الفضيل بن عياض هو أحد الصالحين الكبار ، كان يسرق ويعطل القوافل في الليل، يأخذ فأساً وسكيناً ويتعرض للقافلة فيعطلها، كان شجاعاً قوي البنية، وكان الناس يتواصون في الطريق "إياكم والفضيل إياكم والفضيل!"، كما أن المرأة تأتي بطفلها في الليل تسكته وتقول له: اسكت وإلا أعطيتك للفضيل. ورأى الفضيل بن عياض ذات يوم امرأة جميلة جدا فطلبها لنفسه إلا أنها امتنعت من الزواج منه لما اشتهر به، فقرر الدخول عليها في بيتها وذات ليلة تسلق الجدار المؤدي إلى بيتها فإذا بها أمامه بحوش الدار مستقبلة القبلة وقائمة تصلي لله عز وجل، فجلس الفضيل ووضع يده على السقف وظل ينظر إلى تلك المرأة تقرأ القرآن وتبكي حتى بلغت قول الله عز وجل: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) الحديد:16 فنظر الفضيل إلى السماء وقد حشرجت عيناه بالدموع فقال: "يا رب! إني أتوب إليك من هذه الليلة"، ثم نزل فاغتسل ولبس ثيابه وذهب إلى المسجد يبكي حتى الصباح، فتاب الله عليه، فجعله إمام الحرمين في العبادة والزهد، وذات يوم وهو يسير في الشارع متجها لصلاة الفجر سمع تاجرا يقول لصاحبه فلننطلق الآن إلى تجارتنا، فقال له الآخر إن هذه المدينة بها رجل يقال له الفضيل بن عياض وسيقطع طريقنا، فبكى بكاء شديدا وأخذ يقول في نفسه من أكون أنا لأخيف عباد الله. اللهم ارزقنا توبة خالصة لوجهك الكريم لا نعود بعدها أبدا إنك ولي ذلك والقادر عليه.