السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد: أنا شاب من مدينة قسنطينة طالب جامعي في ال 22 من العمر، حالتي النفسية جد سيئة لأنّني رأيت في أول يوم من رمضان ما لا يطيقه البشر، جثث أصدقائي مبعثرة أشلاء هنا وهناك، وذلك إثر حادث مرور، ممّا أسكن الخوف في قلبي وجعل نبضه على غير العادة. لقد هجرني النوم ولم أعد أستطيع حتى الجلوس حول مائدة الإفطار، لأن تلك الصورة لا تفارق مخيلتي، ساعديني أرجوك فأنا الآخر أشعر بقرب أجلي من شدة الآلام التي تنتابني بين الحين والآخر، والتي لا أستطيع معرفة سببها وموقعها بالضبط، اسعفيني سيدتي بالدواء الشافي ولك جزيل الشكر؟ بلال / قسنطينة الرد: إنّك يا بلال تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، ناتج عن هذا الحادث الفظيع، الذي أثر على كيانك وجعلك تعيش الخوف والقلق وقلة النوم، وبعد ذلك أحسست بآلام في العضلات وتسارع في دقات القلب، كل هذا بسبب رؤيتك للجثث والأشلاء المبعثرة. اعلم يا سيدي، أن العلاج من بعد معاناة وزمن طويل أصعب من العلاج السريع، ومن هنا أنصحك بما يلي: اللجوء إلى الله تعالى خاصة في هذه الأيام الفضيلة عند السحور وقبيل الإفطار بالدعاء، فهو الشافي والكافي والحافظ لجميع خلقه، وتذكر أن المؤمن إذا أصابته مصيبة قال إنا لله وإنا إليه راجعون، وعليك بالذكر وقراءة القرآن والدعاء لك ولهم بالرحمة. أنصحك أيضا بمراجعة طبيب نفسي مختص، فهو أكثر شخص مؤهل لوصف الدواء المناسب إذا استدعت الحالة ذلك، من أجل علاج أعراض التوتر والقلق المسببة لعدم الراحة والآلام الجسمية. إنّ الحالات النفسية خاصّة الطارئة تحتاج إلى التدخل المتخصص والعلاج المبكر، فالعلاج النفسي ضروري جدا لما تسببه الصدمة من تأثير نفسي بالغ على الشخص، وفي هذه الحالة لا يمكن للدواء وحده أن يعالجها، بل لا بد من وهنا أخاطبك كشاب جامعي مثقف عدة جلسات للعلاج النّفسي وتغيير الأفكار والتخلص من الارتباط السلبي بالحادث، كما تهدف للتغلب على الآثار السلبية الناتجة عن الصدمة. لذا عليك بتعديل أفكارك واعلم أنّ هذا قضاء الله وقدره، وضرورة الاحتساب عند الله والصبر على ابتلائه، وأن تذكر تلك المأساة هو الذي يسبب لك كل ما تشعر به من تعب واضطراب، لذلك يجب تحويل الانتباه إلى المصادر الأكثر راحة وطمأنينة وعليك بتذكر المواقف السارة التي تنعكس إيجابا عليك، وأن تتذكر وجودك في المسجد وصلاة التراويح في تلك الأجواء الروحانية، التي تعمر قلبك النقي بالإيمان، وعليك بمخالطة الناس والأصدقاء للخروج من عزلتك واستبدال كل المواقف التي تبعث على التوتر والقلق بمواقف أخرى سارة مع الأصحاب الخيرين، وتصدق بما تجود به نفسك الطاهرة، فإن الصدقة تزيل الهم وتشفي المريض. أسأل الله عز وجل أن يريح بالك ويهدئ روعك ويحفظك ويرعاك برعايته آمين يارب العالمين. ردت نور