مرتزقة القذافي يداهمون المنازل للتحصن داخلها وتحويل سكانها إلى دروع بشرية انتقلت ثورة ليبيا، أمس، إلى وسط العاصمة طرابلس، أين استمر دوي إطلاق الرصاص منذ ساعات الفجر الأولى، في منطقة لا تبعد كثيرا عن المكان الذي يفترض أن يتواجد به العقيد الليبي امعمر القذافي. بالموازاة، شنت قوات تابعة لخميس القذافي، نجل الزعيم الليبي، طيلة يوم أمس، قصفا عنيفا على مدينة مصراتة، باستعمال الدبابات، راح ضحيته أطفال ونساء، عندما جرى استهداف منازل المدنيين والمستشفيات ومخازن الأدوية بشكل خاص. وقالت شبكة ''برق'' التابعة للمعارضة الليبية على موقعها على الأنترنت، أمس، إن كتائب أمنية تابعة لنجل القذافي، خميس القذافي، هاجمت أمس، مدينة مصراتة بالدبابات، مستعينة أيضا بقصف جوي، من حين لآخر. وحسب نفس المصدر، فإن عدد الشهداء الذين راحوا ضحايا القصف بلغ حتى مساء أمس، أكثر من 10 شهداء، إلى جانب ما لا يقل عن 50 جريحا كلهم في حالة خطيرة، بسبب إصابتهم بشظايا القذائف بشكل مباشر. وأوضح نفس المصدر، أن طفلين أحدهما في السنتين من عمره والآخر عمره 6 أعوام، قتلوا في القصف، الذي كان الأعنف من نوعه، منذ انطلاق المواجهات المسلحة بين ثوار ليبيا وقوات ومرتزقة القذافي. وأضاف المصدر أن مرتزقة القذافي قاموا بقصف مخزن للأدوية داخل مدينة مصراتة، قبل أن يشب حريق في المخزن سعى السكان إلى إخماده وإنقاذ ما تمكن من الأدوية من التلف. وفي مستشفى المدينة القديم، الذي كان تحت الصيانة والترميم قبل أن يتحول إلى مركز لمعالجة المصابين، تعرض بعض الجرحى إلى قصف بالقذائف الصاروخية والدبابات من قبل ميليشيات النظام الحاكم. كما تواترت أنباء عن قيام الثوار بمحاصرة عدد من الدبابات وعربات المرتزقة في وسط المدينة بعد استدراجهم إليها، لتنشب معارك ضارية بين الطرفين، قبل أن يقوم مرتزقة القذافي بالاعتداء على أحد مساجد المدينة، عبر قصفه. وعلى الرغم من وحشية الهجوم الذي شنته قوات نجل القذافي، إلا أن الثوار تمكنوا ببسالة من صد الهجوم ومنع مرتزقة وكتائب النظام من دخول المدينة وبسط السيطرة عليها، حيث قالت شبكة ''برق'' إن الثوار تمكنوا من أسْر 10 عناصر من ميليشيات نجل القذافي، إلى جانب إعطاب العديد من الآليات العسكرية، منها 4 دبابات أحرقت بالكامل. وعلى صعيد التطورات الميدانية دائما، قالت مصادر متطابقة من ليبيا، إن الثوار تمكنوا من رفع رصيدهم من الطائرات المقاتلة التي تمكنوا من إسقاطها، بعد تدمير مقاتلتين أمس في عمليتين منفصلتين بكل من رأس لانوف وبن جواد، هذه الأخيرة التي شهدت أمس، حرب شوارع بين الثوار والمرتزقة، وصلت إلى غاية منازل بعض المدنيين، إثر قيام المرتزقة باقتحامها والاختباء داخلها محولين أصحابها إلى دروع بشرية. ولعل أهم ما ميز مجريات الأحداث أمس في ليبيا، هو انتقال موجة المواجهات المسلحة إلى داخل العاصمة طرابلس، أين شهدت المدينة منذ الساعات الأولى ل''النهار''، ذوي رصاص متقطع، يعتقد أنه لاشتباكات بالأسلحة الرشاشة بين ثوار ومرتزقة. وفي هذا الإطار، كانت منطقة تاجوراء في قلب طرابلس، مصدر إطلاق الرصاص الذي استمر طيلة نهار أمس. أما في حي فشلوم في نفس المدينة، فقد خرجت مظاهرات مؤيدة للثوار في مصراتة وغيرها من المناطق المحررة، غير أن قوات تابعة للقذافي واجهتها