قال تعالى: "وقل للمؤمنات يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" سورة النور الآية 31. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس إمرأة لا تحل له" تفشت في مجتمعنا اليوم ظاهرة الإختلاط السافر بين الجنسين والمصافحة المتجاهرة، فالطالب يصافح زميلته والتلميذ يفعل مثله مع زميلته، وكل بحسب الوظيفة التي يزاولها، وكل يحتج بعبارة "راها كي أختي"، و"النية في القلب"، فبالرغم من أن الإختلاط، المصافحة والخلوة مع الأجنبيات اللاّتي لم يتم ذكرهن في الآية الكريمة من سورة النساء، التي تطرقت بالتفصيل للنساء المحارم، لا يجوز شرعا إلا أنك تجد البعض يتحجج بأعذار قبيحة أشد من الفعل نفسه. وأصبحت هذه الأفعال في مجتمعنا اليوم عادية جدا يفتخر بها الشباب، كما أن الذي يرفض المصافحة أو التقبيل ينظر إليه على أنه مبتدع متعصب للدين وكأنه إختلق هذا الحكم الشرعي الذي جاء واضحا في الأحاديث النبوية والآيات القرآنية، فضلا عما قاله العلماء في هذا الشأن، إلا أن كل ذلك ضرب به عرض الحائط، وأصبح اليوم من يحيد عن القاعدة متخلف ورجعي متطرف. وصح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: "إني لا أصافح النساء" رواه أحمد والنسائي وابن ماجة. وقال عائشة رضي اللّه عنها: "ما مست يد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يد إمرأة، ما كان يبايعهن إلا بالكلام" رواه البخاري ومسلم. وإن كان النظر محرماً فاللّمس والمصافحة من باب أولى، لأنها أجلب للشهوة من مجرد النظر، حيث قال الإمام النووي رحمه اللّه: "هذا هو نهج النبي صلى اللّه عليه وسلم وصحابته والسلف الصالح من هذه الأمة". من الشباب من لا يقبل أمه إلا حين يغيب عنها لكنه يقبل زميلته كل صباح ومن الشباب اليوم من يستحي من الناس فيصافح البنات والزميلات في الجامعة والمدرسة وغيرها، إلا أنه لا يستحي من اللّه عز وجل إن هو صافحهم، ولم يعد ذلك يقتصر فقط على الأعياد والمناسبات وإنما كل صباح عند اللّقاء، وهذا ما يثبت عبث الشيطان بعقولنا اليوم فربما تجد المرء لا يقبل أمه إلا عندما يغيب عنها، ولا يقبل أخته إلا بعد عودته من سفر بعيد، فهل هذا قصور في الفهم أم إتباع للغرب والعياذ باللّه؟ وتعتبر الجزائر بلدا رائدا في هذا المجال على غرار البلدان العربية الأخرى، على إعتبار أن الغالبية القصوى تسيطر عليها أكذوبة الأخوة في العلاقة بين الرجال والنساء من الأقارب، أو الزمالة والصداقة الموروثة من الثقافات الإستعمارية، فهل يعتقد هؤلاء الذين يرون بأن المسألة تتعلق بالنية الصادقة أنهم أشرف عند اللّه من النبي محمد صلى اللّه عليه وسلم، أم أنهم أكرم عند اللّه من صحابته اللذين كانوا يتورعون عن ذلك ويطبقون ما جاء به القرآن الكريم. وأسقط اليوم الكثير من شبابنا بعض تعاليم الدين الحنيف عن أنفسهم بحجج واهية قبيحة، كعدم إرتداء الحجاب بسبب شدة الحر، أو الإختلاط بدافع حق المرأة وضرورة المعايشة، وأخيرا التقبيل والمصافحة وغيرها من الممارسات التي أصبحت عادة عند الجزائريين، بحجج زينها لهم الشيطان كالحضارة والتقدم، مما يوحي بمدى إستصغار الذنوب لدى الشعوب العربية اليوم وهي التي جعلت منها هكذا، فقد قال أحدهم لا تحقرن من الذنوب صغيرها، فإن الجبال من الحصى. أولياء يجبرون أبناء على تقبيل بنات أو شباب الأقارب خاصة في المناسبات ويقول بعض الشباب والشابات من الملتزمين أنهم يجتنبوا تقبيل الأجنبيات والأجانب من أبناء العم والخال وغيرهم من الأقارب، إلا أنهم يجدون معارضة شديدة من قبل هؤلاء وكذا الأولياء وباقي أفراد العائلة، الذين يتدخلون ليفرضوا على أبنائهم المعصية وتقبيل إبنة الخال أو العم والعمة وغيرهم الكثير، في حين يقولون أن الأمر يتعدى ذلك إذ أن بعض بنات الأقارب يفرضن على الشباب أو العكس التقبيل والمصافحة ولو بالقوة المازحة. إعتبر عادل علاقته مع قريباته علاقة عادية يسلم عليهن وهن كذلك، فلا يجدن حرجا بالظهور أمامه في زينتهن الكاملة رغم أنهن في الأصل متحجبات خارجا لأنهن يرونه محرما حسب الأعراف والتقاليد، فقد اعتبر الأمر عاديا وأنه