كشفت وثيقة حصلت الشروق اليومي على نسخة منها وجود تجاوزات خطيرة وممارسات غير أخلاقية لا تنم للمنافسة الشريفة بصلة تقوم بها مخابر الأدوية الأجنبية في الجزائر مستغلة غياب مصالح الرقابة التابعة لوزارة الصحة المسؤولة بنص القانون عن متابعة مدى احترام المتعاملين في قطاع الدواء لبنود المرسوم التنفيذي 286 الصادر في 6 جويلية 1992 الذي يجرم رشوة الأطباء والصيادلة مثل منحهم كميات مجانية من الأدوية أو هدايا مادية للتأثير عليهم في وصف الأدوية أو بيعها على مستوى الصيدليات لصالح مخابر بعينها على حساب أخرى * * نائب رئيس مجلس أخلاقيات الصيدلة "للشروق": مراقبة التجاوزات من صلاحيات وزارتي الصحة والتجارة * * فاتورة منظومة الضمان الاجتماعي تجاوزت 2.2 مليار دولار سنة 2007 * * وهذا بنص المواد من 29 على 34 من المرسوم المذكور التي تمنع بشكل تام منح عينات دوائية للأطباء والصيادلة. * ولم تكتف المخابر الصيدلانية الأجنبية بتجاوز المرسوم المذكور، بل ضربت عرض الحائط بقانون الصحة رقم 85 05 الصادر في 16 فيفري 1985 لا سيما المادة 242 منه التي تمنع منح عينات مجانية للأطباء والصيادلة، وتنص المادة 242 المذكورة على أنه: "يعاقب بالحبس من سنتين إلى 10 سنوات مع فقدانه لحقوقه المدنية لمدة تتراوح بين 5 و10 سنوات لكل من تتم معاقبته بنص هذه المادة". * وأكدت الوثيقة التي بحوزة "الشروق اليومي" أن شركات ومخابر الأدوية الأمريكية والفرنسية والتركية، تقوم وبدون أدنى حرج بمنح كميات مجانية من الأدوية مقابل الترويج لمنتجاتها من قبل المتعاملين بالجملة في مجال الدواء، تصل تلك الكميات في بعض الأحيان إلى 10 بالمائة، وهي نفس الاستفادة التي تنتقل للصيدلي بالتجزئة الذي يقبل بهذه الممارسات، كما يتم منح كميات مجانية للأطباء بحجة أنها عينات لتوزيعها على المرضى، بالإضافة إلى رحلات سياحية وإقامة في فنادق 5 و4 نجوم في مدن الدارالبيضاء وفاس ومراكش، ورحلات إلى مدن تركية وفرنسية وحتى إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، تحت غطاء دورات تكوينية ومنتديات طبية في مجال الصيدلة، بالإضافة إلى وقوفها صراحة ضد البرنامج الوطني للأدوية الجنيسة، وهذا بدون أدنى تحرك من مجلس أخلاقيات الطب أو مجلس أخلاقيات الصيدلة الذي أتهمته أطراف من داخله بعقد اتفاقية مع جمعية الصيادلة اليهود الفرنسيين، وهو ما نفاه نائب رئيس المجلس الدكتور لطفي بن دا أحمد في اتصال مع الشروق اليومي، مؤكدا أن الفيديو الذي عرض سنة 2002 بولاية تلمسان خلال مؤتمر جهوي للمجلس لا علاقة له بالتهم التي وجهتها أطراف من داخل المجلس معارضة للقيادة الحالية. * وأضاف نائب رئيس المجلس، أن الاتفاقات التي يبرمها المجلس تتم بموافقة وزارة الخارجية، ولا يمكن في هذه الحالة الاتفاق مع جمعية يهودية. * * المخابر الأجنبية قررت إفشال مسعى الجزائر لدعم الأدوية الجنيسة * * ترفض المخابر الأوروبية التي تتوفر على فروع لصناعة