باستعمال الرصاص الحي. أدانت حركة ''الأزواد'' وهي إحدى أكبر حركات ''التوارڤ'' جنوب ليبيا، استخدام القذافي العنف ضد أفراد شعبه، نافية الإتهامات التي وجهت ''للتوارڤ'' من طرف مسؤول في دولة مالي تقول إن القذافي جند بعض شباب الطوارق في شمال البلاد ونقلهم إلى ليبيا، وقام قنصل ليبيا في مالي وهو من ''التوارڤ'' استقالته رسميا. قالت ما يسمى بحركة ''الأزوادية'' وهي تمثل العديد من قبائل ''التوارڤ'' في الصحراء الكبرى ''أن ما يقع في ليبيا هي مجازر يندى لها الجبين ترتكب في حق الشعب الليبي''، الذي خرج فقط في مظاهرات سلمية تطالب بتنحي نظام معمر القذافي، كما نددت الحركة في بيان لها، نشرته مواقع قريبة من ''الطوارق'' بالاستخدام المفرط للقوة ضد العزل من الشباب والنساء والأطفال والشيوخ، مناشدة المجتمع الدولي أن يقفوا وقفة شرف مع ثورة الشعب الليبي وكل المضطهدين في العالم. وجاء في البيان، الذي يعتبر بمثابة رد على اتهامات من دولة مالي قالت بأن ''التوراڤ'' يساندون القذافي، ''الآن يتعرض شعب ليبيا الشقيق إلى الإبادة من قبل من كان يعتقد أنه حام لشعبه وزعيم أمة انبهر به العالم لمدة 24 سنة، ولكن في أقل من أسبوع تبينت الحقيقة كاملة'' واعتبرت الحركة ما يقوم به القذافي عمليات انتقام بائسة من أجل البقاء في السلطة إلى آخر لحظة. وأكدت ما يسمى بالحركة ''الازوادية'' مساندتها للشعب الليبي ومطالبه العادلة في التغير السلمي، معبرة عن وقوفها قلبا وقالبا مع ما وصفته بمأساة الشعب الليبي وتعاطفها معه، كما حثت الحركة الشعب الليبي على أهمية ضبط النفس في هذه اللحظات الحاسمة من تاريخه وعدم ضرب جميع الأجانب في ليبيا بعصي واحدة نتيجة ما يقال من أنباء عن استخدام النظام لمرتزقة في قمع المظاهرات. وسط توقعات بقرب انطلاق احتجاجات مساندة للثوار في الجنوب الليبي سحب لقب ''زعيم التوارڤ'' من القذافي أكد القيادي في حركة شباب ''التوارق'' الليبية، اكلي امشروج، في تصريح خاص ل''النهار''، أن ''التوارڤ'' سحبوا لقب ''امغار الموهاغ'' من القذافي وهي تعني ''زعيم التوارڤ'' واطلق عليه منذ سنوات عندما كان القذافي يعتني بقبائل ''التوارڤ'' المتمركزة في الجنوب الليبي. وأشار مصدرنا إلى أن القنصل الليبي التابع للقذافي والذي كان وسيطا بينه وبين ''التوارڤ'' قدم استقالته وأعلن انضمامه للثوار في خطوة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن القذافي بدأ يفقد أماكن قوته التي كان يراهن عليها في العمق الإفريقي. وعلى الصعيد الميداني، رجح المتحدث أن الجنوب الليبي الذي ظل هادئا طيلة ما مر من عمر الثورة الليبية يترقب أن يعلن اليوم ولاءه للثوار والمجلس الانتقالي الجديد الذي بدأ في مساعٍ لتحقيق اعترافات دولية به كسلطة فعلية في ليبيا بديلة عن نظام القذافي الذي أصبح متمردا رفقة أبنائه وكتائبهم. وأعلنت كتيبة كاملة كانت تحرس المنشآت النفطية في تهالة ومعظم عناصرها من شباب ''التوارڤ'' انضمامها للثوار أمس، إلا أن الجنوب الليبي يعيش عزلة إعلامية خانقة. توعدوا بالزحف على طرابلس واختراق أسوار قلعة باب العزيزية الثوار يكذبون تلفزيون القذافي ويؤكدون سيطرتهم على 3 مدن نفى الثوار في ليبيا، الأنباء التي روج لها التلفزيون الحكومي الليبي، أمس، بخصوص استرجاع كتائب