كشفت التحريات التي باشرتها مصالح الأمن على خلفية دخول ما لا يقل عن 170 حاوية من التجهيزات الإلكترومنزلية بطريقة مشبوهة عبر ميناء عنابة في أقل من أربعة أشهر، أن السجل التجاري المستعمل مسجل باسم شاب في ال 27 سنة من العمر، كان يستخدم كتغطية لتحويل ملايين من العملة الصعبة بطريقة غير شرعية نحو الخارج، انطلاقا من حساب مصرفي مسجل في وكالة بنك فرنسي على مستوى ولاية قسنطينة. وعلمت ''النهار'' من مصادر مطلعة أن مصالح الأمن، فتحت تحقيقا بعد وصول معلومات تفيد بدخول ما لا يقل عن 170 حاوية عبر ميناء عنابة محملة بمحركات مكيفات هوائية لعلامة غير مطلوبة بصورة واسعة في الجزائر وذلك في فترة وجيزة جدا لا تتجاوز 4 أشهر، أي بمعدل قرابة حاوية ونصف يوميا، الأمر الذي أثار شكوك المحققين خاصة أن صاحب هذه الحاويات لم يكن معروفا في الوسط التجاري أو بين كبار المستوردين، ليتم على ضوء ذلك مباشرة التحريات لتحديد هوية هذا الشخص ووجهة المحركات باعتبار أن هذه المعدات غير مستعملة بكثرة من قبل مصنعي المكيفات الهوائية النشطين في الجزائر. وخلصت التحريات الأولية في القضية، حسب نفس المصدر، إلى أن الحاويات التي تم إدخالها عبر ميناء عنابة، كانت مسجلة باسم شاب في ال27 من العمر، تحصل على سجله التجاري أواخر سنة 2010، وهو نفس الشخص الذي ورد اسمه ضمن قائمة من الأشخاص الذين قاموا خلال نفس الفترة بتحويل مبالغ طائلة من العملة الصعبة نحو الخارج بطرق مشبوهة، حيث اتضح أن صاحب السجل قام بإخراج قرابة 30 مليون دولار عبر حساب بنكي انطلاقا من إحدى وكالات بنك فرنسي متواجد في ولاية قسنطينة، أي ما يعادل حوالي 200 مليار سنتيم، بما يرجح استعمال نشاط استيراد محركات المكيفات الهوائية كتغطية لتهريب الأموال الصعبة نحو الخارج، لحساب أشخاص استعملوا هوية هذا الشاب لتحميله كل المسؤولية. ويتزامن التحقيق الذي تقوده مصالح الأمن بميناء عنابة، تضيف مصادر ''النهار''، مع إصدار محكمة الشراڤة إنابة قضائية للتحقيق في عدد من السجلات التجارية لمستوردين بولاية العاصمة ومراقبة مدى صحتها، التي قادت لحد الساعة إلى اكتشاف عشرات الملفات المزورة التابعة لتجار على مستوى الحميز، واد السمار وجسر قسنطينة، حيث تم استخراجها بناء على أسماء أشخاص مجانين وحمالين وسذج ينحدرون من ولايتي المدية وعين الدفلى. وتأتي هذه القضية في أعقاب الضربة التي وجهتها مصالح الأمن مؤخرا لبارونات تهريب العملة الصعبة نحو الخارج انطلاقا من الجزائر تحت غطاء الاستثمار أو الاستيراد و التصدير، على غرار شبكة المتعاملين السوريين الذين تم الإطاحة بهم عبر ولاية الجزائر، إثر تورطهم في تهريب حوالي 19 مليون دولار، بحجة استيراد عتاد خياطة لإقامة مشروع ورشة خياطة، قبل أن يتضح أن العتاد مغشوش ولا يصلح للاستعمال، وإنما تم إغراق السوق الوطنية به كتغطية لتهريب العملة الأجنبية والتستر على نشاطاتهم المشبوهة.