المواد الجنيسة في بلدانها الأصلية، تسويق الدواء الجنيس في الجزائر وتفضل بيع الأدوية الأصلية فقط بسبب هامش الربح الكبير الذي يصل إلى 60 بالمائة، ومن بين هذه الشركات، شركة سانوفي أفانتيس التي تنتج وتبيع أدوية جنيسة في فرنسا منذ سنوات من خلال فرعها المسمى "سانوفي ونتروب" المختص في صناعة الأدوية الجنيسة. * ولم تتأخر بعض المخابر الأجنبية في منح مساعدات مالية معتبرة لمجلس أخلاقيات الصيدلة، على الرغم من منع القانون لهذه الممارسات، بالإضافة إلى إرسال بعض الأعضاء في المجلس في رحلات سياحية إلى الصين، والتكفل بمصاريف المشاركة في المؤتمرات السنوية للفيدرالية الدولية للصيادلة، والمنتدى الأوروبي للصيدلة (فارما غورا) الذي يعد أكبر معرض من نوعه في العالم في مجال الصيدلة، إضافة إلى الصالون الدولي للمحضرين الصيادلة (غالينيكا)، والأيام الدولية للصيدلة بباريس وغيرها، وهو ما يدفع للتساؤل هل تقبل هذه المخابر تمويل هذه الأمور لوجه الله، وإذا كان كذلك، فما هو هذا المقابل؟ * وطالبت شركات صناعة الأدوية الوطنية العمومية والخاصة رئيس الحكومة ووزير الصحة الجديد سعيد بركات كونه طبيبا، بالتدخل العاجل لوقف هذه الممارسات التي ضربت الصناعة الصيدلانية الوطنية في الصميم، وأكد مصدر من شركة وطنية لصناعة الأدوية، في تصريح "للشروق اليومي"، إن موزعي الجملة أصبحوا لا يتورعون عن مطالبة المندوبين الطبيين التابعين للشركة بمنحهم كميات مجانية أو هدايا مقابل ترويج أدوية الشركة، مضيفا أن المخابر الأجنبية أصبحت تزايد على بعضها بعضا الهدايا المقدمة والتي تصل إلى منح سيارات وشاشات تلفزيون البلازما ومنح دراسية في الخارج، وهي الممارسات المستحيلة بالنسبة لشركات صناعة الأدوية العمومية الجزائرية مما يجعلها تفقد السوق في ظل غياب التطبيق الدقيق والحرفي للقانون من قبل مصالح وزارة الصحة. * تجاوزت ميزانية الضمان الاجتماعي السنة الفارطة 2.2 مليار دولار ما يعادل 141.1 مليار دج منها مليار دولار ما يعادل 64 مليار دج لتعويض الأدوية فقط، وهذا بسبب التلاعب المسجل في وصف الأدوية المرتفعة الثمن للمرضى المصابين بأمراض مزمنة مثل القلب والسكري وأمراض الكلى والسرطان الذين تضمن لهم الدولة الأدوية مجانا، ما يعني أن التغطية الصحية التي تضمنها الدولة لهذه الشريحة، تستفيد منها في الحقيقة المخابر الأجنبية والمستوردين والموزعين الذين فرضوا منطقهم وسيطرتهم على مجلس أخلاقيات الصيدلة الذي لم يتغير مكتبه منذ 1998. في حين لم يتوان في المطالبة بالاستقلالية عن الدولة رغم علم المجلس أن الدولة الفرنسية لها 5 ممثلين في مجلس أخلاقيات الصيدلة الفرنسي وهم من يدافع عن مصالح الدولة الفرنسية والمريض الفرنسي، فهل تحول مجلس الأخلاقيات في الجزائر عن مهمته الأخلاقية المتمثلة في مراقبة مدى احترام شروط مهنة الطب والصيدلة، إلى معاقبة الأطباء والصيادلة الذين يدافعون عن مصالح الدولة والمريض الجزائري؟