السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد: سيدتي نور أنا واحدة من المعذبات في هذه الدنيا، لأنّي عشت مقهورة بسبب ظلم والدي وبطش والدتي التي كانت سببا في انحرافي وهروبي من البيت العائلي، حيث انتقلت من قريتنا الصغيرة إلى المدينة الكبيرة حيث الأضواء والسهرات، الحياة الماجنة وعالم لا يتكلم إلا بلغة الجسد، رحلت إلى دنيا الذّئاب البشرية، بعد فترة وجيزة تعرفت على شاب فطلبني للزواج، بعدما أخبرته بمأساتي، فقبلت لأنّني أردت الهروب من حياتي السابقة بأي شكل، ومنذ زواجنا بدأت المشاكل معه ومع أهله، لقد حاولت تغيير الوضع والعيش بدون مشاكل، لكن دون جدوى صبرت، لأنّي لم أكن أريد العودة إلى حياتي السابقة، ومن أجل ابنتي التي رزقني الله بها ما زلت أصبر. سيدتي لقد طفح الكيل وانتهى بي الأمر إلى إصابتي بمرض الضغط الدّموي، ولم أعد أحتمل فلا شيء فيه يصبرني على العيش معه، فعلا زوجي لا يطاق، ولا أدري ماذا أفعل، تراودني فكرة الطلاق، لكن لا أستطيع لسببين الأول، ابنتي والثاني أنه لا ملجأ آوي إليه إن تركت بيتي، علما أن عائلتي تبرأت منّي. سيدتي أرجوك ساعديني، فمصيبتي أكبر بكثير من حجم هذه الأسطر، فحياتي جحيم لا يطاق. الهاربة من جحيم الحياة الرد: قبل كل شيء عزيزتي يجب التذكير بضرورة عدم اليأس من إمكانية حل المشكلة، وتحقيق التفاهم بينكما، ولو بحده الأدنى، فلا تستسلمي للواقع الراهن مهما كان صعبا ومؤلما، وحاولي مرة بعد أخرى لتغييره إلى الأحسن، بكل إصرار وثقة بالنّجاح. إن التّفاهم بين الزوجين؛ هي عملية تتم بين شخصين مختلفين في التفكير والمزاج والطباع، فيتنازل كل واحد منهما للآخر عن جزء من آرائه ورغباته، وهذا ما يمكنهما من العيش سويا بسعادة ووئام. وكلما كان التّنازل أكبر، كلما كان التّفاهم بينهما أسرع، وكان حبهما لبعض أعمق وأقوى، حيث يندفع كل واحد منهما للتّفتيش عن رغبات الآخر ويسعى لتلبيتها، ويحرص كل الحرص على الإبتعاد عما يزعجه ويعكّر مزاجه. قد يغفل الزّوج عن أهمية تعرفه على رغبات زوجته وما يسعد قلبها، وقد تغفل الزّوجة عن أهمية التعرف على رغبات زوجها، وهذا ما يجعلهما يختلفان على أبسط الأمور، وقد تنشأ بينهما مشاكل لأسباب تافهة، وقد تتراكم مع الأيام، بشكل يهدّد حياتهما. لكن إذا كان كل طرف يعرف طريقة تفكير الطّرف الآخر، فإنّ بإمكانهما التّفاهم سريعا على الأمور مهما كانت كبيرة. بالنسبة لك عزيزتي، من الضّروري جدا مراجعة الأمور بشكل هادئ، والتّفكير بها بعيدا عن الضغوط النفسية التي تواجهك، والسعي لتشخيص نقاط الاختلاف بينكما، ومحاولة معرفة السبب الذي يمنعكما من التفاهم، والعمل على إصلاح ما يمكن إصلاحه، حتى لو تطلب منك التنازل مؤقتا عن بعض حقوقك الزوجية، مادام الهدف ترغيبه بالتفاهم، أملا في فتح صفحة جديدة، تطوي المرحلة السابقة بأخطائها وآلامها. عليك السّعي وعدم الاستسلام للواقع، فزوجك إنسان، وكل إنسان لا يمكن التفاهم معه، إلا بفهمه، وكما تنتظرين منه أن يفهمك، لابد من فهمه، كيف يفكّر وماذا يريد، وحينها تستطيعان تحقيق التفاهم بينكما إن شاء الله. قد تقولين أنّك حاولت مليون مرّة، لكن ذلك لا يمنع من المحاولة مجددا، ثقي بالله واطلبي العون منه فلن يخيبك. ردت نور