وزيرة الخارجية الفرنسية ميشال اليو-مارى تعترف السلطات الفرنسية صراحة في بياناتها وتوجيهاتها التي تبثها إلى رعاياها المتواجدين بالخارج، ومؤسساتها الملحقة في دول العالم، بتمكن القوات الأمنية الجزائرية من إحكام قبضتها على فلول الإرهاب وباقايا العناصر المسلحة، من خلال التشكيل الأمني المتخذ في هذا السياق، إلاّ أنها تصر بالرغم من ذلك وكلما أتيحت لها الفرصة، على استغلال الأوضاع الراهنة لتهويل واقع استقرار البلاد والرفع من مستوى التهديد الإرهابي في الجزائر. تناقض واضح وقعت فيه وزارة الخارجية الفرنسية خلال آخر تحديث لركن ''توجيهات للمسافرين''، عبر موقعها الإلكتروني في السابع جانفي الجاري، عقب احتجاجات الشارع التي شهدتها البلاد، على خلفية ارتفاع سعر بعض المواد الإستهلاكية ذات الإستعمال الواسع، على غرار مادتي السكر والزيت، ففي الوقت الذي تعترف فيه بتمكّن قوات الأمن الجزائرية بمختلف أشكالها سواء الشّرطة أو الدرك وحتى الجيش الوطني الشعبي، من إحكام قبضتها على الخطر الإرهابي في البلاد، معبرة عن ذلك بصريح العبارة: '' أن الخطر الإرهابي متحكم فيه من قبل التشكيل الأمني المعتمد''، إلاّ أنّها في مقابل ذلك لا تترد في وصف الأوضاع الأمنية للبلاد بالكارثية، مقسمة المساحة الجغرافية للجزائر إلى رقعتين فقط، الأولى تمثل في الجنوب الجزائري، وهي غير منصوح بها إطلاقا لرعاياها والثانية تشمل باقي ولايات وسط وشمال الوطن، والتي تنصح بعدم التنقل فيها إلا لأسباب قاهرة. وفي هذا السياق، ورغم أن الموقع تم تحديثه مطلع السنة الجارية غير أن الدبلوماسية الفرنسية تعمدت الإستشهاد بأحداث قديمة تعود إلى منتصف العام الماضي، لتسويد الوضع الأمني في الجنوب الجزائري، لاسيما خلال موسم السياحة الصحراوية، حيث راحت تسلّط الضوء من جديد على وقائع استشهاد 11 دركيا في كمين نصبته العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال في جوان المنصرم، بعدما عجزت عن إيجاد ما تستدل به في هذا السياق منذ ذلك الحين، وفي خضم هذه الأحداث حاولت وزارة الخارجية الفرنسية بطريقة غير مباشرة، تلفيق مسؤولية ما يجري في بلدان الساحل على غرار مالي، موريتانيا والنيجر من تردي للأوضاع للسلطات الجزائرية، من خلال إقحام قضية مقتل الرهينة الفرنسية ''ميشال جرمانو''، بعد اختطافه من طرف أتباع أمير كتيبة طارق بن زياد الإرهابي ''أبو زيد'' في أفريل من عام 2010، قصد تغطية فشل ''الكومندوس'' الفرنسي في تحرير الرعية المختطف، بعد الهجوم العسكري الذي شنّته على معاقل تنظيم القاعدة في شمال مالي، والذي لم يسفر عن العثور على الضحية، وتقرر على أساسه إعدام الرهينة شهر جويلية من العام نفسه. واعتمدت الخارجية الفرنسية على مثل هذه الوقائع، إلى جانب احتجاز 5 من رعاياها في شمال مالي، لتدعيم فرضية إمكانية اختطاف السياح الأجانب في الجزائر، حيث أكدّت أن هذه الأحداث يمكن أن تتجدّد في الجنوب الجزائري، خاصّة خلال موسم السّياحة الصحراوية الممتدة بين شهري أكتوبر وأفريل، لتصل إلى ضرب أكثر المناطق إقبالا في الصحراء الجزائرية لاسيما مواقع ''تمنراست'' وواحات ''جانت''، باعتبار أنّ التهديد يشملها هي الأخرى، رغم اعترافها مجددا بالمجهودات التي تبذلها مؤخرا السلطات الجزائرية، من خلال إقرارها بتشديد إجراءات الرقابة ورفع مستوى الحيطة، فضلا عن استعدادها لغلق بعض المنافذ مع الدول المجاورة في حالة الطوارئ.