السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد: أنا سيدة متزوجة في الخامسة والأربعين من العمر، كنت أعيش السّعادة في بيتي مع زوجي، لكنه تغير في فترة، جعلتني أشك وانتبه لتصرفاته أكثر، وأوصلني ذلك لأعرف أنّه يحادث امرأة عبر الهاتف، واجهته وبكل عقلانية افهمني أنّني بعيدة عنه فما كان منّي، إلاّ قبول شعوره وتغيير كل اهتماماتي التي كانت لا تتعدى محاولة إرضائه ومتابعة أولادي، لقد وعدني وبقسم منه ألا يعود لذلك، وبتصديق منّي أحببت حياتي الجديدة، وأحببت خطأه الذي أوصلني لهذه الحياة السّعيدة، لكن الأمر لم يطل حتّى عرفت أنّه عاد ليحادثها مرة أخرى. هنا اعتبرتها خيانة، ولكنّه برر ذلك بإصرارها وعدم قدرته على التخلص منها، قبلت الأمر رغما عني وبكل غضب، على وعد آخر بالتوبة، مع العلم أنّ زوجي يحافظ على صلاته، وهو صاحب شخصية قوية لا يسمح بالسّهو ولا بالخطأ مهما كانت الأحوال، وهذا كان سببا لنفوري منه بالسابق ولعصبيته وسرعة غضبه، مع أنّه كريم وحنون ولا يدعني أنام وبقلبي درة غيض منه. لقد اكتشفت يا سيدة نور، أن من يحادثها هي جارتي المتزوجة، فما كان منّي إلاّ الصّراخ على فكرة أن تقوم امرأة متزوجة بمثل هذا العمل. ذهبت لبيت أهلي، فجاء واعتذر ووعد وبعلم من أهله كذلك، فرجعت وتفاقمت الأمور بيننا، لكني صمدت لأكمل مشوار تربية أطفال لا نستحقهم، لقد واجهت جارتي ورأيت منها الإصرار لأخذ زوجي وأيقنت أنّها تتمتع بوقاحة خارجة عن المألوف، كان ذلك بعد أن لحقت زوجي لمكان عمله ومن ثم للبيت، وأوضحت له أنّها تريده صديقا مخلصا فقط. حاولت وبكل هدوء، أفهمها أن ما تطلبه مرفوض شرعا وعرفا، لكنها رفضت وأصرت على تمسكها به، فأخرجتها من البيت طردا وصراخا غصبا منها. رغم مرور مدة عن ذلك، مازالت اللئيمة تراقبنا عبر النوافذ وتنتظر موعد دخول أو خروج زوجي لتخرج من أجله. إن زوجي يا سيدة نور، يصارحني بذلك مترددا خائفا من رد فعلي، ولكنى أفهمته مرارا أنني لا أهتم بها، بل به وبتصرفاته، المشكلة أنني دائمة التفكير ومراقبة تحركاته، فأنا لم أعد أثق به نهائيا ولا أعرف حقيقة إن كان هو من يريدها ويعود لها في كل مرة، ماذا علي أن أفعل أهو مجرد شك؟ لا أستطيع أن أواصل حياتي هكذا، في صراع دائم بسبب التفكير والمراقبة وتفتيش الهاتف و السيارة بحثا عن أي دليل، فأنا أشعر بعدم الثقة والخوف من الوقوع بصدمة أخرى، وللحفاظ على بيتي وأولادي الذين هم أغلى علي من روحي أريد منك المساعدة. سليمة/ ميلة الرد: أحيي فيك هذه الحكمة التي تتمتعين بها، والتي كان لها الدور الكبير في المحافظة على أسرتك من الإنهيار حتى الآن. إنّ ما ذكرته من تفاصيل لقصتك، جعلتني أقف مندهشة أمام هذا الإصرار على الخيانة التي تتمسك به جارتك المتزوجة، وكأن ما تفعله هو حق شرعي لها، ينبغي عليها أن تدافع عنه حتى الموت. عزيزتي، ما حدث قد حدث، والبكاء على الأطلال لا ينفع، وبما أنّك وزوجك وصل إلى المرحلة الحالية التي انقطع فيها الإتصال بينه وبينها، على رغم محاولاتها اليائسة لاستعادتها، فأنا أنصحك بما يلي: المحافظة على هذه الحكمة والتعقل التي اتصفت بها حتى الآن، وهذه الحكمة تستوجب منك عدم اتهام زوجك مجددا بتصرفات لا دخل له فيها، وإظهار الثقة به من وقت لآخر، والإعلان الصريح عن حبك الشديد له، واستعدادك لمحاربة العالم من أجله، وهذه الخطوة وإن كانت ستتم ببعض التكلف من قبلك في المرحلة الأولى، ولكن سيكون لها أثر في تمسك زوجك بك وعدم التّفكير في خيانتك مجددا. عزيزتي، لا تتوقفي عن مراقبة جارتك وتصرفاتها، قفي لها بالمرصاد كلما حاولت الإقتراب من زوجك ومن بيتك، مستخدمة كل الوسائل المشروعة في ذلك، حتى ولو وصل الأمر إلى تهديدها بفضح أمرها إلى زوجها أو أقاربها، إذا لم تبتعد عن زوجك وتترككما وشأنكما، وإذا لم ينفع التّهديد أقدمي على إخبار زوجها بما تفعله زوجته، وذلك بالتلميح في أول الأمر ثم بالتصريح إذا لم يفلح التهديد. عزيزتي؛ حاولي إقناع زوجك بتبديل بيتكما ومكان سكنكما، وشراء أو استئجار بيت آخر، يكون بعيدا عن هذه المرأة، على أن تضعي في ذهنك أن هذه الإجراءات لا تعني بحال من الأحوال أن هذه المرأة ستتوقف عن أفعالها المشينة، ذلك أن من يتصف بالصفات التي تتصف بها جارتك، لن يمنعها أن تبحث عن وسائل أخرى للقاء زوجك والتحرش به، ولكن هذه الخطوات قد تساعدك أنت وتريحك شيئا ما، لأن الإزعاج التي يسببه لك رؤيتها بشكل دائم، ينعكس عليك وعلى علاقتك بزوجك، وتأكدي بأنها تقصد هذا الإزعاج، وذلك حتى تفقدك راحتك مع زوجك، وبالتالي تتصاعد الخلافات بينكما. عزيزتي، لا تبالغي من خشيتك على زوجك من الخيانة مجددا، ما دفعني إلى هذا القول، هو الصفات التي يتمتع بها زوجك، وحبه لك الذي يمنعه من النوم في حال كنت غاضبة منه، وكذلك التجارب التي مرت بكما في السابق، ومحافظة زوجك على الصلاة التي لا بد أن تنهيه عن الفحشاء والمنكر. أخيرا، لا تنسي في خضم كل ذلك، أن الله سبحانه وتعالى موجود، وهو القادر على أن يغير الأحوال ويبدلها، لذلك الجئي إليه بالصلاة والدعاء أن يحفظ لك بيتك وزوجك، وأن يجعل كيد هذه المرأة الخائنة هباءا منثورا. ردت نور