كشف البروفيسور طاهر ريان، رئيس الجمعية الجزائرية لأمراض الكلى، عن قيام مخابر متخصصة في علاج داء السكري، بحملات لتجميع معلومات ومعطيات سرية حول المرضى، تحولها إلى الخارج لاستغلالها في دراسة السوق الخاصة بها. وأوضح البروفيسور في تصريح ل''النهار''، أن المخابر تعمد إلى طلب معلومات تخص السن، نوع المرض المصاب به، السوابق العائلية، وما إذا كان المريض مصابا باعتلالات في العين، الشرايين، أو القلب، والكلى، خاصة أن داء السكري من بين الأسباب الأولى في إصابة المريض بالفشل الكلوي، وأضاف البروفيسور أن نسبة الإصابة تقدر ب30 من المائة من مجمل الحالات التي تعاني من داء السكري، خاصة أن هذا النوع يؤثر على كلى المريض بعد 15 عاما من الإصابة به، مشيرا إلى أن الشق الثاني من الأسئلة التي تكون موجهة للمريض تطلب منه تحديد مدة الإصابة بداء السكري، والسوابق العائلية. وعلى الصعيد ذاته، أفاد البروفيسور، أن المخابر تعمد إلى المتاجرة بالمعلومات مع مخابر أخرى، لاستغلالها في سياستها الترويجية، والدراسات التسويقية الخاصة بها، وتتحجج ظاهريا بتجميع هذا النوع من المعلومات، على أساس مكافحة المرض. إفشاء السّر المهني مقابل تحفيزات مادية...! وفي إطار متصل، قال الأستاذ ريان، إن الأطباء الذين يتعاملون مع المخابر، عادة ما يعمدون إلى تسريب المعلومات الخاصة بمرضاهم، مقابل رحلات سياحية، أو منحهم عينات دواء مجانية أو أدوات مكتبية، وقد يصل الأمر إلى تجديد عيادة الطبيب على حساب الشركة، واشتراكه في مؤتمرات علمية عالمية، تنظّم في الولاياتالمتحدة، أو الصّين. وذكر الأستاذ أن كل ذلك يتم دون أن يقوم الطبيب بإخطار مجلس أخلاقيات المهنة، بالإضافة إلى ذلك، توجه للأطباء المتواطئين مع المخابر دعوات من أجل التكوين، تكون موجهة بالدرجة الأولى إلى الممارسين الجدد، بالإضافة إلى العاميين، الأخصائيين في الطب الداخلي، حيث يتم استقبالهم في ولايات الوطن الداخليّة، على أساس تكوينهم وتدعيم مستواهم المعرفي، للتعريف بالمرض وكيفية علاجه، من خلال استعراض قائمة الأدوية المستخدمة في العلاج، مع التّأكيد على العقاقير التي ينتجها المخبر المنظّم، وتقديم هدايا وتشجيعات لهم، وأضاف محدثنا، أن العديد من الأطباء يتلقون أغلفة مالية هامة في سرية تامة. وأفاد البروفيسور ريان، أن الطبيب لا يحق له إفشاء السر المهني، إلا في حال ما سمح له المريض نفسه بذلك، إلا أن ذلك لا يطبق أبدا، وقال إن هذا النوع من الدراسات التي تزعم المخابر أنها تحت غطاء الدراسة، لابد أن يتم بناء على ترخيص من السلطات الصحية، إلا أن الهدف الحقيقي غير المعلن عنه هو تحقيقات تجارية بحتة. قال إن هذا النوع من النشاطات لابد من أن يصرح به لوزارة الصحة بقاط بركاني: ''المخابر ملزمة باستغلال المعلومات لأغراض عملية فقط'' من جهته، أفاد الدكتور بقاط بركاني، رئيس عمادة الأطباء الجزائريين، بأن هذا النوع من الممارسات التي تقوم بها المخابر، لابد أن يكون في إطار علمي بحت، إلا أن الأغراض الحقيقية للتحقيقات العملية للمخابر، لا يمكن حصرها. وأفاد بقاط في تصريح ل''النهار''، بأن المخابر ملزمة باستغلال المعلومات في البحث العلمي، ولا تملك الحق في استخدامها لأغراض تجارية، لتنافيها مع القوانين المعمول بها. وعلى الصعيد ذاته، أفاد رئيس عمادة الأطباء، بأن الممارسين ملزمون بالاحتفاظ بالسر المهني للمرضى، وأضاف أن الطبيب حر في وصف الأدوية التابعة للمخابر، إلا في حالة واحدة، يمنع عليه التعامل بذلك المبدأ، هو استفادتهم من إجراءات تحفيزية، وفي هذا الشأن، أكد الدكتور أنه يصعب جدا الكشف عن هذا النوع من الممارسات المتنافية مع أخلاقيات ممارسة مهنة الطب، خاصة أنها تتم في سرية تامة، وأن العمادة لا يمكنها التحرك دون وجود أدلة دامغة ضد الطبيب المخالف، واعترف بوجود أطباء يستفيدون من دعم المخابر لحضور تظاهرات عملية في الخارج، دون إمكانية إثبات ذلك.