لم يفكر في أن يكون ذلك حراما بحكم القرابة التي تربطهم، مشيرا إلى أنهن مثل إخوته البنات، وقال أنه لا يجرؤ الآن وبعد هذه العلاقة التي كانت سائدة بينهم التفكير في هجر المصافحة، لأنه سيتهم بأمور أخرى ربما وسيعتبر بلا شك معقدا في نظرهن ونظر الجميع. أما بلال فهو شاب ملتزم أكد ل"النهار" أنه لا يذهب عند أخواله وأعمامه لخشيته رعونة بناتهم، أين قال أنهن يتبرجن أمامه ولا يعرن أي إهتمام للحياء رغم أني وعظتهن، كما أشار إلى أنه يمتنع عن زيارة أخيه المتزوج لذات السبب أي حتى لا يدخل على زوجة أخيه وهي وحيدة بالبيت، فلا أطرق بابه إلا بعد أن أعلم أنه بالمنزل عبر الهاتف أو ألتقيه خارجا فأذهب معه، كما أنني لا أدخل حتى تعلم زوجته بقدومي فترتدي خمارها. ومنهم من يرفض أن يصل رحمه لأن بنات عمومته لا يسلمن عليه وتطرقت جماعة أخرى إلى جوانب خفية من الظاهرة، حين ذهب بعضهم إلى القول أن بعض أقاربه يرفضون زيارته في المناسبات لأن بناته وزوجته يرفضن مصافحتهم، بحيث يرى هؤلاء أن هذا الفعل إنتقاص من قيمته أو أنه ضيف غير مرغوب فيه وغيرها، إذ أنهم لا يكتفون بالتحية العادية فيحاولون إجبارهن على المصافحة على الأقل، في حين يقول آخرون أنهم يجبرون زوجاتهم على مصافحة وتقبيل إخوانهم الذكور. ويجهل كثير من الجزائريين رأي الشرع في هذه المسألة التي قال النبي صلى اللّه عليه وسلم في معنى الحديث الذي ذكر سلفا، أن الرجل ليضرب بمخيط من حديد خير له من أن يلمس يد إمرأة لا تحل له، وذلك لعظم هذه المعصية وما تفتح من أبواب عديدة لمداخل الشيطان، كما أنها لا شك خطوة من خطواته كان قد نهانا عنها اللّه عز وجل في قوله: "ولا تتبعوا خطوات الشيطان"، وإلا كيف يمتنع عنها النبي وأصحابه طهرة لقلوبهم ونقول نحن اليوم بعد هذا الإنحلال الخلقي وتفشي المحرمات أن النية في القلب، وأن هذه الفتات مثل أختي. وقالت حنان أنها كانت لا تعير المسألة إهتماما في صغرها، لكن بعدما علمت حكم الدين في المسألة إمتنعت عن مصافحة وتقبيل أقاربها من الرجال، وذلك بعدما بينت لهم الأمر لتلتزم منذ تلك الفترة إلى اليوم، مشيرة أن المسألة لا تعدو أن يصمد المرء يوما يتخذ فيه قراره الحازم، ويبلغه للآخرين بالفعل لا بالقول وبعدها لن يكون هناك أي حرج. إمام مسجد الهجرة بقسنطينة ل"النهار": مصافحة الأجنبيات حرام وهي خطوة من خطوات الشيطان إستنكر إمام مسجد الهجرة بقسنطينة مظاهر الإنحلال الخلقي التي سادت مجتمعنا الجزائري على وجه الخصوص، والعادات الدخيلة عليه من ثقافة الفضائيات والإحتكاك الذي ولد بعدا صارخا عن الدين، معتبرا درجة الإختلاط التي بلغتها مجتمعاتنا اليوم باللاّ عقلانية واللاّ منطقية، وأن كل ما وصلت إليه الأمة الإسلامية والشعوب العربية اليوم ناتج عن هذا السفور والإبتعاد عن الدين. وإعتبر الشيخ أن ما وصلت مجتمعاتنا إليه اليوم قمة في المعصية والمجاهرة بها، وكأن الناس اليوم أصبحوا يتحدون ربهم ويبارزونه بالمعاصي وإلا كيف نفسر أن يحتضن الشاب خليلته التي لا تحل له بأي حال من الأحوال، ويسيران أمام الملأ لا يكترثان للناظرين ولا لنظر اللّه عز وجل إليهما وكأنهما في واد والإسلام في واد آخر، إن هذا لم يحدث في الجاهلية أيها الناس يقول الإمام. وأضاف الإمام: "لقد تحدث النبي صلى اللّه عليه وسلم عن هذا الأمر قبل 14 قرنا حين قال: "سيأتي زمن على أمتي يتبعون من كان قبلهم شِبرا بِشبر حتى إذا دخلوا جُحر ضَبٍ دخلوا وراءهم" قيل (من يارسول اللّه...اليهود والنصارى؟)...قال: فمن؟"، فرسول اللّه عليه الصلاة والسلام قد بين لنا خطورة إتباع اليهود والنصارى وأمرنا بأن لا نتبع سننهم. إن الذي من يغضب اللّه لأجل إرضاء الناس قد إستحق غضب اللّه عليه، فكيف يستبدل العبد طاعة ربه بطاعة الهوى والشيطان، وكيف يخشى الناس واللّه أحق أن يخشاه، وقد أعفى اللّه عز وجل العباد من طاعة أي مخلوق في الدنيا إذا كان يدعو إلى المعصية، إذ قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق "فكيف نصافح الأجنبيات وما تلك إلا خطوة من خطوات الشيطان ليدفع الإنسان لإرتكاب فاحشة الزنى".