مساء الخير سيدتي نور، أهاتفك اليوم لأعترف لك أنّي مجرمة، سفاحة، قاتلة، لقد سمحت لي نذالتي وضلاليتي أن أتطاول على الأحكام الإلهية وأعبث بها عبثا، أعترف أمام الله وأمامك وأمام كل الناس، أني شيطان مارد، لم أخلق في هذه الدنيا إلا لإشاعة الفساد في الأرض. أختي نور، تمنيت للمرة المليون لو أنني مت، ولم أقترف الأخطاء الفظيعة التي ستدخلني لا محالة إلى جهنم. كلما أتذكر كل هذا تنتابني موجة رهيبة من الذعر والخوف، فأستسلم للبكاء الحاد والتزام الصمت، حتى تجف دموعي ويغمى عليّ. كيف لا يحدث لي كل هذا، وأنا التي انغمست في عمق الأخطاء والمعاصي حتى غرقت فيها. أختي نور أنا شابة في29 من عمري، كنت مثالا للإستقامة والإتزان إلى أن جاء ذلك اليوم الذي تعرفت فيه على رجل سقطت تدريجيا في حبه، ولا شعوريا ولا إراديا أصبحت جارية له، أنفذ أوامره وألبي رغباته دون أدنى مناقشة، وترتب عن هذه العلاقة غير السوية أخطاءً مريعة لا يعرف ثقلها ووزنها إلا الله عز وجل. ومن بين أكبر هذه الأخطاء هو أنني رغم كل الاحتياطات التي كنت أُخضع نفسي لها، إلا أني في كل مرة كنت أحمل وألجأ إلى إسقاط ذلك الحمل بخلطة من الأعشاب التي كان يجلبها لي من بعض السحرة الذين كان يتردد عليهم، ففي عام اضطررت إلى إجهاض نفسي مرتين.. وفي المرة الثالثة لأني كنت مريضة لم أتفطن بأنّي حامل، إلا بعد أن بدأت معالم الحمل تظهر عليّ، وقتها لجأت إلى الخلطة التي تعودت تناولها، ولكن حملي ظل مثبتا في مكانه، هذا ما دفعني إلى اللجوء إلى رفع الأثقال والقفز، والقيام بالأشغال الشاقة وممارسة بعض الحركات الرياضية المعقدة، فأسقطت نفسي بصعوبة بمساعدة أحد الأطباء، ولكن هذه المرة ابني كان قد تكوّن، فالبعض من أعضائه كانت شاهرة للعيان، فسعيت إلى إلقائه في دورة المياه ولكني لم أفلح، فاضطررت إلى إخراجه من دورة المياه ودفنه. كل هذه الأحداث الرهيبة أنهكتني وصُورها المريرة ظلت عالقة في ذهني، لم أستطع التخلص منها. هكذا تدريجيا بدأت أراجع نفسي، فداهمتني أسئلة كثيرة، وهي كيف ألقى ربي وماذا سأقول له وكيف أبقى في حفرة القبر وحدي مع أخطائي؟ عند عتبة هذه النقاط انهرت وتحطمت وأقلعت عن جميع تجاوزاتي ولكني بقيت أتعذب. إنّي على استعداد تام أن أبيع كل ما أملك بتراب الأرض، لأعيش ساعة من الهناء دون تأنيب الضمير. ساعديني وقولي لي ماذا أفعل حتى أخرج من هذه المتاهات قبل أن أجن، أرجوك، لا تتخلي عنّي ولا تبخلي عليّ أنا في أمسّ الحاجة إلى عونك. جميلة/ عين تموشنت الرد: عزيزتي جميلة؛ أريدك وأنت في زحمة الضياع الذي تمشين بين أطرافه، أن تتمعني في قراءة الحديث القدسي التالي: "يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك، ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي"، وأن تعيشي أيضا سماحة وعظمة هذه الآية القرآنية:"قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعا، إنه هو الغفور الرحيم". لو دققت النظر فيما قاله الله تعالى في كتابه أو على لسان نبيه، لأدركت تمام الإدراك ثقل رحمة الله عز وجل وسعة سماحته، واطمئن قلبك وسارعت إلى فتح باب التوبة على مصرعيه، لبدء حياة جديدة ملؤها الصفاء والنقاء. عزيزتي؛ صحيح أن ذنوبك ثقيلة وكبيرة، ولكن هذا لا يعني أبدا الإستسلام لليأس، لأن هذا هو مسلك الكفار.. أنت رغم كل ما صدر منك مازلت مؤمنة. عزيزتي؛ يجب أن تجدي حلا وفورا، وذلك بأن توقفي علاقتك السابقة التي أدت بك إلى الهلاك، وتشرعي الآن في تجديد علاقتك مع الله في منأى عن الشيطان الذي يود أن يبقيك في حظيرته. عزيزتي؛ عليك أن تؤدي صلاة التوبة، ومن ثم تسعي سعيا جادا للإكثار من العبادات والطاعات. واظبي على أداء الصلوات المكتوبة والنوافل، لاسيما قيام الليل وصلاة الضُحى، ثم تكثري من ذكر الله بُكرة وعشية، وفي الوقت ذاته أنصحك بأن تكثري من الصدقات، لأن هذه خطوة جادة لمحو السيئات والتقليل من حجمها. عزيزتي؛ عاودي الإتصال بي لأعطيك بعض التدابير الأكثر نجاعة، لو تعذر عليك القيام بما طلبته منك كخطوة أولية. ردت نور