تابعة للحكومة في طرابلس ;السيطرة على مدن الزاوية ومصراتة ورأس لانوف، مؤكدين أنها لا تزال جميعها تحت سيطرة الثوار، وهو ما أكدته وكالات الأنباء العالمية، فيما تحدثت أخبار عن إطلاق نار كثيف قريبا من قلعة القذافي بطرابلس. وكان التلفزيون الحكومي الليبي نقل عن مصدر عسكري قوله إن القوات الحكومية في طريقها إلى بنغازي أكبر معقل للثوار، وفي غضون ذلك نقلت وكالة أنباء ''رويترز'' عن مصادر في المعارضة الليبية أن قوات تابعة للقذافي هاجمت أمس محتجين في بلدة بن جواد شرق ليبيا.وأضاف ذات المصدر أن القوات الموالية للعقيد القذافي المتمركزة في محيط الكلية الجوية خارج مدينة مصراته شرق العاصمة طرابلس انسحبت خارج المدينة، بينما أعاد بعضها التمركز بين مصراته ومدينة زْليطِن القريبة من العاصمة طرابلس، وهو ما يشير -حسب الشهود- إلى إمكانية اندلاع معركة كبيرة على مشارف العاصمة، كما تحدث الثوار عن امكانية شنهم لهجوم كاسح لاقتحام مدينة طرابلس، وذلك بعد التحامهم مع عناصر من المنطقة الشرقية. وأعلن وكيل وزارة الخارجية الليبية خالد قعيم عن أن طرابلس طلبت من الجامعة العربية، إعادة النظر في قرار تعليق مشاركتها في اجتماعات الجامعة، ووصف القعيم في مؤتمر صحفي الوضع الميداني في مدينة الزاوية بالهادئ، وعبر عن أمله في أن تعود الحياة إلى طبيعتها صباح أمس -كما قال. صحافيون أوروبيون يفضحون حكومة باريس بالوثائق فرنسا باعت للقذافي أسلحة وطائرات خلال الحظر الدولي على ليبيا كشف تحقيق صحافي قامت به مجموعة وسائل إعلام فرنسية تجمع 20 ناشرا وصحافيا، عن أن مجموعة ''تالس'' للتسليح قامت بمفاوضات مع العقيد القذافي من أجل تجديد عتادها الجوي في 1999، قبل رفع الحظر عنها في 2004. وجاء في التحقيق، أنه على الصعيد الرسمي، رفضت كل الدول الأوربية التعامل في مجال السلاح مع ليبيا، قبل رفع الحظر عنها في أكتوبر 2004، إلا أن وثائق تمكن موقع ''أوني'' الفرنسي من الحصول عليها، كشفت عن أن فرنسا قامت بتزويد ليبيا بعتاد حربي في 1999 قبل رفع القرار عنها بخمس سنوات، وهو الأمر الذي يتنافى مع القرارات الدولية المتخذة ضد طرابلس آنذاك. وأشار الموقع، إلى أن الوثائق كشفت عن أن الاجتماعات التي انعقدت بين الطرف الفرنسي والليبي، كانت تتم بموافقة الحكومة الفرنسية، التي كان يرأسها ليونيل جوسبان، مع وزير الدفاع الفرنسي آلان ريشارد، بالإضافة إلى ممثل مجموعة ''تالس'' الفرنسية للتسليح، ومن الجانب الليبي حضر الاجتماع الجنرال رحمان السيد، وهو ضابط سامٍ في الجيش الليبي مكلف باقتناء الأسلحة وقطع غيار، للتفاوض حول كيفية حفاظ طرابلس على أسلحتها، وكانت السلطات الليبية تعمل آنذاك على تأهيل عتادها الجوي، حيث أودعت طلبا لدى مجموعة ''تالس''، لتحديث طائراتها المقاتلة من طراز ''ميراج أف1''، وهو الأمر الذي تم فعليا، وأشارت محاضر الاجتماع إلى أن الشركة الفرنسية قامت بتجديد كافة العتاد الجوي لطرابلس، وفقا لرزنامة محددة. وفي جانفي 2004، أي قبل رفع الحظر عن ليبيا ببضعة أشهر، بدأت العلاقات بين الطرف الفرنسي والليبي في مجال التعامل في مجال التسليح، تبدو رسمية بعض الشيء، وهو ما فسر الاستقبال الحار الذي حظيت به وزيرة الدفاع الفرنسي ميشال أليو ماري من طرف القذافي خلال زيارتها في 2005 لطرابلس.