أنا قارئة وفيّة لجريدة "النهار" تجاوزت الأربعين، مطلقة منذ 12 عاما بعد زواج دام 5 سنوات، ذقت خلاله أصناف الذل والعذاب على يد رجل ظالم قاس لا يعرف قلبه الرحمة والرأفة، عدم قدرته على الإنجاب جعلت منه إنسانا مريضا نفسيا ومعقدا إلى أن طلقني، بعد أن عايرته بعجزه عندما ركلني برجله على بطني، فمن شدة الألم فعلت ذلك. ومنذ أن تم طلاقي، وأنا أعيش في منزل أسرتي مع والدتي وأخي وزوجته وأبنائه، ولأن زوجة أخي موظفة أصبحت أنا الخادمة والمربية والمسؤولة عن المنزل من تنظيف وطبخ ورعاية الأطفال. مضت السنوات وتوفيت خلالها والدتي، التي كانت سندا لي، مما زاد أوجاعي وعزز إحساسي بالوحدة والكآبة. بدأت الأعباء تتزايد يوما بعد يوم، وزوجة أخي تتمادى في طلباتها وأوامرها، والمؤلم أن أخي يوافقها على ذلك وكأنني خادمة أعمل عندهما بأجر. لقد قالها بصريح العبارة "عملك مقابل أكلك وشربك لدي" لم أشعر يوما بأنه متعاطف معي، أو يهتم لحالي، رضيت وصبرت وتحملت، كان لابد أن أتحمل وأصبر وأرضى، فلم يكن أمامي حلا آخر غير ذلك، ولم يكن لي ملجأ غير بيت أخي رغم ظلمه وظلم زوجته لي، هكذا مضت أعوام عديدة وحالي على ما هي عليه لم تتغير. ولكن ما حدث مؤخرا، هو ما دفعني إلى مراسلتك سيدتي نور، لعلك ترشديني وتنيري دربي وتساعديني على أخذ قرار مازلت مترددة في أخذه. ويمنعني أخي وزوجته من مجرد التفكير فيه، لأنهما قررا لي وانتهى الأمر، منذ فترة تقدم لي رجل أرمل وأب لشاب متزوج، وهذا الأخير هو من ألح عليه بفكرة الزواج، كي يجد من تؤنس وحدته وتشاركه أيامه القادمة خاصة أنه مقتدر وصحته جيدة، وليس كبيرا في السن ولا ينقصه شيء، خاصة أنه أدى ما عليه تجاه ابنه الوحيد بعد وفاة زوجته، فعكف على تربيته ورعايته بمساعدة أهله، ولم يتزوج خوفا عليه من زوجة الأب، في بداية الأمر رحبت بالفكرة، وشعرت بأن خلاصي سيكون على يد هذا الرجل، لكن أخي وزوجته وقفا لي بالمرصاد، ورفضا هذا الزواج ووقفا صفا في وجهي وطريقي، حاولت أن أقنعهما ولكن ثورتهما كانت أكبر من قدرتي على مواجهتها، فاستسلمت للأمر الواقع وأنا مكرهة. أشعر يا سيدة نور بالظلم والقهر والحيرة، خاصة أن هذا الرجل لا يزال مصرا على الإرتباط بي، فهو بحق رجل بمعنى الكلمة، كل من يعرفه يثني على أخلاقه الرفيعة، أرجوك انصحيني ماذا أفعل؟ هل أقبل به وأتزوجه، أم أستسلم للأمر الواقع وأرضخ لرفض أخي وزوجته؟ سكينة/ أم البواقي الرد: عزيزتي، أقول لك تزوجي هذا الرجل، ولا تدعي الفرصة تفوتك بحجة أن أخاك وزوجته يرفضان الأمر، أو بحجة أنك أضعف منهما، فليس لهما الوصاية عليك، هذه حياتك وأنت امرأة ناضجة وقادرة على اتخاذ القرار، ولا يحق لأي كائن كان أن يتخذ عنك مثل هذا القرار المصيري، هما يريدانك أن تظلي على ما أنت عليه، خادمة مطيعة ترعي البيت والأولاد، هل ترضين أن تظلي خادمة بقية عمرك؟ هل ترضين بالظلم والقهر، والفرصة للخلاص من ذلك أمامك؟ لا أعتقد من يحب نفسه أن يرضى لها بالهلاك. عزيزتي، إن لم تساعدِ نفسك وتدافعي عن حقوقك فلن تجدي من يساعدك، صدقيني إذا فوتي هذه الفرصة سيلازمك شعور بالندم، وثقي أن الناس تحترم المرأة القوية التي تحافظ على حقوقها وحياتها في ظل الشرع والمسموح، لذا لا تستسلمي وتفوتي على نفسك فرصة قد لا تتكرر، تزوجي هذا الرجل، وعيشي الحياة التي خرجت منها، استغلي سنوات عمرك، وكوني سيدة بيتك بدلا من خادمة في بيت أخيك وزوجته، وإن أصر شقيقك على موقفه، لك أن تلجإ لأي كبير من العائلة لكي يتدخل في الأمر. وسيحل الإحترام مكان الإستهانة التي كانوا يعاملونك بها، كوني يا عزيزتي قوية، وأقدمي على هذه الخطوة بشجاعة، فلا تضحي بما تبقى من حياتك كما ضحيتي بما مضى منها. ردت نور