صيادلة يتواطؤون مع مندوبي المخابر لكشف أسماء الأطباء الذين يصفون أكبر قدر من الأدوية كشف البروفيسور، طاهر ريان، رئيس الجمعية الجزائرية لطب وزراعة الكلى، عن قيام المندوبين الطبيين التابعين للمخابر الأجنبية، بحملات مراقبة للوصفات الطبية التي يعطيها الأطباء للمرضى، للتأكد من مدى التزامهم بالعمل معهم، مقابل تحفيزات مادية مغرية جدا. وأوضح البروفيسور، ريان، ل''النهار''، أنّ العملية تتم بالدرجة الأولى على مستوى المستشفيات، حيث يقوم المندوب الطبي، بمحاولة إقناع الأطباء العامين، المتخصصين، وحتى المقيمين، بأهمية الدواء الذي ينتجه المخبر ومدى نجاعته، وأفاد الأستاذ أنه عادة ما يلجأ ممثلو المخابر من خلال عملهم إلى ما يسمى بحرق الأدوية، أي ضرب أسعار أدوية الشركات المنافسة لجذب المستهلكين، لشراء الصيدلي بالدرجة الأولى، بالمقابل يستفيد كل طبيب يقبل وصف الدّواء، من امتيازات ماديّة وماليّة غير مباشرة، بالنّظر إلى المداخيل الضّعيفة التي يتقاضاها شهريّا، حيث تحدّد نوعيّة المكافأة وقيمتها حسب الخدمات المقدّمة، وعدد المرّات التي يوصف فيها المنتج، مشيرا في ذات الصّدد، إلى أنّ العديد من الأطباء يغيبون دائما عن مناصب شغلهم، بحكم انشغالهم بالرحلات التي يمنحها لهم المخبر الذي يتعاملون معه، خاصة باتجاه فرنسا. دورات تكوينية في الخارج وأجهزة طبية مقابل وصف أدوية أجنبية وعلى صعيد متصل، كشف البروفيسور، أنّ كل طبيب على اختلاف درجته العلمية، الذي يصف أكبر عدد من الأدوية المنتجة من قبل المخابر، يستفيد من عينات دواء مجانية أو أدوات مكتبية، وقد يصل الأمر إلى تجديد عيادة الطبيب على حساب الشركة، واشتراكه في مؤتمرات علمية عالمية، تنظّم في الولاياتالمتحدة أو الصّين ورحلات سياحية، وذكر الأستاذ أن كل ذلك يتم دون أن يقوم الطبيب بإخطار مجلس أخلاقيات المهنة. وفي السّياق ذاته، قال البروفيسور، أن هؤلاء المندوبين، يتأكدون من مدى التزام الأطباء بالاتفاق المبرم بينهم، حيث يقومون بجولات على مستوى كافة الصّيدليات، خاصة تلك التي تقع على مقربة من مكان عمل الطبيب، على أساس التّأكد من نسبة مبيعات الأدويّة التي ينتجها المخبر، لتتم بعدها المطالبة بقائمة الوصفات الطبية، للاضطلاع على عدد المرّات التي وصف فيها الدّواء، وكذا اسم الطّبيب المعاين، ومنذ متى شرع في استخدام الدواء بعد التشخيص، وعلى ذلك الأساس، تحدّد نوعيّة المكافأة التي سيستفيد منها، كل ذلك يتمّ بالتواطؤ مع الصّيادلة الذين يستفيدون هم الآخرون من كمية من الأدوية التي توزع لهم مجانا. دروس خصوصية للأطباء مقابل هدايا ومبالغ مالية..! وحسب البروفيسور، يضاف إلى سلسلة الرشوة التي تمارسها المخابر في الجزائر ظاهرة تكوين الأطباء، حيث أفاد محدثنا، أن أحد المخابر الأجنبية الذي يزاول نشاطه في الجزائر، يعمل على إرسال مندوبين طبيين، إلى المستشفيات لمنح دعوات للأطباء من أجل التكوين، تكون موجهة بالدرجة الأولى إلى الممارسين الجدد، بالإضافة إلى العامين، الأخصائيين في الطب الداخلي، حيث يتم استقبالهم في ولايات الوطن الداخليّة، على أساس تكوينهم وتدعيم مستواهم المعرفي، للتعريف بالمرض وكيفية علاجه، من خلال استعراض قائمة الأدوية المستخدمة في العلاج، مع التّأكيد على العقاقير التي ينتجها المخبر المنظّم، وتقديم هدايا وتشجيعات لهم. رئيس عمادة الأطباء الجزائريين، بقاط بركاني: ''هناك تجاوزات مسجّلة يصعب الكشف عنها'' من جهته، أفاد الدّكتور، بقاط بركاني، أنه من المفروض أن يصرح كل طبيب بنوعية النشاط الذي يمارسه، خاصة فيما يتعلق بالعمل مع المخابر، وتنقلاته إلى الخارج، وأوضح بقاط، أن المندوبين الطبيين مسموح لهم بالعمل في المستشفيات، لتزويد الأطباء بالمعلومات الطبية حول المخبر الذي يعملون لحسابه، مؤكدا في ذات الصّدد، وجود العديد من الخروقات، فيما يخص نوعيّة المزايا التي يمنحها المندوب للطبيب، وأضاف رئيس العمادة، أنّه لا يمكن حصر الأطباء المخالفين لأخلاقيات المهنة، مشيرا إلى أنّه في العديد من الأحيان، تقوم المخابر بضخّ مبالغ ماليّة هامّة، للجمعيّات الطبيّة، للترويج لهم، دون التّمكن من حصرها على مستوى العمادة.