السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد: أنا سيدة تجاوزت الأربعين من العمر، متزوجة وأم لخمسة أطفال، مشكلتي عدم الرضا، نعم لا يرضيني أي شيء في الحياة، ونادرا ما أفرح لشيء، وإن كنت أحزن كثيرا على أمور لم أقم بها بالشكل المرضي، مع أنّي أبذل قصارى جهدي، كان زملائي في الماضي يقولون إنّي مثالية أكثر من اللازم وأعيش في عالم خيالي. والآن أتعامل مع أطفالي بهذا المنطق فأطلب منهم ما قد يكون فوق طاقتهم كأطفال، طلبا للمثالية التي أنشدها، وهذا ما حول حياتي إلى جحيم حقيقي، فأنا لا أضحك معهم ولا ألاعبهم، لا أستطيع أن أمزح معهم، لأنّ المثالية في نظري ليست كذلك. لقد تعبت أختي نور، وأتعبت كل من حولي، خاصّة بعدما أصبحت عصبية، بسبب عدم الرضا عن تصرفات زوجي وعن أمور حياتي، ورغم سوء حالتي المادية، أتحين أول فرصة لأشتري ما هو حلو وآكله في الخفاء ولا أشرك معي أولادي ولا زوجي، ولا أعرف لماذا أتصرف بهذه الطريقة التي تتنافى مع المثالية؟ كما أني دائما أسترجع أحداث الماضي، وأقول لو فعلت هذا أو ذاك لكان حالي أفضل، أظن أن الشيطان يلعب بي، فبداخلي قلق دائم، مع أني واثقة بأنّ الله يساند عبده، ولكني متعبة جدا، فأنا لست جميلة ومع ذلك تزوجت وأنجبت، وهو يرى في هذا الكفاية لي ولحياتي، ولابد أن أحمد الله كثيرا على أنّه تزوجني، مع أنّي أشك أنّه ما تزوجني إلا رغبة في مساعدة أبي المادية والمعنوية له، لأنّه في مركز اجتماعي مرموق. أشعر أختي نور أنّه لا يحبني وأنّ الله قلل علينا الرزق، لأنّه لو كان يملك المال فسوف يتركني لا محالة، فهو يقول إنّه يحبني ثم يفعل كل ما أكرهه، وقد نبهته بالحسنى كثيرا ولكن لا فائدة ترجى، مما أوجد حاجزا بيننا، فرغم عدم قولي شيئا يغضب الله أو يغضبه، لكن بداخلي بركان ثائر من تصرفاته، ينفجر فقط في وجه أولادي، ممّا شاب حياتنا بالعصبية وبالخلافات المستمرة بسبب الأولاد، وإن كان الهدوء المسيطر أحيانا هو الهدوء الذي يسبق العاصفة، ممّا جعلني أتسامح وأتنازل لكي تستمر الحياة دون مشاكل. أنا متعبة..متعبة أرجوك ساعديني. زينب/ المحمدية الرد: يبدو أنّك استطعت تشخيص الكثير من الأعراض التي تظهر على شخصيتك، واعتقدت أن لها دورا في التنغيص على حياتك مع الأبناء والزوج، كما أنك ذكرت الصفات الإيجابية في شخصيتك وفي تعاملك مع زوجك. لذا أرى أنّ في هذا ما يكفي للبدء في إصلاح ذاتك من خلال تدريب النفس على تغيير بعض تلك الصفات التي ذكرتها وأثرت على حياتك، ومنها المثالية في كل شيء وطلب الكمال دائما، مع صعوبة الرضا بما دون ذلك، وهذا من الوسواس. لذلك أنصحك بأن تضعي برنامجا يوميا، يبدأ بالتنازل عن بعض الأشياء والمطالبة بها، سواء مع الأولاد أو مع الزوج، وعليك بعدم الرجوع للمطالبة بما تنازلت عنه، وهناك الكثير من الأشياء التي لا يضر تركها إذا كانت تخفف من التوتر في البيت، حتى وإن كان لا يعجبك ذلك التنازل. عزيزتي، إن النفس يمكن تدريبها على ضبط الإرادة في أي شيء، مثل العصبية وغيرها. من المتوقع أن تحدث هفوات حتى مع التدريب لكن يظل ما تحقق مكسبا كبيرا. أمّا ما ذكرت بشأن الخلافات مع زوجك، فالحياة لم ترق لأحد أبدا، ولكن تذكر الأجر العظيم على الصبر والتسامح، ولا تنسي الإستعانة بالدعاء، فلعل الفرج يكون قريبا. ردت نور