات في قضايا فساد كثيرة العقيد شعيب أولطاش، زار العقيد الراحل علي تونسي في منزله قبل ثلاثة أيام من وقوع الجريمة، وطلب منه توقيف التحقيقات الجارية بشأنه، هكذا قالت صحيفة ''الخبر الأسبوعي'' في عددها الصادر لهذا الأسبوع بشأن قضية استشهاد العقيد علي تونسي، وعلاقته بقاتله العقيد أولطاش.وأوضحت الصحيفة أن التحقيقات التي كان العقيد تونسي قد أمر بها، والتي أثارت حفيظة الجاني، لم تكن مقتصرة فقط على قضايا فساد في الوحدة الجوية التابعة للأمن، التي كان يرأسها أولطاش، مشيرة إلى وجود العديد من نقاط الظل في القضية.وقالت الصحيفة، إن التجاوزات التي كان الرئيس السابق للوحدة الجوية للأمن العقيد أولطاش متورطا فيها، جعلت من الوحدة الجوية بمثابة دولة داخل دولة، في إشارة إلى عدم إطلاع الشهيد تونسي على ما كان يجري داخل الوحدة، في حين أن أولطاش كان يُوهِم الجميع بأنه يبرر تجاوزاته تلك بالزعم أن تونسي على اطلاع على ما يجري، مستغلا علاقة الصداقة التي كانت تجمعه به. من يريد رأس عميد الشرطة عبدو ربي؟ قد تكون حادثة الحريق الذي شبّ في مبنى أمن ولاية الجزائر الخميس الماضي، عملا إجراميا، الهدف منه إتلاف ملفات وأدلة جنائية تدين رؤوس فساد عديدة، لكن بالرؤية إلى الحادث من زاوية أخرى، فإن الأمور تظهر على نحو مخالف وأكثر خطورة، بحيث يتبين أيضا أن المستهدف من الحريق، هو عميد الشرطة الأول عبد المومن عبدو ربي، بصفته المسؤول الأول عن أمن ولاية الجزائر.وبذكر اسم عميد الشرطة الأول عبدو ربي؛ فإن ذلك يعيدنا تماما إلى حادثة اغتيال العقيد علي تونسي، بحيث أن عبدو ربي كان هو من أطلق النار على العقيد أولطاش، مجنبا بذلك مجزرة خطط لها الجاني، وأراد لها أن تستهدف ثلاثة من خيرة إطارات جهاز الأمن الوطني، ومنهم رئيس أمن ولاية الجزائر.فهل يمكن القول أن الأيادي التي أشعلت الحريق، أرادت تنفيذ ما لم يستطع العقيد أولطاش تنفيذه، من خلال استهداف العميد الأول للشرطة عبدو ربي، عبر السعي للإطاحة به من على رأس أمن ولاية الجزائر، بعدما فشلت محاولة تصفيته جسديا؟